عندما خرج شباب العراق الثائر في الاول من تشرين الاول ٢٠١٩ في مظاهرات عارمة هزت عرش السلطة الفاسدة في بغداد ونالت اعجاب العديد من دول وشعوب العالم المتقدم كانت من اجل مطالب حقة ونبيلة وهي اعادة الحقوق الى اهلها بعد ان ( سرق الفاسدون كل شيء من اموال مخصصة للبناء واعمار البلد وكذلك احتكارٍ للوظائف للاهل واقرباء والاحباب ) ورب سائل يسأل وما هي هذه الحقوق ؟ هذه الحقوق هي اولاً التوزيع العادل للثروات على جميع ابناء الشعب العراقي من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ( وان كان البعض ينسب الثورة الى اهل الوسط والجنوب الا ان جميع ابناء الشعب العراقي ناقمين على سياسي ما بعد عام ٢٠٠٣ ) وهذا التوزيع العادل للثروة يتمثل في سكن لائق بالمواطن العراقي وشارع مبلط ومجاري لتصريف المياه الثقيلة ومستشفى نظيف ومدارس نموذجية ومعاهد وجامعات متطورة ليست بالضرورة ذات مستوى علمي متقدم وكذلك الخدمات العامة من الكهرباء والاتصالات والتعليم والعلاج والتوظيف وكذلك وسائل الترفيه من حدائق عامة ومولات وما الى ذلك مما يحتاجه الانسان في عالم اليوم في ابعد قرية في الناصرية والعمارة والقائم وربيعة وزاخو ومندلي …. الخ من مدن وقرى العراق الخربة والتي يبدو كأنها تعيش في القرون الوسطى وليس في القرن ٢١ !!!!
هذه المطالب الحقة في حياة حرة كريمة جوبهت بعنف وقسوة بالغة واتهامات شتى واصبح المواطن العراقي في حيرة من امره امام هذه الجهات والمحاور والتقاطعات والاجندات المتصارعة على ارضه والمعتاشة على ثرواته وبدلاً من ان يكون هو سيد الموقف وصاحب الحجة على من في السلطة وخارجها اصبح متهماً باتهامات شتى وقطعاً هذه الاتهامات ومن يطلقها هم ممن كان يستظل ويأتمر باصحابها ويعمل باجنداتهم يوماً ما ولكن انفضت الوليمة وانقضت الصحبة على الباطل لتخرج الى العلن فضائحهم وقداراتهم النتنة.
ان المتظاهرين عندما صعّدوا من مطالبهم في الغاء العملية السياسية الحالية او تصحيح مسارها والدعوة الى تشكيل مفوضية للانتخابات مستقلة ونزيهة تدعو الى اقامة انتخابات مبكرة الا لايمانهم بأن من في السلطة الحالية فاسدون وغير مؤهلين لهكذا مهام متمثلة بسلطة قادرة على تقديم قتلة المتظاهرين الى القضاء من الطرف الثالث واطلاق سراح المعتقلين منهم والبدء في تنفيذ سياسات جديدة فيما يخص القضاء على الفساد وتوزيع الثروة بشكل عادل على الجميع والقضاء على الجماعات الخارجة عن القانون وهذا الامر يتطلب سلطة شجاعة وحازمة وعادلة تحكم الجميع وفق القانون.
لا ذنب للثوار او المتظاهرين او المحتجين فيمن يتصيد بالماء العكر او يحاول ان يركب الموجة او ممن يخفي اجندة معينة ما فمن خرج مطالباً بحقوقه وحقوق اطفاله وشعبه لم يخرج بطراً ولا اشراً وانما خرج لان الضيم اصابه والفقر قد افقده كل شيء ولم يعد لديه ما يخسره او يخاف عليه لذلك فهو صاحب حق وحامل مبدأ فلا يهمه ما يقول او يفعل الاخرين وما يخفون من اجندات.
احتج ساسة السلطة الفاسدون واحزابهم القذرة على المتظاهرين الرافضين لبقائهم في السلطة انهم منتخبون وانهم استلموا السلطة عبر عملية سياسية ديمقراطية وعبر شرعية صناديق الانتخاب وان من يريد ان يتولى مقاليد السلطة عليه ان يمر عبر طريق الشرعية هذا وهو كلام حق يراد به باطل لذلك هم يحاولون منذ اشهر مضت اللف والدوران على القبول بالواقع الجديد ويحاولوا تقديم اسماء جديدة لقيادة الحكومة ( ابتدأت بعلاوي والزرفي والكاظمي حالياً ) ونحن مع ذلك نؤيد هذا الاسماء ونتمنى لها التوفيق فهم في نهاية الامر ستنتهي بهم الفترة التشريعية وسيعودوا لمواجهة الجماهير الرافضة لبقائهم فعلى الثوار تهيئة انفسهم وكوادرهم وكفاءاتهم من الان وتهيئة برامجهم السياسية الواقعية للدخول وبقوة الى الانتخابات القادمة فالوقت ينفذ ويمر بسرعة وعليهم ان يدركوا ان المنافسة ستكون شرسة لان من تقلد السلطة وتلذذ بمنافعها يخاف ان يفقد كل تلك المنافع كما انه يتحسس حبل المشنقة وهو يلتف حول رقبته جزاءاً عادلاً بما ارتكبه بحق العراق والعراقيين وان ذلك ليس على الله ببعيد.
اذن الثورة والمظاهرات والاحتجاجات سموها ما شئتم باقية وهي تدخل مرحلة الكورونا لالتقاط الانفاس واستعادة المبادرة فحتماً انها ستعود اقوى وافضل تنظيماً واكثر عدداً من قبل وما ضاع حق وراءه مطالب.
الرحمة والخلود لشهداء ثورة تشرين العظيمة واسكنهم الله فسيح جناته والصبر والسلوان لاهليهم ومحبيهم.