18 ديسمبر، 2024 11:21 م

هل سينجح ثالث المرشحين؟

هل سينجح ثالث المرشحين؟

على الرغم من مرور اكثر من اثنين وعشرين عاما على رحيل جدي، الرجل الكبير الذي انهكته عثرات الدنيا او “المغطايات” كما كان يفضل تسميتها، والتي سجلت رقما قياسيا باستشهاد والدي “ابنه البكر” في حربنا مع الجارة ايران، فان كلماته ما زالت تدور في مخيلتي ولعل واحدة منها كان يرددها حينما يغضب “بلا بوش”، التي لم ادرك معناها في وقتها رغم تحقق “البلاء” في حرب الكويت وسنوات الحصار “العجاف” ، ليكون دخول القوات الأمريكية الى بغداد وإعلانها الاحتلال في العام 2003، التفسير الأكثر وضوحًا للكلمة التي كان يرددها جدي.
فنحن نعيش هذه الايام الذكرى السنوية “لبلا بوش” في التاسع من نيسان التي تزامنت مع تكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة ليكون ثالث مرشح منذ استقالة رئيس الوزراء الغائب طوعيا عادل عبد المهدي، في محاولة للخروج من “ازمة” عدم اتفاق القوى السياسية على شخصية تتولى ادارة الحكومة لحين اجراء الانتخابات المبكرة، كما يدعي اصحاب النفوذ والزعامات الذين وجدوا في الكاظمي الذي وصل الى منصب رئيس اعلى جهاز امني في الدولة “بالصدفة” المرشح المناسب لهذه المهمة، ليس لكفاءاته، ابدا، انما لازاحة المكلف السابق عدنان الزرفي الذي تتهمه قيادات القوى الشيعية بقيادة مشروع امريكي يهدد “امن وسلامة” البلاد والعباد، بسبب مواقفه الرافضة لسياسة الفصائل المسلحة بتغييب سلطة الدولة.
لكن.. تلك الحجة اصبحت ضعيفة حينما وصل مصطفى الكاظمي الى قصر السلام بمباركة “الزعامات” وقادة القوم، لسبب واحد، تتلخص عباراته بان الكاظمي ينحدر من الجهة التي تبنت مشروع الزرفي وهي تحالف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي، كما انه مشترك بالتهمة ذاتها في التعامل مع المشروع الامريكي فبعض الفصائل ترى ان المكلف الجديد متورط بعملية اغتيال الحاج ابو مهدي المهندس وقائد فيلق القدس الايراني قاسم سليماني، لكنها توقفت عن اطلاق تلك الاتهامات قبل ساعات من عملية التكليف، ليثبت حقيقة واحدة مفادها ابعاد الزرفي مهما كان الثمن، وخاصة بعد زيارة قائد فيلق القدس الجديد اسماعيل قاآني الى بغداد واجتماعه بالخط الاول من قيادات القوى السياسية الشيعية التي طالبها بمنع وصول “المعادين” لايران لمنصب رئاسة الوزراء.
ومثل كل مرة يعلن عن مكلف جديد لرئاسة الحكومة خرج المداحون بادواتهم الدعائية ووصفه بالمنقذ الذي يمتلك المشروع الذي سيعيد السيادة للبلاد ويعوض خسائر السنوات السابقة ليعيش المواطن “المغلوب على امره” حياة النعيم والرفاه كما في العديد من دولة العالم، متجاهلين بان السيد المكلف الذي وصل لجميع مناصبه بتزكية من شخصية مقربة من زعامات القوى الكردية قدمته كصديق مناسب يمكن الاستفادة من خدماته وخاصة صلة القرابة التي تجمعه بالعبادي التي استغلها في اول فرصة من خلال ترشيحه لمنصب رئيس جهاز المخابرات في العام 2016، حينما كان زعيم تحالف النصر رئيسا للوزراء، لكن تلك الفرحة لم تستمر طويلا حتى خرج علينا زعيم عصائب اهل الحق ليبلغنا بان اختيار الكاظمي جرى بطريقة “ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، والسبب رغبة العصائب ببقاء عبد المهدي واعلان حالة الطوارئ لحين انتهاء ازمة كورونا وتداعياتها”.
لترى بعدها كتائب حزب الله بان الفرصة مناسبة للعودة لتهديداتها، التي صمتت عنها لساعات عدة “مجبرة”، لتبعث برسائل لجميع القوى السياسية بان اختيار الكاظمي “مؤامرة وإعلان للحَرب عَلى الشّعبِ العِراقيّ”، يجب الوقوف ضدها ورفضها لكونها “صفقة مشؤومة”، لتخبرنا بلسان فصيح بانها “لن تتوقف عن ملاحقة المتورطين بدماء الشهداء وقادة النصر، ولن يهدأ لها بال حتى تراهم خلف قضبان العدالة”، لكننا لا نعلم ماهي نوع “العدالة” التي تسعى كتائب حزب الله لتحقيقها، في وقت يعيش “عباد الله” معاناة غياب الحكومة التي تخدم مواطنيها وتوفر لهم البدائل في مواجهة الازمات، ليجد الكاظمي الذي تعهد في اول خطاب له، “بحصر السلاح بيد الدولة باجراءات حاسمة تنفذها القوات الامنية” امام اول اختبار قد يعجل بالتحاقه بالمكلفين السابقين، لان الهدف من اختياره “كسب الوقت” للابقاء على “مدلل الفصائل”.
الخلاصة… ان بعض الفصائل المسلحة تعيش “عصرها الذهبي” منذ وصول عادل عبد المهدي لمنصب رئيس الوزراء ولن تسمح باستبداله وستستمر بايجاد المبررات لرفض جميع المرشحين تحت جميع العناوين ومنها “اكذوبة” الكتلة الاكبر التي تتحكم بها “فوهات البنادق” وليس اجماع الفضاء الوطني الذي يعتبر من إنجازات “بلا بوش”،… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… هل سينجح ثالث المرشحين بكسر حاجز الفصائل؟…