منذ سنين طويلة توقفتُ تماماً عن الكتابة السياسية.. سواء في النظم السياسية.. أم في الفكر السياسي.. كما توقفت عن ممارسة التحليل السياسي.. سواء كتابةً أم حديثاً مباشر عبر الفضائيات.. على الرغم من إنني المتفوق الرابع على دفعتي في الكلية في العلوم السياسية.. وكانت رسالتي للماجستير في النظم السياسية مع توصية اللجنة العلمية بطبعها على نفقة الجامعة.. أما أطروحتي للدكتوراه في الفكر السياسي وبدرجة الامتياز.. وطبعت رسالتي للماجستير وأطروحتي للدكتوراه.. ونفذت من المكتبات لطبعتين.. إضافة الى حصولي على الدبلوم العالي في اقتصاديات العمل بتفوق من ألمانيا.. ومثلها في الصحافة الدولية من روما.. وصدر ليً أكثر من 25 كتاباً في: العلوم السياسية.. والفكر.. والتاريخ.. والأحزاب السياسية..
وليً الآن كتابين تحت الطبع..
لكنني اليوم أقولها أمام الأشهاد توقفت عن الكتابة في السياسة.. ولا التحليل السياسي.
ـ يسألني البعض لماذا توقفت في الكتابة والتحليل السياسي ؟
أقول بصراحة متناهية.. لأنني لم أجد في الكثير المحللين السياسيين عبر الفضائيات اليوم.. سوى مهرجين لا يستحون من أنفسهم.. ولا تحترم أكثر الفضائيات والصحف الكتابة لأناس لا يفقهون حتى بالذوق.
اليوم: أجد محللين أمنيين أميين.. البعض منهم لا يستحي من أن يضع لقب الدكتوراه.. وهو لا يملك سوى البكالوريوس.. وليس في الدراسات الأمنية.. وليس له خبرة أمنية.
ـ أجد نفسي اليوم خجلاً.. وأنا اسمع وأشاهد قمم كتل سياسية لا تفقه حتى بأصول الحوار.. ولا يستحون من شعبهم.. قادة كتل لا يستحون من الكذب والعبارات النابية.. ولا يتذكرون ما قالوه اليوم.. ليعودوا في اليوم الثاني يصرحون بالضد منه.
اغضب وأثور وأنا أجد سياسيين يتاجرون بدماء العراقيين.. واجد سياسي تبرأ من السياسة وجماعته.. ليعود ناسياً ما قاله بالأمس.. أجد من دمر الفلوجة والنجف يقف ليدافع عن ماذا؟ لا أعرف ؟.. أجد رئيس مجلس الشعب يسقط مجلس الشعب.. وأجد من يتحدث بالقدرات.. ولا يهرع للحلة وطوزخرماتو وبشير.. التي نكبة عشرات المرات.. أجد وزير عدلٍ لا همً عنده سوى تجزئة المسلمين في العراق.
مسؤولون في دولة لا يستحون.. الكل تقول إنهم من حملة (شهادة الدكتوراه).. وبعضهم لا يحمل حتى شهادة المتوسطة.. أجد الكل تتحدث بالنزاهة.. وأكثرهم لصوص حتى براجيتة الدواء والعلاج.. الكثير من المدراء العامين شهاداتهم مزورة حتى الفراشين وموزع الشاي يعرفون بها.. ولا يستحون!!
آخرون يؤجرون سياراتهم المصفحة لمن.. لا يدرون ؟ وقد يكون المؤجرون إرهابيون ؟ أعمار المحافظات أصبحت تجارة ونهب ؟.. المشرفون على النازحين أصبحوا ملياردريه.. والنازحون الحقيقيون يموتون جوعاً وبرداً ومرضاً.
أقاموا الدنيا على غرق عبارة الموصل.. ليس من أجل شهدائنا.. بل من اجل منصب المحافظ.
رئيس مجلس النواب يركض لاهثاً الى واشنطن حال إعلان ترامب سيادة إسرائيل على الجولان السورية.. معلنا استنكاره لهذا الإعلان كذباً وافتراءاً.. لماذا إنت ذاهب؟.. وعلى حساب من؟؟؟ ماذا قدمت في زياراتك المكوكية السابقة للشعب ؟
أين أنتِ أيتها الكتل: الإصلاح.. التغيير والبناء..الحكمة.. والنصر.. وسائرون.. من هذه الزيارات المكوكية بأموال العراقيين الجياع بلا حصة تموينية ؟
الكل تنهب حتى إعلان الحروب ليس للتحرير بل للنهب.. فمثلما كان الجيش في الزمان السابق يستمر في حربه على الأكراد.. ليس من أجل القضاء على ثورة الأكراد أو عصيانهم.. كما يقولون.. بل من أجل النهب.. فهم تجار حروب في كل زمان ومكان!!.
تجارة جديدة أينعت.. وهي تجارة الأعمار وإعادة بناء ما دمره الأشرار.. والله انتم كذابون وسراق.. وأنتم أسوء من الأشرار.
من يحترم نفسه منكم عليه أن يسكت.. ولا يستخدم أموال الدولة لتسقيط الآخرين.. ومعظمكم ساقطون.. فلا داعي للتسقيط.. من يحترم نفسه عليه إن يعلن التوبة أمام الشعب.. ويعتذر.. ويذهب من حيث أتى!! لا أن تتقاتلوا.. وتقتلوا المتظاهرين من أجل أن يكون منصب رئيس الوزراء لكم!!
مع كل ذلك.. أحترم الصفوة القلية جداً جدا في الدولة في سلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية.. الذين يعملون بصمت لخدمة بلدهم.. أؤكد القلة القليلة جداً.. وقد تربوا على الإخلاص والصدق والأمانة والشرف.. إلا إنهم لا يشكلون قطرة في بحر الفساد والطائفية والقتل.
أخيرا: أقولها أمام الأشهاد لن يجفً الحبرُ.. ولن يسكتً قلمي.. مادام الحياة كلها ألم.. ومعظم المسؤولين والنواب وخدمهم.. سياسيون فاسدون.