تستغل مظلة “كورونا” .. إيران تُناور واشنطن برفض المساعدات الإنسانية لرفع العقوبات الاقتصادية !

تستغل مظلة “كورونا” .. إيران تُناور واشنطن برفض المساعدات الإنسانية لرفع العقوبات الاقتصادية !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تُحاول “إيران” استخدام وباء “كورونا” المُستجد في أزمتها مع “الولايات المتحدة الأميركية”؛ كعادتها في محاولة منها للحصول على ما تُريده، ولكن هيهات أن تفعل “أميركا” ذلك، حيث قال الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، الأحد، إنه ينبغي لـ”الولايات المتحدة” رفع العقوبات إذا كانت تُريد مساعدة “إيران” في إحتواء تفشي فيروس “كورونا”، مضيفًا أن بلاده ليست لديها نية لقبول عرض “واشنطن” تقديم مساعدة إنسانية.

وقال “روحاني”، في خطاب تليفزيوني: “الزعماء الأميركيون يكذبون. إذا كانوا يُريدون مساعدة إيران، فما عليهم سوى رفع العقوبات، عندها سنتمكن من التعامل مع تفشي فيروس كورونا”.

و”إيران” هي الدولة الأكثر تضررًا من المرض في الشرق الأوسط، إذ تخطى عدد الوفيات 1700 والإصابات 21 ألفًا. ووفقًا لـ”وزارة الصحة”، يلقى شخص حتفه بالمرض في البلاد كل 10 دقائق.

وعرضت “واشنطن” تقديم مساعدات إنسانية لـ”إيران” عدوها القديم، لكن المُرشد، “علي خامنئي”، رفض هذا العرض، مساء الأحد الماضي.

ويتصاعد التوتر بين “إيران” و”الولايات المتحدة”، منذ انسحاب “واشنطن” في 2018 من “الاتفاق النووي”؛ وإعادة فرض العقوبات التي أعاقت اقتصاد “طهران”.

عرضها للمساعدة أمر غريب..

والأحد، اعتبر “خامنئي” أن لدى “إيران” القدرة على مواجهة تفشي فيروس “كورونا” المُستجد، وذلك رغم إصابة آلاف الإيرانيين ووفاة المئات بسبب هذا الوباء.

ورأى “خامنئي”، في خطاب بثه التليفزيون الإيراني؛ بمناسبة “عيد النيروز”، أن عرض “الولايات المتحدة” لمساعدة “إيران” في مكافحة وباء كورونا: “أمر غريب”.

وأضاف: “عرض الأميركيون عدة مرات مساعدة إيران على إحتواء الفيروس. وبخلاف حقيقة أن هناك شكوكًا أن أميركا هي التي أوجدت هذا الفيروس، فعرضهم غريب بالنظر إلى أنهم يواجهون نقصًا في سُبل مكافحتهم للفيروس”.

وشدد على أن: “إيران لديها القدرة على تخطي أي أزمة بما يشمل تفشي كورونا”، معتبرًا أن المسؤولين الإيرانيين إتخذوا “خطوات جيدة” لمكافحة الفيروس.

وقال “خامنئي” مخاطبًا الأميركيين: “من المحتمل أن دواءكم المعروض هو وسيلة لنشر الفيروس أكثر”.

تُعرقل الحرب العالمية ضد “كورونا”..

وحملت السلطات الإيرانية، “العقوبات الأميركية”، مسؤولية عرقلة جهودها للحد من انتشار المرض، وحث “روحاني”، الأميركيين، على دعوة حكومتهم لرفع العقوبات في الوقت الذي تُكافح فيه “إيران” المرض.

واعتبر وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، في تغريدة له؛ أن: “الولايات المتحدة لا تُنصت. تُعرقل الحرب العالمية ضد (كوفيد-19). الحل الوحيد هو تحدي العقاب الأميركي الجماعي. ضرورة أخلاقية وعملية”.

وقال “روحاني”: “منعتم صادرات النفط الإيراني وأوقفتم التحويلات المصرفية لإيران. عرضكم المساعدة هو أكبر كذبة في التاريخ”.

اتهام طبيعي..

يقول الخبير في شؤون غرب آسيا، “ربيع غصن”، بهذا الصدد؛ أنه من الطبيعي أن تقوم “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” باتهام “الولايات المتحدة” بعرقلة جهودها في مجال مكافحة فيروس “كورونا”، لإنها تقوم بالضغط على القطاع الأكثر أهمية في هذا السياق، ألا وهو “القطاع الصحي الطبي”، عبر مُعاقبة الشركات العالمية الطبية التي تتعاون مع “إيران” في هذا المجال.

لن تُرحم طهران من العقوبات..

وكانت “الولايات المتحدة” قد بعثت برسالة تتسم بالغلظة إلى “إيران”، هذا الأسبوع، مضمونها أن تفشي فيروس “كورونا” لن يرحم “طهران” من “العقوبات الأميركية”، التي تخنق عائداتها النفطية وتضع اقتصادها في معزل عن العالم.

وفرضت “الولايات المتحدة” عقوبات جديدة، هذا الأسبوع، فيما تقول إن حملة “الضغوط القصوى”، التي تُشنها للحد من أنشطة “إيران” النووية والصاروخية وتقليص أنشطتها الإقليمية، لا تمنع تدفق السلع الإنسانية.

وأدرجت إدارة “ترامب”، على القائمة السوداء، خمس شركات مقرها في “الإمارات”، وثلاثًا في البر الرئيس لـ”الصين”، وثلاثًا في “هونغ كونغ” وواحدة في “جنوب إفريقيا” للتجارة في “البتروكيماويات” الإيرانية.

وقال مسؤول إيراني، لـ (رويترز): “ضغوط واشنطن المتزايدة على إيران جريمة ضد الإنسانية.. ينبغي على العالم بأسره أن يُساعد بعضه البعض للتغلب على هذا المرض”.

وأشار بعض المحللين إلى أنه ينبغي على إدارة “ترامب” أن تفعل المزيد لتسريع تدفق السلع الإنسانية إلى “إيران”، رغم أنهم لا يُرون أدلة تُذكر على ذلك في المستقبل القريب.

وقال “برايان هوك”، الممثل الأميركي الخاص للشؤون الإيرانية للصحافيين: “سياستنا في ممارسة الضغوط القُصوى على النظام مستمرة.. العقوبات الأميركية لا تمنع وصول المساعدات إلى إيران”.

ويوم الإثنين الماضي، دعت “الصين”، “الولايات المتحدة”، إلى تخفيف العقوبات على “طهران” لأسباب إنسانية، لكن مسؤولين أميركيين ودبلوماسيين أجانب ومحللين لا يُرون أي إشارة في هذا الإتجاه.

وقالت “إليزابيث روزنبرغ”، من مركز أبحاث “الأمن الأميركي الجديد”: “رغم أن إيران تُمثل بؤرة لهذا التفشي وتُواجه كارثة اقتصادية حقيقية … لن يحدث تخفيف للعقوبات”.

وقال “هوك”؛ إن “واشنطن” أرسلت مذكرة دبلوماسية إلى “طهران” تعرض فيها المساعدة في مكافحة كورونا: “وقوبلت بالرفض السريع”.

كما ألقى باللائمة على القيادة الإيرانية في الويلات التي تُعانيها البلاد جراء الفيروس، قائلاً إن إيران “تُنفق المليارات على الإرهاب والحروب الخارجية”، ولو أنها أنفقت عُشر هذه الأموال على “نظام رعاية صحية أفضل، لكان الشعب الإيراني أفضل حالًا”.

أفرجت عن مواطن أميركي..

وفيما قد يُمثل بادرة مهمة بإتجاه “واشنطن”، أفرجت “طهران” عن المواطن الأميركي، “مايكل وايت”، من الاحتجاز، لكن لا يزال يتعين عليه البقاء في “إيران”.

“سوزان مالوني”، من مركز أبحاث معهد “بروكينغز”، قالت إن “إيران” ربما تنال إستحسان الرئيس، “دونالد ترامب”، عندما تسمح لـ”وايت”، أو لأي مُحتجزين أميركيين آخرين، بالعودة إلى بلادهم.

وأضافت: “ما زال من غير الوارد، في إعتقادي، أن هذه الإدارة تُريد إتاحة مساحة كبيرة للسلطات الإيرانية، لكن هذا لا يعني أنها غير قادرة أو لا ينبغي لها أن تتحين الفرص”؛ لإدخال الإمدادات الطبية إلى “إيران”.

وأضافت أن التفشي في “إيران” سيتمدد مع سفر الإيرانيين لاحتفالات “عيد النيروز”، بمناسبة العام الجديد، موضحًة أن ذلك قد يُضر شركاء “الولايات المتحدة” الأمنيين في أنحاء المنطقة.

وقالت “مالوني” في إشارة إلى تفشي المرض بـ”إيطاليا”، التي تجاوزت حصيلة الوفيات الناجمة عن الفيروس فيها أن إجمالي الوفيات في “الصين” التي ظهر فيها الفيروس لأول مرة: “إيران هي إيطاليا، ولكن بصورة مكبرة”.

إرسال المواد الطبية مع عدم تخفيف العقوبات..

وقال “مارك دوبويتز”، من مجموعة “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”؛ وهو أحد صقور التشدد تجاه “طهران”، إن بإمكان “واشنطن” إرسال مواد طبية إلى “إيران” عبر مجموعات خاصة، مع ذلك لا ينبغي تخفيف العقوبات.

وأضاف؛ في إشارة لهجوم وقع الأسبوع الماضي في معسكر بـ”العراق” قُتل فيه بريطاني وأميركيان: “في الوقت الذي تقتل فيه الجماعات الشيعية، المدعومة من إيران، الأميركيين والبريطانيين وغيرهم في العراق، سيكون هذا توقيتًا خاطئًا تمامًا لتقديم أي نوع من المساعدة الاقتصادية للنظام”، مضيفًا أنه: “ينبغي أن نُرسل الإمدادات الطبية مباشرة إلى الإيرانيين من خلال منظمات غير حكومية متجاوزين النظام”.

تكذيب تصريحات المسؤولين..

ووسط كل هذه البلبلة، كذبت وسائل إعلام إيرانية معارضة زعم المسؤولون الإيرانيون، خلال الأيام الماضية، أن “العقوبات الأميركية” على “طهران”، كانت سببًا في تفشي فيروس “كورونا” المُستجد بشكل كبير في جميع أنحاء البلاد، بسبب فشلهم في الحصول على اختبارات الفيروس، كما فندت بالوثائق بعض الأدلة في إطار دحض مزاعم السلطات.

وأفاد موقع (إيران إنترناشونال) المعارض، أنه تلقى وثائق تُثبت أن المسؤولين الإيرانيين تلقوا أول عرض لاستيراد مجموعات اختبار فحص الفيروس، في 25 كانون ثان/يناير الماضي.

وذكر الموقع أنه، في 25 كانون ثان/يناير الماضي، أعلنت شركة “فردار أزما الإيرانية”، الممثل الحصري لشركة الأدوية السويسرية، “روش”، عن استعدادها لاستيراد مجموعات اختبار فيروسات التاجية، و”روش” واحدة من أكبر الشركات المُصنعة لاختبارات فحص الفيروس.

المساعدات الإنسانية لا تخضع للعوقبات..

ويُشار إلى أن وزير الخارجية​ الأميركي كان قد أعلن، منذ أيام؛ أن المساعدات الإنسانية لـ”إيران” لا تخضع للعقوبات، وأن “أميركا” مستعدة لتقديمها.

وقال “بومبيو”، للصحافيين: “على كل العالم أن يعلم، أن المساعدات الإنسانية لإيران مُتاحة بشكل واسع النطاق. وأنها لا تخضع للعقوبات، ليس هناك عقوبات ضد إيران، على الأدوية أو المساعدات الإنسانية”.

أكثر من قناة لتلقي الدعم الإنساني..

ووفقًا للموقع الإيراني، قال نائب وزير الصحة، “علي رضا ريسي”، في 21 آذار/مارس الجاري؛ أنه كان هناك نقص في مجموعات اختبار فيروسات التاجية في “إيران”، قبل 11 شباط/فبراير، كما ألقى باللوم على العقوبات لإعاقة قدرة “إيران” على استيراد مجموعات اختبار فيروسات التاجية.

وفي يومي 10 و15 شباط/فبراير الماضي، أعلنت شركتا “Rabin Amin International” و”Sidal Pars”، الكوريتين، أنهما على استعداد لتوريد مجموعات الاختبار من “كوريا الجنوبية” إلى “إيران”، ولم تُذكر “العقوبات الأميركية” باعتبارها عقبة أمام عملية التوريد.

كما سُمح لـ”إيران” بتلقي المساعدات الإنسانية والطبية عبر قناة سويسرية، منذ شباط/فبراير، كما كانت هناك آلية تابعة لـ”الاتحاد الأوروبي” قائمة، منذ العام الماضي، لتوفير السلع الإنسانية والطبية لـ”إيران”.

وقال الموقع الإيراني؛ إن: “الوثائق التي حصل عليها أظهرت أن العديد من الشركات الإيرانية تلقت أوامر باستيراد مجموعات اختبار فيروسات التاجية، من 24 كانون أول/ديسمبر حتى أواخر شباط/فبراير، ومن بين الشركات التي تستورد مجموعات الاختبار إلى إيران: (أرينا لايف ساينس) و(فرداد أزما راد) و(بيشغام بيوتكنولوجي)”.

كما أكد الموقع على أن الوثائق التي حصل عليها تُظهر أن لجنة منظمة الدفاع في “وزارة الصحة”؛ عقدت جلسة في 25 كانون ثان/يناير الماضي، لمتابعة أوامر شراء مجموعة اختبارات الفيروسات التاجية، وفي هذه الجلسة تم الإشارة إلى فيروس “كورونا”.

وأضاف الموقع أن هذه التقارير تُدحض إدعاءات الرئيس، “حسن روحاني”، بشأن عدم علم المسؤولين في “إيران” بتفشي الفيروس التاجي، قبل 19 شباط/فبراير، ويظهر أنهم في الواقع كانوا على علم بها قبل أسابيع.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة