في خضم الحملة الوطنية للإلغاء رواتب أعضاء البرلمان و أعضاء مجالس المحافظات والمجالس المحلية , والدور الريادي الذي تبناه السيد نقيب المحاميين في رفد وإسناد ودعم تلك المطالب الوطنية التي سيسجلها التاريخ بأحرف من ذهب , مخلدا” من اهتدى وسار على الصراط المستقيم , ومنكسا” من ضل و ساء السبيل .
وحتى تكون المطالب متلائمة مع المشروعية القانونية خاصة” إنها صادرة عن أعلى قمة في الهرم الإداري للقضاء الواقف .
وانطلاقا” من ذلك كان لنا هذا التعليق على المذكرة التي رفعها السيد نقيب المحاميين إلى السيد رئيس مجلس النواب بالعدد : 255م في 18 8 2013 والتي كان فحواها ما يلي :
ذكر في الفقرة رقم واحد أن المادة ( 63) من الدستور قد جاءت مطلقة حيث نصت على ( تحدد حقوق وامتيازات رئيس مجلس النواب ونائبيه وأعضاء المجلس بقانون) وقد أشكل السيد النقيب على ذلك حيث ذكر ( ولم يرد في النص الدستوري رواتب وحقوق تقاعدية ) ومن ثم أورد إشكالا أخرا” في الفقرة ثانيا حيث ذكر أن من يستحق الراتب التقاعدي يجب أن تكون له خدمة فعلية لا تقل عن (25) سنة استنادا إلى المادة (1 خامسا” ) من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2006. وأضاف في الفقرة ثالثا من كتابه انه يجب ان تكون هناك وظيفة ثابتة على الملاك الدائم حتى يستحق الموظف الراتب التقاعدي استنادا لقانون الخدمة المدنية . وتأسيسا” على ذلك طالب السيد النقيب رئيس مجلس النواب بإصدار تشريع قانون يلغي المادة (3) من قانون رقم 50 لسنة 2007 ذلك لعدم دستوريتها . وفي ختام مذكرته ذكر السيد النقيب أن القانون رقم 50 لسنة 2007 لم يسلك الطريق الشكلي الذي رسمه الدستور لتشريع القوانين في مجلس النواب وذكر أن القانون أعلاه جاء بطريقة مباشرة من البرلمان دون المرور بالسلطة التنفيذية استنادا للمادة (60اولا) من الدستور النافذ وعليه فهو ليس دستوريا” .
جميع هذه المطالب استند السيد النقيب فيها على شرعية المطالبة بها وفق المادة (5) من الدستور( الشعب مصدر السلطات ).
ونعلق على ما جاء في مذكرة السيد النقيب بالاتي :
1 – وردت أخطاء” في أرقام الفقرات القانونية فضلا عن سنة تشريعها حيث ذكرت المادة ( 1 خامسا) من قانون التقاعد الموحد رقم 27 لسنة 2007 والصحيح هي الفقرة رابعا” لا خامسا” من المادة أعلاه كذلك قانون الخدمة المدنية حيث ذكر لسنة 1961 والصحيح 1960 وهذا خطأ فادح في المذكرة ذلك عندما تستند على فقرات خاطئة فضلا عن سنة تشريع القانون ومثل هذا الخطأ ما كان لمثل السيد النقيب ان يقع فيه لولا أنني اعتقد جازما” ان من سطر هذه المذكرة بأكملها ليس السيد النقيب ولعل زحمة العمل ساقته إلى توقيعها دون تدقيق.
2 – التناقض الوارد في الفقرة (1) من المذكرة حيث ذكر ان المادة (63) من الدستور وردت مطلقة ولم يرد فيها نص دستوري يشير الى رواتب وحقوق تقاعدية .
وهذا خطأ في تفسير القانون إذ آن قوله أن المادة وردت مطلقة هو صحيح من حيث أن الإطلاق يجري على إطلاقه ما لم يرد نص يقيده ولما كان اللفظ مطلق وهو( حقوق وامتيازات) فهي شاملة لما اندرج تحتها من حقوق وامتيازات ويكون مستغرقا” لها ما لم يرد نص يقيدها لا أن نقول أنها لم يرد فيها رواتب وحقوق ذلك لما تقدم واعتقد أن هذا من بديهيات علم الأصول فلا نخوض فيه أكثر من ذلك .
3 – استند في المذكرة على الفقرة خامسا” والأصح رابعا” كما ذكرنا من المادة (1) من قانون التقاعد الموحد انف الذكر والتي تقضي بلزوم أن تنقضي (25) سنة خدمة فعلية حتى يستحق الراتب التقاعدي وهذا الاستدلال خلاف القانون حيث أن القانون أعلاه وفي المادة (31 أولا ) منه قد استثنى من القوانين الملغاة القانونين رقم (3) لسنة 2005 و رقم 50 لسنة 2007 و يتحصل من ذلك أن قانون التقاعد الموحد لا يسري على أعضاء البرلمان ذلك كون الأخير ينظم حقوقهم التقاعدية بقانون خاص وهي القوانين أعلاه أنفة الذكر وهذه النتيجة تنسحب أيضا على ما ورد في الفقرة ثالثا من المذكرة بخصوص الملاك الدائم التي يلزم أن يكون الموظف عليه لكي يستحق الراتب التقاعدي استنادا لقانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 .
3 – لقد طالب السيد النقيب بتشريع يلغي المادة (3) من القانون رقم 50 لسنة 2007 وكان الأجدر أن يضيف لها المادة (4) حيث ان المادة (3) خاصة بالرئيس ونائبيه و المادة (4) خاصة بالنواب فليس من المعقول طلب إلغاء المادة (3) دون المادة (4) . كما و ذكر السيد النقيب أن القانون رقم 50 لسنة 2007 غير دستوري ذلك لعدم استيفائه الشكل القانوني الذي رسمه الدستور في المادة ( 60 أولا ) وهذا صحيح لكن القانون لا زال نافذ المفعول ما لم تحكم المحكمة الاتحادية العليا بعدم دستوريته حيث لها سوابق قضائية في هذا الموضوع هذا من جهة ومن جهة أخرى أن عزم نقابة المحامين أقامة دعوى قضائية تطعن من خلالها بالقانون أعلاه سوف يكون مصيرها الرد لعدم توجه الخصومة استنادا” للشروط التي نصت عليها المادة ( 6) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية رقم (1) لسنة 2005, من حيث أن حق الاعتراض هنا خاص بالسلطة التنفيذية كونه يقع من اختصاصاتها الدستورية حصرا وبالمكان الاسترشاد بقرارات المحكمة الاتحادية العليا في هذا الموضوع .
لذا كان على النقابة الاستعانة بأعضاء البرلمان الذين سبق وان طالبوا بإلغاء الرواتب لاستكمال الخصومة .
لقد كانت الغاية من هذا التعليق تصويب العمل القانوني حتى لا يستغله أعداء العملية الديمقراطية في العراق لوضع العصا في عجلة النهضة الفكرية وتوظيف المشاعر الملتهبة و الغاضبة ضد عدم إرساء العدل والعدالة في البلد, وليس الغاية منها الإساءة معاذ الله إلى نقابة المحاميين والدور المقدس الذي تؤديه خدمة” للصالح العام وهو مجرد رأي يحتمل الكثير. والله من وراء القصد .