عندما يواصل ابناء الطبقات الفلاحية دراستهم الاكاديمية والطموح الى الشهادات العليا وخاصة في زمن السبعينات والستينات من القرن الماضي تواجههم عدة عقبات اولها الظروف الاقتصادية المتعبة وعوامل كثيرة اخرى منها عدم وجود اعدادية في داخل كل قرية.. والاعدادية الوحيدة في حينها يكون مقرها الناحية او ربما داخل المدينة فقط وهذا يكلف العوائل الفلاحية اعباء ومصاريف دراسية لايستطيعون تحملها وهنا يصطدم طالبنا الطموح مع هذه العقبات ولكن البعض من هؤلاء وباصرار وعزيمة يواصل دراسته مهما كانت الظروف ولهذا تجد ان ستينات القرن الماضي وبعدها من ابناء القرى الفلاحية قد وصلوا الى المستوى الطموح لهم ولاهلهم…
وفي هذه المقالة سوف اتكلم عن احد هؤلاء الابطال الذين لم يعطوا للزمن فرصة ايقافهم عن طموحاتهم واختيار مستقبلهم… انه صديقي القاضي ساير خلف حسين الجبوري من جيل الستينيات ولد في قرية نائية تسمى الرصيف تقع جنوب مدينة الموصل وتبعد عن مركز المدينة خمسون كيلومتر تقريبا وتبعد من مركز ناحية الشورة خمسة كيلومترات وكانت القرى في حينها تسكن في بيوت من طين لايوجد فيها اي خدمات عصرية تذكر من ماء اوكهرباء ومراكز صحية وتخلوا احيانا من المدارس.. ولكن اصرار والده الحاج خلف الحسين وهو احد ابرز وجوه العشيرة وشخصية اجتماعيه معروفة في جنوب الموصل ومع تفوق ابنه دراسيا استطاعوا ان يحولو الحلم الى حقيقة..
تخرج الاستاذ ساير من الاعدادية بتفوق وكانت رغبة اغلب الفلاحين وابنائهم التوجه الى المسلك العسكري سواءً في الدفاع او الداخلية ولكن هذا الشاب كانت له طموحات اخرى فالتحق في كلية القانون وكان حينها يتطلب دخول تلك الكلية معدل دراسي عالي وبعد مواصلته دراسته الجامعية وانهاءه لها حصل على شهادة القانون وكان القلائل من ابناء الفلاحين الذين يحصلوا مثل هذه الشهادة ليعمل بعدها محامي لفترة زمنية محدودة وليواصل مشواره الدراسي ويتقدم الى المعهد القضائي وينهي الدراسة فيه ثم يمنح منصب قاضي هذه المهنة التي تتطلب رجاحة عقل وانسانية وحكمة ويكفي من هذا الشخص انه انسان هادىء بكل مايحمله من اخلاق عالية ومع هذا المنصب الحساس والمهم الا اننا نجد هدوءه الدائم والتعامل مع المجريات القانونية بحزم وانسانية تجسد اخلاق القاضي المثالي.. وانا منذ عرفته لحد الآن لم اراه يوماً يتفاخر بمنصبه او يتباهى بمعطيات الحياة الاخرى. وهذا دليل على مصداقيته في عمله وتركيب جذور بيئته العائلية الطيبة…..
نعم ايها الاستاذ الفاضل
هنيئاً للقضاء بقاضي مثلك. هادىء الطبع.. عدل القضاء بعيدا عن المحسوبية.. يخاف الله ولايخاف في الحق لومة لائم…..
وهنيئا لك ولعائلتك اخلاقك العالية الرفيعة والحميدة وهنيئا لنا شرف معرفتكم وصداقتكم… وسلاماً منا إليكم ونحن نتعلم منكم شخصية الهدوء…………