18 نوفمبر، 2024 3:49 ص
Search
Close this search box.

صيحةٌ بعدَ التخدير

صيحةٌ بعدَ التخدير

المُخَدِراتُ مِنَ المَمْنوعاتِ ,يُحاسِبُ عَليْها في القانون العراقي وغيره من البلدان. وذلك لتأثيراتِها السَلبيةِ على الجميع ,فما أنْ يَنْتَهيَ مَفْعولُ المُخَدٍرِ, يَحْصَلُ الضَرَرِ الأكيد. فترى الشَخْصَ كأنًهُ مُصابٌ بالإحباطِ والهستريا ,أو الجُنون ,ولكِنْ هُناكَ نَوعٌ مِنَ التَخديرِ النفسي يَستَعمِلهُ بعضُ الساسةِ, وخصوصاً الحكوماتِ السياسيةِ الًتي تَسْعى لإدامةِ وجودها ,مُحاوِلةً وَضْعَ الشعوبِ في دوامةِ الانتظارِ المستمر, مُتَرَقِبٌ لما يطمحُ لَهُ مدى الدهر.وتَختلفُ هذهِ الأساليبُ حَسْبَ مُعطياتِ البَلَدْ ونوعُ الأمنياتِ ,والطَلباتِ والحقوقِ الشعبية ,وكلُ مرحلةٍ لها ما يُناسِبُها من النوعيةِ والكَمٍيه .إلا في العراقِ فإن أنواعَ التخديرِ لا تَنْتَهي , كَونَ سَبَبِ عَدَمِ تحقيقِ أيً شيءٍ للمُواطِن.حَرْفُ السِينِ مِنَ المخدراتِ, اسْتَهوى ساسَتنا وَحُكامُنا ,فَوَجَدوهُ العلاجَ الناجِعَ لِكُلِّ مَطْلَبْ, وعلى سبيلِ المِثالِ لا الحَصْر:سَـ نُسْعِدُ الجَميع وِسِنُوفِّرْ, وما إلى ذلك .لقد عَرفَ العالمُ موسماً للكذبِ في أولِ نيسانْ ,إلا في العراق, فَقَدْ أصْبَحَتْ عامَةّ شاملةً ف كُلِّ ساعةٍ ,تِفِنَّنَ الحُكامُ في استعمالِها بالأُسلوبِ والتوقيت.يُريدونَ الولاء ,وَبِلادُنا تَقْطُرُ بالدِماء ,وللمُضَحِينَ فقدانٌ للوَفاء ,نَرْجِعُ للحَرْفِ المُهين فَنَجِدُ الوُعودَ ,كالرُعُود, تجعلُ الشَعْبَ قُعودْ ,سَنَبْنيَ الأبراجْ, ونَرْفَعَ الإحراجْ, سَيّارةٌ تنفجُر في “الكراج”فيُصَرِّحُ المسئول:إنها صَوتيةٌ بلا بارود و سَنُسَيطِرُ على الحُدود.وتأتينا الوعود وكأننا هُنود, كما في المثل المعهود,كلامٌ مستمرٌ لإثباتِ الوجود ,دونَ خَوْفٍ مِنَ اليومِ الموعودْ.فَبِلادُنا مَليئَةٌ بالسارِقين ,الناكِثينَ والمارِقِين ,وكأنَّ شَعْبَنا مِنْ جُزُرِ “الواق واق”أيْنَ نَحْنُ مِنَ الهنود؟ فقدْ بَنَو وعَمَّروا ,تطوروا ,مصانعٌ , زراعةٌ ,تصديرٌ,دراساتٌ .ونحن’أصحابُ الحضاراتِ شَبابُنا في “بومباي” يأخُذونَ الشهادات ,لجَميعِ الاخْتِصاصات
.في العراق, نَبيعُ المَصانِعَ ,نُجَرِّفُ الأرْضَ وَنُزَّوِّرَ الشهادات .بِلادُنا لا يوجَدُ فيها إلا السَرقات لِمَنْ لا يُريدُ المُعاناة ,ولا حِساب. سَنُوَزِّعُ الأراضِيَ لِلْفقراء ,ولا نَرجِعَ لِلْوَراء ,وما الكلامُ سِوى هراء,فَشِباكُ المواطِنِ مَليئةٌ بالهَواء , هل خَلتْ بِلادُنا مِنَ العُلماء؟فَيَحكمُنا الجُهلاء ,ألا يوجد مختصون وحُكَماءْ؟هَندسةٌ ,تقنيون ,خُبَراءٌ مهنيُّون ,قادة عسكريون حقيقيون؟لا أمان وخدمات ,فشلٌ مُسْتَمِرٌ ونارٌ تَسْتَعِرْ, وجُلودٌ تَقْشَعِرْ,وَحُكومَةٌ تُعْطي الوُعود,خِطاباتٌ ,تَتْبَعُها آهاتٌ وَوَيْلات. وفودٌ ,لِجانٌ وضَياعُ مِليارات ,رَواتبٌ وامتيازات ,ولا يجد المواطن غير الموت ,وسوادٌ وبناءُ للسرادُقات ,لِقراءةِ الفاتحات.
يَصحو المُواطِنُ مِنْ مُخَدِّرِ السُلْطَةِ ,فَتُصِبهُ الهَلْوَسَة ,فَيَخْرُجُ كَالمَجْنونِ بِتَظاهراتٍ ,فيتلقى بدل الوعودِ هراوات.
ويَرجِعُ خائبا ,يَتَجَرَّعُ المُخَدَّرات.فكَرامةُ المُواطِنِ لا تَسْمَحُ أنْ يُقالْ, شَعْبُنا مَجْنون.
[email protected]

أحدث المقالات