قبل ان يعلن عن انتشار فايروس الكرونا فى احد مقاطعات الصين كانت ايامنا وحياتنا تأخذ مساراتها الاعتياديه, كل حسب ظروفه الشخصيه والموضوعيه افرادا وشعوبا: بلا شك فان فقراء العالم الثالث, بما فيهم العراقيون الذين لهم معاناتهم الاليمه خاصة ان مشاريع البنيه التحتيه يعتريها الكثير من النقص او انها تجاوزت عمرها الوظيفى وتعمل, اذا عملت بشكل متقطع, بمعنى لا تفى بأحتياجات الناس الاعتياديه. ان العالم الصناعى المتقدم قد تجاوز اشكاليات البنيه التحتيه ويعمل على تحسينها وتوسعها وتحديثها بشكل مستمر. هذه الحقيقه ليست هديه تقدمها الحكومات لشعوبها وانما انطلاقا من البحوث العلميه من انها تعمل على تقديم شروط افضل للسكان ينعكس فى اخلاقياِت العمل والامن الاجتماعى والمواطنه. ان انتشار فايروس الكرونا بالسرعه التى حصلت عالميا فرض حالة ووضع عالمى لم يجد له مثيلا سابقا وافرز بنفس الوقت هشاشة هيكلية النظام العالمى وامكانية اصابته بشكل موجع وحتى امكانية تعطيله عن العمل والذى يتجسد فى شوارع ومدن خالية من السكان وكانها مدن اشباح انتها عمرها الزمنى, مدن ينعكس بالضروره على اوضاع السكان المعيشيه والصحيه المهدده بكوارث وخطر كبير, هذا بالاضافه الى تصدع القدسيه والسلطه والهيمنه التى تتمتع بها الدولة العظمى وعدم فعالية تكنولوجيات الحرب فى مواجهة هذا العدو الجديد الذى يعيش معنا فى كل مكان والذى لم تتمكن المختبرات العلميه المجهزه باحدث الاجهزه المتطوره واكثر العلماء خبرة وكفاءه لحد الان تطوير لقاح فعال يحدد من فعاليته وقوته التدميريه. لم تأتى ازمة فايروس الكرونا من فراغ او مجرد نتيجه لطفرات جينيه, وانما ايضا نتيجه منطفيه, انعكاس, ردود افعال للتغيرات التى حصلت فى البيئه ( الانسان, الحيوان, الماده المحيطه…الخ) كمحصله لتراكم الاخطاء فى التعامل مع الطبيعه واستغلالها غير المسؤل والتى عملت وما زالت تعمل على تغيير فى عملية التوازن الطبيعى . ان النظام الاقتصادى الاجتماعى ( الرأسماليه) الذى تطور مع الثوره الصناعيه وصعود اصحاب رؤوس الاموال (البرجوازيه) كطبقة مالكة لوسائل الانتاج, مؤثره فاعلة فى عملية بناء وتنظيم المجتمع. كانت فى حقيقة الامر نظرية ( ادم سميث), من ان جهود وطموح الفرد نحو السعادة والمال كل فرد فى ارادته الحره تؤدى الى تعاضم ثروة الشعب وسعادته, كما اكد سميث على السعادة الفرد قبل الطموح نحو سعادة المجتمع. هذه السعاد وتعاظم الثروه ينظمها ” القوة الخفيه”ما يعرف اقتصاديا بـ “السوق” الذى يعمل على توازن المصالح والعمليه الاقتصاديه. كانت افكار ونظرية ادم سميث (1723- 1790) الاقتصاديه قبل الثوره الصناعيه, حينما كانت العملية الاقتصاديه تحل فى دكاكين وورش غيره وفى احسن الاحوال الورش الكبيره بما يعرف ” المانيفكتورا”.
لقد تغيرت العملية الاقتصاديه واخذت تتسع حول العالم وتنتشر بصيغة الشركات المتعددة الجنسيه التى تتحكم فى اقتصاديات العالم, كما ان اصحاب الاموال ووسائل الانتاج اخذت سلطاتهم تتسع عالميا ايضا واصبح تأثيرهم ونفوذهم عالميا, كما ان حكومات قوميه ومحليه تؤكد على سلطتهم وتدعمها, هذا بالاضافه الى نشر افكار الليبراليه/ الرأسماليه المتوحشه التى تسعى وتسخر كل الوسائل الممكنه وتشجيع عملية الاستثمار بهدف الحصول على اكبر نسبه ممكنه من الارباح دون الاخذ بالمسؤليه الاجتماعيه للراسمال. فى هذا النهج من التفكير والفعل يكتسب الربح ديناميكيه ذاتيه ويتحول الى”شيئ- Fitisch.” . من هنا نستطيع فهم ما يحصل من استغلال عنيف بشع غير مسؤل لقوى وموارد الطبيعه والذى يهدد بخطر مستمر لعملية التوازن الطبيعىز ما يؤكد عليه العلماء من خطورة ارتفاع درجات الحراره وارتفاع مناسيب مياه البحار وانفصال جبال تليجيه من القطب الجنوبى , هذا بالاضافه الى التوسع المستمر فى صناعة السيارات وانتشارها, كذلك الديناميكيه التى تطورت فى النقل الجوى باسعار منخفضه مدعومه من الدوله دون الاخذ بنظر الاعتبار خطورةالعوادم والغازات السامه التى تطلقها هذه المحركات. ان توجهات العلوم والبحث العلمى تحت شروط الرأسماليه المتقدمه خاصة ما تقوم به الشركات الكبرى ياخذ منحى الربح واشكالية مواقف الحكومات فى المراقبه والضبط والحد من الاحتكارات ناهيك عن التأثير فى سياسه الاسعارز ان هذه الحاله يمكن مراقبتها فى كل الحقول الاقتصاديه سوى ان كان انتاج مواد بناء او انتاج دواء. انت التقدم العلمى والتكنولوجى يحل بسرعه وتعجيل متفاوت مختلف: فى الوقت الذى تتطور صناعة السلاح بسرعة رهيبه ويتم انتاج الشى وضده, الصواريخ والصواريخ المضاده, مازال معالجة داء السرطان يتم على الطريقه المعهوده- الجرعات الكيمياويه التى تقتل الخلايا السامه والخلايا السليمه بنفس الوقت, لماذا لم ترد الحكومات اموال لتطوير ادويه واساليب جديده فى العلاج, لماذا تعتبر عمليات الجهاز العظمى والعمود الفقرى مغامره محفوفه بالمغامره. ان الكثير من النقاد يعتبرون قطاع صناعه الدواء الذى يحصل سنويا على ارباح خياليه نوعية خاصة من المافيات لا تفرق كثيرا عن مافيات صناعة السلاح. ان استمرار فاعلية وسلطة الرأسماليه المتوحشه تهدد العالم باخطار وكوارث مصيريه للبشريه بشكل عام, ومما لاشك فيه فان تطوير لقاح ضد فيروس الكرونا يجرى بجهود متاعده وسوف يتم فى القريب العاجل الاعلان عنه , ربما بعد ان يتم الاتفاق على ص العمل المشترك او تقسيم مناطق النفوذ بين الشركات المتعددة الجنسيه التى تقف خلفها دوله القوميه وجماعات الضغط, ويمكن ان تكون النتائج مشجعه ولكن لابئس اذا تم التخلص, من بضعة ملايين من كبار السن الذين اصبحوا حملا ثقيلا على صناديق التأمين الصحى والرعايا الاجتماعيه. ان انتشار فيروس كرونا يؤكد على التباين الشاسع فى كمية ونوعية الخدمات بين الدول الذى يستمر اكثر عنفا على حياة السكان مع نوعية النظام وحجم الخدمات الصحيه التى تقدم للسكان. فى العراق, كنموذج يعانى من نقص كبير منذ سنين طويله بالرغم من تخصيص الميزانيات الضخمه للقطاع الصحى تفتقر المستشفيات الى ابسط الادويه والاجهزه الطبيه الاوليه, ولذلك فأننا امام كوارث وجوديه خطيره, ليس فقط لتخلف القطاع الصحى وانما ايضا بالافكار والسلوكيات المتخلفه المتمثله فى الاستخفاف بالعلم و معاداة العقل والاخذ بالمقدسات والغيبيات التى ليس لها علاقه بالفايروس وانما ممكن ان تكون ناقلا له. من ناحية اخرى فان ما نعيشه من فوضى هى الاخرى فوضى القيادات والكتل التى تخشى ان تفقد مواقعها فى التاكيد والعمل بسياسه علميه حازمه وتوفير بسرعه مستلزمات المسشتشفيات والعمل على ضبط سلوك المواطنين والتزامهم بالتعليمات الصادره من الجهات المختصه. لقد عاش العالم ازمات النظام الرسمالى الهيكليه الدوريه منذ القرن التاسع عشر, وكانت الدوله دائما التى قامت بوضع الحلول لها وتجاوزها, كما كانت دائما تكاليفها بضعة مئات من الملياردات, واخيرا الازمه الماليه عام 2008 والتى كلفت دافعى الضرائب اكثر من 2 بليون دولار فى الدول الرأسماليه وعادت البنوك الى نشاطها ” كما عهتنى” وسوف يحل ذلك ايضا بالنسبه لللازمة الحاليه: امريكا خت 2بليون دولار والمانيا 750 مليار يورو والدول الاخرى سوف تتبع. اليس هذا تناقضا صريحا ان تكون الارباح حصة اصحاب الاموال بينما الخسائر يتبناها المجتمع من دافعى الضرائب, ونطرح السؤال : اليست الازمات الاقتصاديه نتيجة تراكميه لفوضى الانتاج حيث يتم الانتاج وفقا لتقديرات مالكى وسائل الانتاج ووفقا لتقديرتهم فى الحول على الارباح.