المرجع الحيدري في القسم الخامس من سلسلته التي تعرض من على شاشة قناة الكوثر الفضائية ضمن برنامج ” مطارحات في العقيدة” يحاول ان يدرس كيف دخلت الروايات الموضوعة والملفقة الى داخل الموروث الروائي السني ومنه الى الى داخل الموروث الروائي الشيعي وذلك بدراسة واحد من ابرز الرواة السُنه وهو الصحابي أبو هريرة. فيذكر ان أهم شخصية في مرحلة ما قبل عصر التدوين وهي الفترة من وفاة الرسول الأعظم الى حوالي سنة 143 هج هي هذه الشخصية الصحابية والتي دخلت الإسلام في أواخر عهد الرسول ورغم ذلك فلقد روى أكثر بكثير من مجموع الصحابة الكبار من الذين رافقوا الرسول حتى قبل بعثته الشريفة مثل الخلفاء الأربعة مجتمعين ومضاف لهم كل زوجات الرسول بما فيهم أم المؤمنين عائشة.
يذكر الحيدري بعض الأرقام مستندا الى بعض الكتب المحسوبة على السنة ان مجموع ما رواه أبو هريرة مما حوته مصادر الحديث السنية يبلغ 5374 حديثاً بينما ما تحويه نفس هذه الكتب عن الخليفة الأول بلغ 142 وعن الخليفة الثاني 537 وعن الخليفة الثالث 146 وعن الزبير بن عوام 10 وعن عبد الرحمن بن عوف 9 وهكذا . ويذكر أيضا ان أبو هريرة لم يروي بكثرة في عهد الخلفاء الثلاثة الأوائل بينما نشط في فترة الفتنة الكبرى بالخصوص في عهد بني أمية. ثم يتابع ليكشف من خلال رواية صحيحة بشرط الشيخين مذكورة في المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري من أين تعلم وتتلمذ أبو هريرة واخذ الكثير من أخباره وعلومه وهي من كعب الأحبار اليهودي اليمني الذي اسلم في عهد عمر وانتقل ليعيش في المدينة بعدها ، واستنادا لكتاب أضواء على السنة المحمدية أو دفاع عن الحديث، تأليف محمود أبو ريه ان كعب الأحبار ” كان ملازما لعمر لا يفارقه، وكان معه في فتح القدس ثم تحول إلى الشام” حتى انه اخذ يدّرس في مسجد رسول الله في زمن الخليفة الثالث ولا احد يمنعه ، وينقل الحيدري قصة من كتاب الطبقات الكبرى لأبن سعد من انه كان يدّرس في مسجد الرسول وبين يديه سفر من أسفار التوراة يقرأ منه. ثم يذكر السيد استنادا لكتاب ضحى الإسلام لأحمد أمين ان مجموعة أخرى قاموا بنفس ما قام به كعب الأحبار مثل وهب ابن المنبه النصراني الفارسي وعبد الله بن سلام وهؤلاء وغيرهم نقلو معلومات وأخبار من التوراة والإنجيل الى التابعين مثل ابن جريح وهؤلاء بدورهم نقلوها الى تابعي التابعين وهكذا، وانهم وضعوا روايات حتى في تفسير آيات القران، حتى جاء عصر التدوين و عصر كتابة تفاسير القران الكريم فاستند كتابها الى هذه الروايات وغيرها لتفسير آياته وشرحها وهكذا دخلت الإسرائيليات الى عالم المسلمين وتقبلوها بدون تحقق وتمحيص . وهنا يؤكد الحيدري وجود مثل هذه الروايات ومثل هؤلاء الأشخاص في تاريخ وفكر الشيعة أيضا فيقول “في الموروث الشيعي أيضا يوجد من هذا القبيل أنه كان هناك من القصاصين والغلاة والكذابين، باعتقادهم لتقوية عقيدة الشيعة، كانوا يكذبون على الأئمة أو على رسول الله فيضعون أحاديث حتى يقوي عقيدة الشيعة، كما الآن نجد على بعض المنابر الشيعية تقول لهم من أين هذا يقول جيد هذا يقوي عقيدة الشيعة، والله هذه الغاية تبرر الوسيلة أول من ابتدأها في عصر ما قبل التدوين”.
من هذه التفاسير الأولى التي ظهرت كان تفسير ابن جرير الطبري 224-310 هج ، ونتيجة لبعده عن عصر الصحابة والتابعين فيحتم ذلك أخذه لمعلومات كتابه من المصنفات الحديثية التي صنفت في بداية عصر التدوين أي ما بعد 143 هج أي من كتب الصحاح وغيرها وهكذا نعرف كيف الطريق الذي سلكته مثل هذه الروايات الإسرائيلية لكي تصل الى تفاسير القران. وهنا يشرح الحيدري كيف وصلت الى الموروث الشيعي فيقول “تعالوا معنا إلى التبيان في تفسير القرآن لشيخ الطائفة الطوسي، الذي وفاته 460 من الهجرة، يعني حدود 150 سنة بعد الطبري، كثيرا من الآراء التي استند إليها في تفسير الآيات القرآنية، استند إلى ما يقوله أبو جعفر الطبري، يقول: ذكر الواقدي وأبو جعفر” والذي قصده شيخ الطائفة الطوسي بابو جعفر هو جرير الطبري. بعد ذلك جاء المفسر الشيعي المعروف الشيخ الطبرسي وتفسيره مجمع البيان في تفسير القران والذي اعتمد على تفسير الشيخ الطوسي ونقل عنه روايات أبو جعفر معتقدا ان المقصود به هو الإمام أبو جعفر الباقر وهو الأمام الخامس عند الشيعة وليس أبو جعفر الطبري، ولهذا ظهرت في الطبعات الحديثة من كتابه كلمة ” عليه السلام” بعد أبو جعفر وهنا يشك السيد بان ذلك من وضع المحققين الذين حققوا كتاب الشيخ الطبرسي بشكل غير علمي وغير دقيق.
يختم الحيدري بكلام فيقول ” النتيجة يصعد أهل المنبر عند الشيعة والخطيب عند الشيعة والمفسر عند الشيعة وغيرهم ويقول قال الإمام الباقر كما جاء في مجمع البيان، والناس يقولون هل الطوسي والطبرسي لا يحققون وفقط السيد كمال الحيدري يحقق، وقد راجعت عشرات الموارد التي هي آراء أبي جعفر الطبري المأخوذة من روايات البخاري المنقولة عن أبي هريرة المنقولة عن كعب الأحبار وإذا هي في ثقافة العقل الشيعي عن الإمام الباقر. كلها لعدم التحقيق أو لعدم المراجعة. سآتي بشواهد لأنه هناك بالحرف يقول قال رسول الله وهي نص الأحاديث التي نقلها كعب الأحبار، ولكن هو إذا كان يريد أن يقول قال كعب الأحبار لا يصدقه أحد، فنسبها إلى رسول الله”.
يتأسف الحيدري في الختام على الذين يهاجموه من الشيعة ويقول ” افترضوا شخص الآن من خارج مدرسة أهل البيت عنده هذه التساؤلات لكم يا علماء الشيعة، يا خطباء الشيعة، يا منبر الشيعة يا مراجع النجف عنده هذه الأسئلة لكم، أنتم الآن تسمون أنفسكم من مراجع الدين بينكم وبين الله أنا عندي تساؤلات أجيبوني عن تساؤلاتي إن لم تستطيعوا أن تخرجوا وتتكلموا لأي سبب كان، ابعثوا بتلامذتكم الذين ربيتموهم لمدة 40 و70 و90 سنة في الحوزات حتى يجيبوا على تساؤلاتي، أنا أدعي أن الكثير من الموروث الروائي الشيعي هو مدسوس ومنقول إلينا من كعب الأخبار من اليهودية والنصرانية والمجوسية حتى تفسير القمي، تقول حتى تفسير القمي الذي هو من أصح الكتب التفسيرية؟ سأثبت لكم عدد الروايات التي نقلت من الطرف الآخر بعنوان أنها تفسير الشيعة، طبعا هذا تفسير القمي وما أدراك ما تفسير القمي، هذا الكتاب الوحيد الذي صحح كل رواياته سيدنا الأستاذ السيد الخوئي، ولكن مع ذلك هذا الكتاب فيه من الدس والزور والغلو والكذب والاختلاق ما شاء الله، تقول سيدنا يعني ما التفت السيد الخوئي، أقول هذا بحث علمي، البحث العلمي شيء لا يوقف على شخص.”
وهكذا يحاول السيد في هذه المحاضرة ان يثبت كيف دخلت الإسرائيليات وأفكار وعقائد الأقوام والأديان الأخرى الى داخل الموروث الحديثي السني ومنه الى الشيعي وذلك من خلال كعب الأحبار اليهودي اليمني وأمثاله عن طريق الصحابي أبو هريرة وأمثاله وصولا الى كتب الحديث السنية ومنها الى كتب التفسير السنية ومنها الى الشيعة.
ومن يريد قراءة كامل النص فهو موجود على موقع المرجع الحيدري على الرابط التالي:
http://alhaydari.com/ar/2013/07/49332
مطارحات في العقيدة
من إسلام الحديث إلى إسلام القرآن
القسم الخامس