حاوره / راضي المترفي
· لم يتقدم لي حتى الآن روائي أو قاص بتقديمه لي عملاً
· لا أمارس الترجمة كهواية ، وإنما أعتبرها جسراً
· أختار ما يروقني ، وليس ما يُطلب مني
· ترجمة الروايات العالمية تحتاج إلى تفرغ ووقت طويل لإنجازها
· الشليلية النقدية والأخوانية مرض خطير تعاني منه المدرسة النقدية
·
رؤية خارجية ..
احمد فاضل .. يتنقل بين الازاهير كفراشة ملونة حالمة لكن ليس بطريقة الفراشة التي ينحسر جل عملها في اكمال جمالية المنظر الربيعي ازاهير وفراشات ملونة واعتدال مناخ واعتلال نسيم وانما يشابه النحلة التي لا تكتفي بالطيران بين زهرة واخرى او الوقوف على طرف منها وانما تأخذ منها مادتها الخام لتصنع منها شهدا لذة للشاربين وقد لايتعدى عمل النحلة صناعة العسل عبر طريقة واحدة هي امتصاص الرحيق من الازهار على عكس احمد فاضل الذي يمتشق سيف الناقد وجلباب الفيلسوف ومخيال الشاعر وخيال القاص ولغة المترجم وتذوق الفنان ومع جمعه كل هذه الشخصيات في وعاء اسمه ( احمد فاضل ) الا انك لا تستطيع وصمه بـ( الازدواجية ) ان اقتربت منه كثيرا حيث تجد ان لكل شخصية فيه استقلاليتها الكاملة عن الاخرى وامانته الحرفية في الترجمة وانصافه في النقد وتذوقه للشعر وبراعته في القصة وتفلسفه في القراءة لا تتداخل ببعضها ويظهر ابداع كل شخصية في مجال ابداعها بوضوح لالبس فيه . لكنني اليوم سأشاكسه واضع الجميع في ( طاوة ) واحدة في حوار مختلف قد يقصر او يطول من خلال براعته في الدفاع عن شخوصه التي عاش فيها واحبها واتمنى ان يكون حوارا جميلا يرضي النخبة والقراء ويظهر احمد فاضل المتعدد المواهب بصورة رائعة :
· تعرف ذاتك أكثر من الآخرين ، فهلا عرفتني بك بطريقة مختلفة من أنت .. ؟
ج – لا أبالغ إذا قلت أن كل من تعّرف عليَّ من خلال صداقتي له ، أو من خلال ما قرأه لي ، بات يعرف أحمد فاضل أكثر مما أعرفه ، لأنه ببساطة يكتشف بي ذاتي التي أطمع تقديمها بذات الشفافية التي أعيشها أو أكثر .
· هل تمارس الترجمة كهواية أو حرفة تدر عليك مالاً أو حباً بالاطلاع ؟
ج – لا أمارس الترجمة كهواية ، وإنما أعتبرها جسراً ، أمده نحو الآخر للتعريف به لدى جمهرة عريضة من قراء العربية الذين لا يستطيعون فك شفرة اللغة الأجنبية ، وتقديمها مجاناً له في سلة منوعة من الأدب والثقافة والفن ، وقد يكون حباً بالإطلاع لأنه يصب في مصلحة الجميع .
· أنت متهم بأنك تترجم ما يروق لك أو ما يطلب منك وليس لإثراء الساحة الأدبية .. ماردك على هذا ؟ أو كيف تختار المادة التي تقوم بترجمتها ؟
ج – نعم أختار ما يروقني ، وليس ما يُطلب مني ، لأنني أعرف ما يثري الساحة الأدبية بحكم ذائقتي كقارئ أولاً قبل أن أكون مترجم .
· ترجمت في الشعر والمسرح والسينما ، لماذا أحجمت عن القيام بترجمة إحدى الروايات العالمية ؟
ج – ترجمة الروايات العالمية تحتاج إلى تفرغ ووقت طويل لإنجازها ، أنا أختصر تلك المسافة بتقديم عشرات الترجمات القصيرة لقصص ودراسات عن كبار الكُتاب هناك ، وهذا ما أنشره تباعاً في العديد من الصحف والمجلات المحلية والعربية ، وقد يسعفني الوقت بالتفرغ لترجمة رواية أجنبية في المستقبل ، ليس هذا وعداً ، بل تمني ..
· يدعي البعض أن حبك لممثلين محددين من الأجيال السابقة كـ ( كلارك كيبل وكيرك دوكلاس ) ، تفضل أفلامهم على
غيرهم وتفرضها على الآخرين من خلال الترجمة ، ما تبريرك ؟
ج – الذي يدعي ذلك ، ليذهب ويقرأ كتابي ” هوليوود في بغداد ” الذي أصدرته عام 2016 ، الذي احتوى على أفلام وحكايات عديدة لنجمات ونجوم هوليوود ، لم أقتصر فيها على النجمين اللذان ذكرتهما ، وما يدعم قولي هذا أيضاً كتابي ” هوليوود التي لا تنام ” الذي سيصدر قريباً إن شاء الله .
· مر على عملك قرابة عقدين في الترجمة وسجلك يخلوا من ترجمة رواية عراقية أو مجموعة قصصية أو حتى رواية .. هل ترى أن النتاج العراقي لايصلح للعالمية ؟ أو انك لم تجد نصاً يستحق الترجمة ؟
ج – لم يتقدم لي حتى الآن روائي أو قاص بتقديمه لي عملاً من أعماله لغرض ترجمته ، رواية كانت أم مجموعة قصص قصيرة ، حتى نجلس معاً للإتفاق حولها والظرف المناسب لي كما أسلفت قبل قليل . الأعمال العراقية رائعة وفيها الكثير مما يستحق ترجمتها ، وقد تكون الكرة الآن في ملعب الروائي والقاص والمترجم على السواء .
· ماذا اضافت لك الترجمة في نتاجك الادبي وكيف انعكست عليك شعراً وقصة ؟
ج – أضافت لي الكثير ، حيث تعرفت من خلالها على تجارب عديدة لا تحصى لكاتبات وكُتاب أجانب ، نفتقر هنا حقيقة على الطريقة التي يواكبون بها عصر الكتابة وهي تتنقل من الحداثة إلى ما بعد الحداثة .
· أنت درست الادارة والمحاسبة والأرقام ، مالذي جرفك إلى شواطئ الادب عموماً والنقد خصوصاً ؟
ج – الكثير من الأدباء والكتاب يحملون تخصصاً معين غير الذي يمارسونه ، فهناك أطباء يعرفهم القارئ على أنهم رواة وكُتاب قصة كيوسف أدريس مثلاً ، محبة الأدب جذبتني أكثر وتعززت بالحصول على الدبلوم العالي في اللغة الإنكليزية في مجال الكتابة الإبداعية التي عرفتني على أساليب النقد الحديث ، مع أني لا أقول أني ناقد بل صاحب رؤية نقدية .
· يصف العرب الشعر بالأريحية ، لكنك تختار نصوص ذا منحى فلسفي أي لا أريحية فيها وتمارس عليها نقداً ، فهل هو حب الفلسفة أو كره السهل الممتنع ؟
ج – كلا سيدي ، أنا لا أتفق مع هذا القول بدليل عديد ما كتبته من رؤى نقدية لعشرات الشاعرات والشعراء اللذين لا تجد في نصوصهم أية فلسفة ، إلا النزر اليسير منهم .
· أنت متهم باختيار نصوص بسيطة لا تسجل علامة فارقة في النتاج الشعري ، وتمارس عليها النقد ، نصوص فلاح الشابندر انموذجا ؟
ج – أعذرني سيدي ، هذا تجني على شاعر قدير كفلاح الشابندر الذي أصدر 3 دواوين شعرية من أروع ما تكون بشهادة كتابه الصادر حديثاً ” كتب متأخراً … مات مبكراً ” ، والذي احتوى على عديد قراءات النقد حول نصوصه كقراءة د . إنعام الهاشمي ، إسماعيل إبراهيم عبد ، د . سعد ياسين يوسف ، صباح محسن جاسم ، فائز الحداد ، عمر مصلح ، قاسم محمد مجيد ، أ . د . بشرى البستاني ، وآخرون ، ومنهم أنا ، أفلا يكفي هذا كي تكون إنطباعاتنا النقدية تسير في الطريق السليم .
· أصدرتَ كتابين في النقد ، لكنهما لم يسجلا إضافة في النقد ولم تشر اليهما الدراسات النقدية كمصادر مثلما يحصل مثل الكتاب النقدي : ( الأسطورة في شعر السياب ) ، ما هية النظرية التي تنتمي لها ؟ ما هي مشاريعك القادمة وأين تضع نفسك بين النقاد المعاصرين ؟ .
ج – لا يمكن مقارنتنا بأستاذي الدكتور عبد الرضا علي الذي نتعلم منه في كل يوم ، لأنه أستاذ النقد المقارن فلا عجب أن يحصد كتابه كل ذلك الإعجاب ، لكن هناك الكثير من النقاد المهمين لم تشر إليهم الدراسات النقدية لسبب أنت تعرفه سيدي ، الشليلية النقدية والأخوانية مرض خطير تعاني منه المدرسة النقدية ، أنا لا أقول أني ناقد بقدر ما أقول صاحب رؤية نقدية والفرق واضح ، مع أني أتعلم في كل يوم شيئاً مهما من المدرسة الغربية بحكم إطلاعي على لغتهم ، أما مشاريعي المستقبلية في هذا الجانب فهو متروك لحجم تفاعلي مع ما يكتب في الساحة الثقافية وما يرضي ذائقتي وأراه يفيد المتلقي .
· في ختام حواري معه اشهد ان الرجل كان دمث الخلق وهاديء الطباع واعترف ان في اسئلتي له كانت هناك بعض القسوة لكنه تعامل مع قسوتي برحابة صدر واجاب على كل الاسئلة بأريحية اشهد بها له .