أعلن الرئيس العراقي برهم صالح تكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي لرئاسة الحكومة بعد وقت قليل من تقديم رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي اعتذاره عن عدم تشكيلها -وتعهد الكاظمي فور تكليفه بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في مقدمة أولوياتها، وتصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق، وتعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام – و أمام الكاظمي ثلاثين يوما لتشكيل الحكومة التي ستكون مؤقتة ومهمتها الرئيسية التحضير لانتخابات مبكرة
وكان الرئيس صالح قد رفض في اوقات سابقة تكليف عدد من المرشحين تقدم بهم جمع من النواب في البرلمان العراقي عن كتلة البناء التي تعتبر نفسها هي الكتلة الاكبر والمختلفة في تسميتها ، وهم كلّ من وزير النفط الأسبق إبراهيم بحر العلوم ، ووزير التعليم العالي في الحكومة المستقيلة قصي السهيل عن ائتلاف دولة القانون ومحمد شياع السوداني وزير العمل السابق وكذلك اسعد العيداني محافظ البصرة و مصطفى الكاظمي الذي يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات،، والدكتور علي شكري وزير التخطيط السابق وكبير مستشاري ديوان الرئاسة الحالي وهكذا كانت بورصة السياسة مستعرة وعلى اشدها في تداول أسماء عدة، بعضها كان جديا، وأخرى كانت اوراق للحرق لاستبعادها وبعد شد وجذب طويل خرج محمد توفيق علاوي على غيرالمألوف قبل التكليف الرسمي في خطاب مصور على شبكات التواصل عن تكليفه برئأسة مجلس الوزراء، ليتحدث عن أنه كلف بالمنصب من قبل الرئيس برهم صالح، ودعى الشعب العراقي للوقوف إلى جانبه من أجل انجاز المهمة الموكلة اليه ، وطالب الاستمرار في التظاهر حتى تحقيق جميع مطالبهم، كما تعهد بمحاسبة القتلة وتعويض أسر الشهداء وتحديد موعد للانتخابات المبكرة ومحاربة الفساد – ثم كلف عدنان الزرفي
إن تكليف الكاظمي هو الثالث بعد محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي خلال خمسة أشهر منذ استقالة عادل عبد المهدي تحت ضغط الاحتجاجات،و تبدو حظوظ الكاظمي قوية هذه المرة بعد حضور مراسيم التكليف من قِبل معظم الكتل السياسية الشيعية ومن بينها “سائرون” التي يتزعمها مقتدى الصدر ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي وكتلة “المشروع العربي” برئاسة خميس الخنجر ورئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس المحكمة الاتحادية
وكانت 5 كتل شيعية هي تحالف الفتح، ودولة القانون، وتيار الحكمة، وكتلة النهج الوطني، وكتلة الفضيلة، رفض الزرفي لتشكيل الحكومة وقدمت اسم الكاظمي كمرشح متفق عليه بداله- ويأتي هذا التغيير في المواقف من الزرفي بعد أسبوع من زيارة قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، إسماعيل قاآني، العاصمة العراقية بغداد لأول مرة منذ توليه منصبه الجديد خلفا لقاسم سليماني – وقال مسؤول عراقي في وقت سابق لوكالة أسوشييتد بريس إن قاآني أكد في الاجتماعات التي عقدها في بغداد أن إيران لا تريد أن يتولى الزرفي رئاسة الحكومة العراقية
وكشفت مصادر عراقية أن قبول هذه الأطراف بالكاظمي، يأتي على مضض أيضا فقد رفضت ترشيحه في السابق، عبر اللجنة السباعية بسبب تشدده في موضوع حصر السلاح بيد الدولة في بلد تنتشر فيه الميليشيات الموالية لإيران ,, وفي أول تعليق عقب تكليفه، قال الكاظمي في تغريدة على تويتر: “مع تكليفي بمهمة رئاسة الحكومة، أتعهد أمام شعبي الكريم، بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في أولوياتها، وتصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق، وتعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد إلى الأمام
قد تكون الأزمة المتصاعدة بين الولايات المتحدة وحلفائها من جانب وإيران وأذرعها الإقليمية من جانب آخر، واحدة من أخطر التحديات التي تواجه النظام السياسي العراقي منذ تشكيله بعد احتلال العراق عام 2003، حيث سيكون على قوى سياسية غير متجانسة ومختلفة الولاءات والمرجعيات أن تتخذ قرارات موحدة تجاه التعامل مع الصراع الراهن
إن الظاهر في المشهد السياسي العام، أن القيادات العراقية الرسمية ممثلة برئاسة الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء، ثم رئيس مجلس النواب، ركزت كلها في ردود أفعالها وفي خطاباتها الرسمية على ضرورة إبعاد العراق عن أية محاور للصراع الدولي والإقليمي، وبخاصة بين حليفي العملية السياسية، أميركا وإيران، لكن ذلك لم يمنع من ظهور تيارات ومواقف لدى بعض أطراف هذه العملية بعضها صبَّ نار غضبه تجاه واشنطن وإسرائيل وحتى المملكة العربية السعودية، فيما وجد آخرون أنها فرصة مناسبة لتحجيم الدور الإيراني في بلادهم وتمكينهم من إحداث التوازنات المفقودة في موازين القوى السياسية والمسلحة التي كانت وما زالت تميل لصالح الأحزاب والكتل والميليشيات المدعومة من قبل إيران
ولعل الحالة العراقية، وخلال أكثر من 17 سنة من التجربة المريرة في إدارة الحكم، عكست أنماطًا كثيرةً من حالة عدم الاستقرار السياسي، وأبرزت بدلًا عنه ظواهر صراع داخلي كان من بين مؤشراته تفاقم الأزمات الداخلية، وانتشار الفساد، وضعف مؤسسات الدولة، وتعدد مراكز القوى وسلطات القرار، وهيمنة قوى خارجية، وتعزيز سلطة الميليشيات المسلحة وتحكمها في المشهد السياسي والأمني
إن وجود التأثير المباشر للولايات المتحدة وإيران في الحراك السياسي العراقي جعل من الصعوبة بمكان توحيد الجهد العراقي للخروج من عنق الزجاجة الذي وُضِع العراق فيه بعد الاحتلال الأميركي له؛ وكان للأحزاب السياسية ذات الصبغة الدينية الطائفية الملامح الأبرز في إدارة التخبط وعدم المنهجية في رسم سياسات الدولة، تحت دعم ومساندة ثم تحكم هذا الطرف أو ذاك في خط سيرهم السياسي والتنظيمي داخل العراق، ومع وضوح التجربة وتكرار المواقف بات المواطن العراقي البسيط يعلم بوضوح ماهية كل حزب من هذه الأحزاب ودرجة ارتباطه بإيران أو بالولايات المتحدة وكذلك الدول الإقليمية الأخرى العربية منها أو غير العربية والتي لا تتقاطع كثيرًا مع التوجه الأميركي أو الإيراني
نريد عراقا مستقلا يعمل وفق ما تقتضيه مصالحه ويستوجب من جميع المكونات والشخصيات والمسؤولين التلاحم والتكاتف ليصبح العراق قويا يسود فيه الامن والأمان ونتمنى ن تقرر جميع أطياف الشعب مصيرها بنفسها من خلال التكاتف والتلاحم العراق مستقل وقراره بيده وله مصالح ونحن ندعم المواقف العراقية بالانفتاح مع الاسرة الدولية وجيرانه، و ان تعمل حكومتنا على أساس مصالحها وأهدافها الوطنية,, وان يكون كل الشعب العراقي متحدا فيما بينه.