بقي الغرب ينظر بعين الرضا والارتياح منذ تحول تركيا العثمانية الى الاتاتوركية العلمانية وافول خلافتها غير المأسوف عليها ، وباتت مدخلاً جديداً للعالمين العربي والاسلامي بتبني تجربتها الحديثة ، فضلاً عن فصل الدين عن الدولة كلياً واشاعة ثقافة رفض الدين الاسلامي وتعميقه في نفوس المجتمع التركي ذوي الاغلبية المسلمة . وبقيت المبادىء الاتاتوركية هي السائدة ، وعملت بعض الاحزاب الاسلامية التركية لاعادة هيبة الدين حسب ادعاءها تحت مسميات متعددة لان الدستور لا يسمح لها بالعمل . وكان اول سقوط حقيقي لرموزها هو الاسلامي (نجم اربكان ) مما جعل الاحزاب تتبنى سياسة جديدة في استقطاب النخب الاسلامية في الشارع التركي وبالتالي فوز حزب العدالة والتنمية بزعامة (اردوغان ) وانتهاجه استراتيجيتين الاولى انعاش الاقتصاد التركي المنهار والثانية اعطاء الدين والشريعة الاسلامية هامشاً من الحرية في النظام السياسي التركي وبدأ العمل على نار هادئة كي لا يسرع الجنرالات او مجلس النواب الاطاحة بافكارهم مثلما حدث سابقا . و عندما ازدادت شعبية حزب العدالة والتنمية لم يعد خائفاً للاطاحة به ، وقدم (اردوغان ) الدعم السياسي والمالي للحركات المتشددة في العالم الاسلامي التي تسير على خطى حزب العدالة والتنمية في نشر مشروعهم الاسلامي الجديد ، مما ادى الى ازدياد التطرف المذهبي والتشدد الاسلامي ، وبالتالي جعل الغرب لا سيما الولايات المتحدة في حالة توجس وطلبوا من (اردوغان ) مراجعة سياسته حيال هذا التشدد وكانت القضية السورية هي المحك له ولحزبه ، بعد ان تم ايواء الحركات المتطرفة وشكلت عامل خوف للغرب جراء تقوية هذه التنظيمات كتنظيم القاعدة وتشكيلاته . فيما ازدادت معدلات تراجع الحريات الصحفية واعتقال الصحفيين واصبحت تركيا ثالثة دولة بعد الصين وروسيا بعدد الصحفيين المعتقلين في سجونها ، مما شكلت صدمة للغرب في تحول تركيا الى دولة دينية متشددة ، فضلاً عن رفض ( اردوغان ) دعوات الغرب للتدخل في سياسيته . في المقابل يجد الغرب ان ايران تخطو خطوات ديمقراطية عززت من مسارها المعتدل لا سيما نجاح انتخاباتها وفوز الاصلاحي( روحاني ) فضلاً عن السجل الايراني النظيف في مجال مكافحة الارهاب ولا يحمل في طياته التعاون مع حركات التشدد الاسلامي . لذا اعتقد ان الولايات المتحدة سوف لن تكون راضية عن ايران حتى وان رحبت أوربا بما تقوم به لانها تدعم حركة حماس وحزب الله وتعادي اسرائيل ، وبالتالي مهما تفوقت على تركيا في مجال حرية التعبير ومكافحة الارهاب يحتاج العالم الحر ردحاً من الزمن لمعرفة الحقائق .