يشير التقرير المنشور في جريدة الوطن اون لاين السعودية بتاريخ 2013-07-29 على صفحتها الاقتصادية ،الى ان دول مجلس التعاون الخليجي تعتزم إنشاء مجمعات صناعية بترولية متكاملة مشتركة ذات جدوى اقتصادية في مناطق الاستهلاك الرئيسة في العالم، يتم إمدادها ببترول دول المجلس، إضافة إلى إنشاء مجمعات صناعية بترولية متكاملة مشتركة ذات جدوى اقتصادية في دول المجلس نفسها.ويأتي هذا التوجه في إطار خارطة طريق تنموية للمورد الأول لدول المجلس وهو النفط.
ولا شك ان التكامل العمودي في انشطة الصناعة النفطية حالة ايجابية للغاية، ومتقدمة جدا على صعيد رفع معدل القيمة المضافة لبرميل النفط، بقصد تعظيم الاستفادة من هذا المورد الطبيعي غير المتجدد،من خلال تبني وتطبيق استراتيجية التكامل العمودي، حيث عندها يقترب سعر البرميل من القيمة الحقيقية له، الامر الذي يعني زيادة عائد برميل النفط العربي من وجهة النظر الاقتصادية،حيث تتعاظم القيمة المضافة للمنتجات النفطية المستولدة من برميل النفط في صناعة النفط والغاز الطبيعي، لتصل الى أقصى مستوياتها بالتكامل الرأسي لأنشطة الصناعة النفطية،لاسيما عندما تكون مملوكة لجهة واحدة.وتجدر الاشارة في هذا المجال الى ان صناعة النفط في العالم الثالث،ظلت قاصرة على انتاج النفط الخام وتصديره بهذه الهيئة لفترة طويلة، الامر الذي حرمها من القيمة المضافة التي تتحقق لبرميل النفط من العمليات اللاحقة في الصناعة النفطية،حيث كانت تحتكرها الشركات المتعددة الجنسيات،بما كانت تملكه من قدرة عالية على التمركز الشديد في هذه الصناعة، وهي استراتيجية طبقتها تلك الشركات منذ بدايات عصر النفط في نهايات القرن التاسع عشر، حيث أحكمت سيطرتها الكاملة على صناعة النفط العالمية عبر إقامة منظومة متكاملة تترابط ضمنها كافة مراحل الصناعة النفطية بشكل رأسي.
لذلك فان عزم دول مجلس التعاون الخليجي على إنشاء مجمعات صناعية بترولية متكاملة مشتركة،يعني ان النفط الخليجي بموجب هذه الاستراتيجية سيتحرر كليا من قيود هذه الحلقة المزمنة،ويحقق الاستقلال الناجز في الصناعة النفطية الخليجية العربية تخطيطا، وانتاجا،وتصنيعا، وتسويقا،بعد ان خرج من عنق زجاجة قيود ذلك الاحتكار المطلق.
وهنا ينبغي أن تتجه هذه الإستراتيجية النفطية، إلى تكثيف تشييد المزيد من المشروعات البترولية المشتركة بين دول المجلس بالدرجة الاولى، لقربها من مواقع انتاج النفط الخام اللازم للتغذية،واسواق الاستلاك المحلية والاقليمية،وقربها من موانئ تصدير الفائض من منتجات تلك المجمعات، اضافة الى انعدام مخاطر الاستثمار،على ان يتم تكثيف الانشاء في الاقطار العربية بالدرجة الثانية بأسبقية راجحة،حتى وان تطلب الامر القبول بفكرة النفقة الضائعة مرحليا، لما يحققه التكامل البيني في الاقتصادات العربية من وفورات ايجابية،ناهيك عن امتصاص البطالة،وتأهيل الكوادر الوطنية، وبناء القدرات والخبرات العربية لتنفيذ برامج البحث العلمي، المرتبطة بالأنشطة البترولية، وتوفير البرامج التي تحفز الكوادر الوطنية على الإبتكار، والإبداع، بالاضافة الى توطين التقنيات المتطورة في الصناعات البترولية، بما يرفع مستوى الاستيعاب التقني لها بموجب المعايير القياسية لنقل التكنولوجيا المعتمدة عالميا ، ويرتقي بالأداء الى مستوى انتفاع يقترب من الطاقات التصميمية للمجمعات، ويشجع عملية التطويع في نفس الوقت،وصولا الى التصنيع المحلي لبعض حلقات مفاصل المسلك التكنولوجي،بما يساهم بعد تراكم الخبرة مع الزمن، في بناء صناعة بترولية خليجية عربية واعدة.
على ان عزم دول المجلس على اعتماد هذه الإستراتيجية، وتطبيقها بشكل استرشادي،ومراجعة التطبيق كل ثلاث سنوات، يعطيها المرونة الكافية لتفادي السلبيات التي قد ترافق التطبيق،ويمنحها فرصة تجاوز أي معوقات في التنفيذ، قد تفضي الى الاخفاق في تحقيق اهداف تلك الاستراتيجية .
ولابد من ان تأخذ الاستراتيجية بنظر الاعتبار ،ترشيد انشاء المجمعات بما يتوائم بشكل صارم مع معايير الحفاظ على الاحتياطيات النفطية الخليجية، وصيانتها من الاستنفاد السريع، بحيث تضمن تحقيق مبدأ ان يكون احد اخر برميلين من النفط في العالم عربيا،طالما بقي استهلاك النفط على مركزه الراهن في هيكل الاستهلاك العالمي للطاقة.