يعتبر التشهير بالافراد من القضايا التي يحاسب عليها القانون فضلا عن كونها تنم ضعف في الشخصية وقصور في شخصية الفرد الذي ينال من الاخرين. ولا اعتقد ان هناك فرق بين ان يكون الفرد ذو منصب او غيره فالكل امام القانون سواء لا فضل لاحد على الاخر . ولكن توجد خصوصية للرموز الوطنية والدينية ولو على وجه الاجمال وبدون تحديد او تخصيص، فالمجتمع العراقي مجتمع يمتلك اسس استطيع ان اطلق عليها اسس عرفية مترسخة في نفوس ابناء العراق وهي عدم التطاول على الرموز الدينية الشريفة …وهنا اضع خطين تحت كلمة “شريفة”.
الحكومة العراقية الحالية وبمختلف رموزها وتيارتها واحزابها لا يمكن باي حال من الاحوال ان تفرض سلطتها على المجتمع من دون الرجوع الى الموروث الحضاري العراقي وهو الالتزام الديني ، ولا ادعي ان العراق دولة اسلامية او امارة او ولاية فقيه كما يروج البعض من اصحاب الجهل البسيط او الجهل المركب، بل ان واقع الحال ان هذه الحكومة تستمد وجودها من دعم المؤسسة الدينية او على اقل تقدير عدم التصادم مع هذه المؤسسة ، ولا اقصد بالقول “المؤسسة الدينية” المرجعية الشيعية او السنية او المسيحية، بل المؤسسة الدينينة عموما، لان الفرد العراقي كما اسلفت مرتبط روحيا ووجودا بهذه المؤسسة بمختلف مسمياتها، التجاوز والتعدي وحتى التشهير بهذه المؤسسة يعد “انتحارا سياسياً” وانا اعده “غباء سياسي” ، وبعيد كل البعد عن الديمقراطية والاحترام المتبادل، اقول، ان هذه الحكومة واضافة الى الاخطاء المتكررة المقصودة او غير المقصودة تسير نحو الخروج من الغطاء الديني والدعم الجماهيري لوجودها ، نعم ، انا لا انكر ان لائتلاف “دولة القانون” انصار وتابعين ، وهذا امر واضح ، ومن منطلق احترام الاخر ، انا احترم هذا الانتماء ، غير اني اود ان اوجه سؤالي الى رجالات وزعامات هذا “الائتلاف” اولا والى من يتبع هذا الائتلاف، ان صعود نجم السيد “نوري المالكي” وتربعه على سدة الحكم في العراق جاء من خلال اتفاقات والتزامات وكذلك”مساومات” بين الكتل السياسية، وهذا هو ديدن السياسية ، بالغرم من وجود بعض الملاحظات على الاطر العامة التي تحكم هذا المبدأ، غير انه امر واقع ومسلم به، اقول، هذه الاتفاقات اعطت للسيد ” نوري المالكي” القدرة والقوة للتربع والاستحواذ على كرسي الحكم، ولولا دعم التيار الصدري وبشكل خاص السيد مقتدى الصدر للسيد المالكي ، فانه زائل لا محالة، ولا يقول احد ان صندوق الاقتراع او الانتخابات هي التي جاءت به، فالكل يعلم ان السيد مقتدى الصدر وبثلاث مرات متتالية يكون “المنقذ” لرقبة المالكي من السقوط, ومن منطلق رد المعروف الاولى به “المالكي” ، ان يتذكر هذا المعروف، لا ان يشن حملات مباشرة وغير مباشرة على زعامة الخط الصدري وقيادته ومن ثم على جماهيره، غير ان الامر يحتاج الى وقفة تأمل وتمعن، فالمالكي يعلم انه يمسك بالعصاة من الوسط، وبكل صراحة يحظى المالكي بالدعم الايراني والامريكي ويحاول ان يحظى بدعم عربي عام وخليجي بشكل خاص، وهذا الامر له مقدمات وحلقات تمهيدية كثيرة لا مجال لذكرها، فهو يعتقد ان بهذا الدعم اولا وباغراق العراق بدوامة العنف الطائفي ثانيا انه يمهد للوالية الثالثة، هذا الامر غير مقبول جماهيريا ، وعللا مستوى القيادات الدينية ثانيا.
وبالرجوع الى سنوات خلت ، وبالتحديد الى تسعينات القرن الماضي، اي بين الاعوام (1992-1999) ، التي ظهر فيها المرجع الشهيد السيد محمد الصدر ، فانا شهدنا والكل شهد ولا يستطيع اي فرد ان ينكر هذه الحقيقة كيف شنت الاحزاب في المهجر هجوما عنيفا على مرجعية الشهيد الصدر ، وبشكل خاص (المجلس الاعلى ، حزب الدعوة) والتي وصفت مرجعيته بـ (مرجع صدامي، عميل للامن البعثي….وغيرها الكثير) فليس غريبا او مستغربا ما يدعى اليوم على قيادة السيد الصدر او على القاعدة الشعبية ، التي تمتلك من القوة _ وهذا كلام عن علم ويقين_ تمتلك من القوة من اتزيح المالكي من على كرسي الحكم خلال وقت قصير، غير انها ملتزمة بالاوامر التي تصدرها قيادة الخط الصدري ….
والايام القادمة حبلى بالكثير …تتمة الحديث في المقالات القادمة، اذا بقيت في الحياة.