بتاريخ 1 / 1 / 1981 تم نفاذ القانون 52 لسنة 1980 قانون التأمين الإلزامي على السيارات ، حيث اعتبرت جميع السيارات في أراضي العراق مشمولة تلقائياً بالتأمين ، ويلتزم المؤمن بالتعويض عن الوفاة او الإصابة البدنية التي تلحق أي شخص جراء استعمال السيارة في الأراضي العراقية ، وتعد سيارة لأغراض القانون كل مركبة ذات محرك آلي يعمل بالوقود وقادرة على السير في الطرق البرية (عدا ما تسير منها على السكك الحديد) ، وتكون بحكم السيارة المقطورة الملحقة بها ، و يؤدي المؤمن مبلغ التعويض إلى صاحب الحق دفعة واحدة ، ولا يصح تقسيطه او جعله إيرادا مرتباً ، ويقصد بالمؤمن لأغراض القانون شركة التأمين الوطنية او أية جهة يعهد إليها تنفيذ إحكام هذا القانون ، وفي حالة دخول السيارة غير العراقية الأراضي العراقية فيشمل التعويض لما تسببه تلك السيارة من أضرار بأموال الغي، وألزم القانون دوائر المرور والدوائر المعنية الأخرى عدم إصدار وثيقة بتسجيل سيارة أو تجديد تسجيلها أو إجراء أية معاملة بشأنها أو السماح لها بدخول أراضي الجمهورية العراقية أو التجوال فيها ما لم يكن قد دفع عنها قسط التأمين المقرر , ومدة التأمين (سنة) ، وتجدد تلقائياً طالما كانت السيارة مسجلة في سجلات المرور أو سجلات الدوائر المعنية الأخرى , والجيل الذي عاش تلك الفترة يتذكر بأنه كان يقوم بتسديد أجور التامين الإلزامي عند تجديد السنوية كل عام ، وفي سنة 1988 حصل تغييرا مهما في مجال التامين الإلزامي للسيارات ، من باب تسهيل الإجراءات ومنع التنصل عن دفع رسوم التامين الإلزامي من خلال صدور القانون رقم 933 لسنة 1988 الذي نص على أمور عديدة ، أولها استيفاء قسط التأمين الإلزامي على السيارات والرسم السنوي عن تجديد أجازة تسجيل المركبة بطريقة توزيعها على مقدار ما تستهلكه المركبة من وقود بزيادة قدرها (15) خمسة عشر فلسا على اللتر الواحد من البنزين وعشرون فلسا على اللتر الواحد من زيت الغاز ، وثانيها توزيع المبالغ المتحققة لدى شركة توزيع المنتجات النفطية بعد استقطاع حصتها البالغة نصف بالمائة من هذه الزيادة ، بواقع (68%) إلى شركة التأمين الوطنية و (32%) إلى الموازنة العامة للدولة وتسدد بأقساط ربع سنوية ، وثالثا تنفيذ القرار ابتداء من 1/1/1988 .
وان القصد من هذا العرض هو التذكير بان أصحاب المركبات يدفعون اقسط التامين إلى شركات التامين مباشرة للمدة من 1/ 1/ 1981 ولغاية 31/12/1987 ، وبعد 1/1 / 1988 تحولت أجور التامين إلى مبالغ تستقطع من مشتريات البنزين والكاز وحسب النسب والمبالغ المشار إليها في أعلاه ، وقد اعتقد اغلب الناس إلى إن التامين الإلزامي قد الغي لان شركة التامين لم تروج حملات إعلامية او إرشادية لغرض دفع تعويضات الحوادث او غيرها التي يشملها غطاء التامين للطرف الثالث ، ونظرا لاستمرار سريان القانونين أعلاه فان جميع أصحاب السيارات في العراق يقومون بتسديد رسوم التامين الإلزامي للسيارات تلقائيا منذ بداية سنة 1988 ولحد اليوم فهذه الرسوم تسدد عند التزود بالوقود سواء كان بنزين أو كاز ، ويعني ذلك من الناحية العملية إن كل المبالغ التي دفعها أصحاب السيارات عن الأضرار التي أحدثوها بالغير سواء كانت دهس أو تصادم أو انقلاب أو غيرها ، والتي دفعت دية أو فصل أو غرامة أو تعويض على سبيل الإرضاء أو غيرها قد تمت بالخطأ ، لأنه من المفترض إن تتحملها وتدفعها شركة التامين الوطنية لأنها هي الجهة المعنية بالموضوع والتي قبضت وتقبض رسوم التامين بشكل أصولي ، وهذا الاعتقاد لايزال ساريا حتى اليوم رغم صدور القانون رقم 9 لسنة 2016 ( تعديل قانون التأمين الإلزامي من حوادث السيارات رقم 52 لسنة 1980 ) والذي اعتبر نافذا من تاريخ نشره بالوقائع العراقية بعددها 4404 بتاريخ 9/ 5 / 2016 والذي تضمن :
المادة 1 / تعد جميع السيارات في أراضي جمهورية العراق مشمولة تلقائيا بالتامين وفق أحكام هذا القانون .
المادة 2 / يضاف ما يلي إلى القانون و تكون المادة (4)
أولا : يستوفى قسط التامين الإلزامي على المركبات بنسبة (0.003) ثلاثة بالألف من مجموع مبالغ المبيعات الفعلية لشركة توزيع المنتجات النفطية من البنزين و زيت الغاز عدا المجهز إلى وزارة الكهرباء و تودع المبالغ لدى الشركة لحين توزيعها .
ثانيا : توزع المبالغ المتحققة لدى شركة توزيع المنتجات النفطية بعد استقطاع حصتها البالغة نصف بالمائة من هذه الزيادة بواقع (50%) إلى شركة التامين الوطنية و (50%) إلى الموازنة العامة للدولة و تسدد بأقساط ربع سنوية .
ويعني هذا التعديل إن شركة التامين الوطنية هي المسؤولة عن تامين جميع المركبات في العراق وأنواعها كافة وان مبلغ التامين يتم استيفائه بواقع 3 في الألف من جميع مبيعات البنزين والكاز ، وان حصة شركة توزيع المنتجات النفطية هي 5% من المبالغ المستوفاة وان نسبة 95% من نسبة 3 في الألف من إجمالي المبيعات توزع نصفها ( 50% ) إلى شركة التامين الوطنية والباقي تسجل إيرادا للموازنة الاتحادية ، وقد يسال أحدا ما هو مقدار المبالغ التي تدخل إلى شركة التامين الوطنية عن التامين الإلزامي للسيارات سنويا ؟، والحقيقة إننا لا نتملك الإجابة عن هذا السؤال لان القضية مستمرة منذ عام 1988 ولحد اليوم ولم تنقطع لان الغطاء القانوني لتحديد الحصص موجود ولم يعطل أبدا ، ولكن القارئ ربما يمكنه أن يقدر حجم تلك المبالغ أذا افترضنا إننا نستهلك أكثر من 30 مليون لتر من المحروقات يوميا من البنزين العادي والمحسن والكاز وهي عملية مستمرة خلال السنوات التي أشير إليها ، كما يحق للمواطن أن يسال ما هو مبلغ التعويضات الذي دفع لأصحاب السيارات والمتضررين ( الطرف الثالث ) في وقت لا يعلم فيه الكثير من المواطنين بان لهم غطاء للتامين كما إن اغلبهم قد لا يعرفون الطريقة التي يستفيدوا منها من هذا الغطاء ، فصاحب السيارة لم يزود يوما بوثيقة التامين كما انه لم يبلغ إن بإمكانه أن يستفاد من التامين في تغطية نفقات الحوادث كلا او جزءا للأطراف الأخرى التي تنشا عنها إصابات او وفاة او غيرها ، لان الشفافية قد تكون معدومة تماما حول الموضوع ، وان عرض ما تقدم ربما يمنح الحق في طرح سؤال بالخط العريض وهو أين تذهب مبالغ التامين الإلزامي على السيارات التي تتقاضاها شركة التامين الوطنية والتي تبلغ مليارات الدينارات، وهي من الشركات الحكومية التي ترتبط بوزارة المالية وتخضع لرقابة ديوان الرقابة المالية الاتحادي وجميع أجهزة الرقابة المرتبطة بالدولة ؟؟ ، فقد نجد إن حسابات الشركة سليمة بدرجة عالية ولكن المواطن بحاجة لمعرفة قدرتها على تغطية الحوادث باعتبارها المؤمن ، ونأمل أن نجد الإجابات مقترنة بالمزايا او التسهيلات التي حصل عليها المؤمن له من المؤمن ، بعد أن اكتشفنا إننا كمواطنين ندفع أجور التامين ضمن مشترياتنا من الوقود منذ 1988 ولأجل غير معلوم ومنها اليوم دون أن تقدم لنا أية مزايا او خدمات ، فالتامين كلفة ويجب ان تقابله منافع والعكس يعطي احتمالات بان التامين غير مجدي وبذلك يخالف المنطق وحقوق المواطنة والدستور .