يتكون العراق كسائر بلدان العالم من طوائف وقوميات وأقليات وألوان متعددة إجتمعت وصارت رداءاً لبلد اسمه العراق، خاضت حروباً خارجية وواجهت حروباً واحتلالات، الواحد بعد الآخر، كلها كانت بهذا الرداء ودفاعاً عنه حتى كأن أحدهم صار عبئاً على الآخر. وتحاربت بينها تمزق أجزاؤها باسم هذا الرداء ووحدته وقد يكون إقتتالها بينها كرهاً لها أو حقداً فيها أو دفعاً من غيرها، وفي كل الاحوال كانت رافعة الفردالمنتفخ الواحد ( ذاته ) إقناعاً أو غصباً هي الحاسم الأكبر في تحريك الجمع الذي يسمى مجتمعاً، وهذا الحال ليس في العراق وحده، إنّما في غير دولة وفي غير مكان من بقاع العالم، وفي عرض انشطار هذا الفرد وتعدد الرؤوس والأقطاب وكثرتها وتفاوت نزعتها وسطوتها تشكّلت عصاباتها أو جماعاتها أو أحزابها في الرداء الواحد، كل يدعي أمانته عليه وليس غير، فيفرض ( الذات المتعددة ) على الأخريات منها، فولد الحزب الواحد الأوحد بدلاً من الفرد الواحد، واستمرت الحروب والمهاترات وسارت الأحزاب بذات الآلية والمنهجية وتفاقمت في جغرافية العرب ومن شاكلهم بالقبلية والعصبية.
في العراق ضرب الشيطان سوطاً وفكّ عقداً ( جمع عقدة )، وفرط عقوداً زمنية كانت منسوجة على أعمدة مبنية منذ قرون بأياد مخفية أو شيطانية موشّحة باسم الرحمن، هذا السوط الشيطاني فكّ قيود الأسر في كل البلاد وفي أخواتها من البلدان الأخرى، فانطلقت لهوله حتى حشرات الأرض من أوكارها، وحتى كأنّ أهل الكهف جاءوا بورقهم الذي لم يعرفه أحد ثانيةً، كأنّهم لم يتعلّموا شيئاً من برهان ربّهم في موتهم الأول لثلثمائة سنة وتسع، أو يتغابون على ربّهم، حتى بعد تأكيده التهكمي …. ” رب أرجعون لعلي أعمل صالحاً “
أهل الكهف في العراق صاروا زمراً بعد العام 2003 وكل زمرة تتملق أختها أو تلعنها ثم تنزوي خلف جدران بنَتها بأجساد الملونة أصابعهم باللون البنفسجي، وتغمز كل زمرة الأخرى وتتهامز بينها فيفقدون إشاراتهم بينهم ولا يتميّز منهم ال ( مع ) من ( الضد )، حتى تتحول هذه الجدران البشرية إلى شاخص موقع رمي الجمرات ومن كل الجهات، فالكل شيطان، وكل يرجم شيطانه ويعلو مكبّراً ويدعو الراجمين وإن كانوا شياطين تكبير … تكبير … تكبير.