بعد الكم الهائل من المعلومات والشائعات التي تواردت بعد انتشار وباء العصر كورونا .. صرنا لانهتم كثيرا مقارنة بحجم اهتمامنا الاول .
لكن خبر تسجيل امريكا لاكثر من مائة الف اصابة ، بعد ان كانت شريكة في نشر هذا الوباء الخطير .. حرك مخيلتنا و تصوراتنا ، و حساباتنا ، وقناعاتنا .
ان اخطر .. ما في هذا الوضع اللااخلاقي .. هوالتجاوز الخطير على( قوانين الطبيعة ) .. وهذا ما حدث جليا منذ اكتشاف القارة الامريكية ، والاستيلاء على ثرواتها ، وقتل اصول سكانها .
ثم اندلعت الثورة الصناعية ، وحل التسارع البشع في استغلال الطبيعة ، دون مراعاة لقوانينها ، والايغال بمسح كرامة الانسان ، واحلال مملكة المادة على حساب مملكة الروح ، حتى اكتملت كل الشروط التي تنذر باتجاه راسمالي جشع يحول الانسان الى برغي صغير في ماكنة الاثرياء .
ان الاديان السماوية ، هي الاخرى لم تسلم من استغلال سلطة الدين ، من اجل توظيفه توظيفا سياسيا مصلحيا مقيتا ، من قبل الكهنة ورجال الدين ، على حساب القيم الاخلاقية والمعرفية.
ومنذ نظرية ( النشوء والارتقاء ) و اصل الانواع لداروين ، بدأ ت عملية جر العلوم الى وجهة جديدة وجريئة ، سليمة في مفاهيمها ، لكنها كانت خطيرة في نتائجها .. لانها وضعت ثوابت وقوانين الخلق والطبيعة على المحك ، وايقظت عقولا كانت في قفص الغيبيات و في حالة سبات مميت .
وبعد عقود طويلة ، كانت هناك سلسلة اكتشافات ، مع التوسع في بناء المختبرات ، وظهور قطبان قويان متنافسان لاخضاع كل علم ، وكل معرفة ، لمآربهما الخاصة .
ومن سخريات القدر ، ان من نتائج الحرب العالمية الثانية ، بعد استخدام القنابل النووية ، واسلحة محرمة ، سببت بمقتل اكثر من ثمانين مليون شخص .. اصبح استخدام الطاقة النووية مباحا ، رغم مخاطرها على البيئة والانسان ، و اصبحت الجرائم في العالم عادية ، وبات بناء المختبرات التي تعمل على تفريخ الفيروسات القاتلة غير محرم .. والتلاعب في التعديل الوراثي والهندسة الوراثية فلسفة ، والتحكم بالجينات هواية .. والاستنساخ الحيواني غواية .. الى ما وصلنا اليه ، من دمار شامل لقوانين الطبيعة ، و تعطيل لحقوق الانسان .
يقول المفكر العربي في فلسفة الطبيعة الاستاذ يوسف كرم ،، ان معاني الكون والطبيعة جميعها ، تعود الى يقين واحدوهو / ان الطبيعة من صنع عقل حكيم ، وان لكل موجود طبيعته ، وان للطبائع وافعالها نظاما وحكمة ، وان لاشيء معطل في الطبيعة .. كما يقول ابن سينا ،، .
اننا نعيش اليوم في ظل/ ارهاب المعرفة القاتلة التي ذكرها الباحث العراقي طالب الدليمي ، وهو يشير الى كتاب مهم وخطير ، للعالم البريطاني مارتن ريس صدر سنة 2003 بعنوان ( ساعاتنا الاخيرة ) يتنبأ بحصول خطأ بايولوجي يقضي على مليون شخص سنة 2020 ..!؟
.
ان الخيول الجامحة ، لولا لجامها ، لكانت قد اطاحت بفرسانها .. حالها حال العلوم المتسارعة والتي لا تقف عند حد ، و تطرق ابواب جديدة وخطيرة ، خدمة لمصالح قوى سياسية واقتصادية ، وبنوك عالمية مؤثرة تتحكم بمصائر الاقتصاد العالمي .
ان العلوم حقا ، بحاجة الى لجام اخلاقي ، يوقفها عند حدود العلم ، و عند حدود المعرفة التي تجلب الخير للانسان ، علوم تبني ، ولا تهدم ، تسعد ، ولاتحزن .
ان ( انسنة ) العلوم بات امرا ملحا .. في زمن يجري فيه تجريد كل ماهو انساني واخلاقي ..&
د كاظم المقدادي