منذ شهرين من الزمن , البدايه جاءت من الصين, من احد المقاطعات المكتظه بالسكان –وهان – وصلت الاخبار عالمنا الغربى القوى الممتنع والتى تحمل الكثير من التعالى و الشماتة والغرور عن انتشار وباء خطير, لايرى بالعين ولم تكتشفه اكثر المكروسكوبات قدرة وكفاءه ,اطلق عليه المصطلح العلمى ” الكرونا- Coronaviros” الذى يصيب الجهاز التنفسى ويؤدى الى الوفاة. لقد انتشر هذا الزائر الخبيث بسرعة فائقه وادى الى وفاة عددا من الاشخاص فى ” وطنه الصينى!” وبعث الخوف والرعب . الا ان اخبار هذا الوباء اخذت تصدر من بعض الدول الاوربيه فى ايطاليا مثلا, ناهيك عن الدول الفقيره, بما فيها الجمهوريه الاسلاميه التى تنكر وجود هذا الفيروس فى ايران اصلا وما يحصل انما هو احد اشكال الانفليوزا الشتويه المعتادة . ان الايام تمر بسرعه وتتسارع معها الاصابات فى بقية الدول الاوربيه, حيث صدرت فى المانيا بيانات حكوميه, خجوله جدا ومطمئنه الى اصابات فى ولاية بفاريا فى جنوب المانيا نتيجة رجوع احد زوار ايطاليا, ثم بعدها سريعا انتشرت الاخبار عن اصابات فى مقاطعة فستفاليا شمال الراين فى مدينة هاينبرغ نتيجه مشاركة احد المصابين الذى جاء بالفيروس من ايطاليا او الصين, فى الجلسات الحاشده فى احد”شو الكرنفال”. لقد اخذت اخبار الكرونا تنتشر وتتصاعد بسرعة مذهلة, من فرنسا وبلجيكا وهولنده واسبانيا…الخ وبدأت الحكومات تعطى تعليمات حول التعامل مع هذا الفيروس الخطير وتاكد بان الحاله جديرة بالاهتمام الا ان ذلك لا يدعو الى القلق والفزع, وذلك لاننا اخذنا التدابير اللازمه بالاضافه الى انظمتنا الصحيه تتمتع بكفاءه عاليه. بعد بضعة ايام تغيرت الصوره وتعقدت الحاله وذلك لان اعداد المصابين يتصاعد بشكل متطرد تجاوزت بضعة الالاف فى كل الدول الاوربيه وكذلك فى الولايات المتحده, كما ان اعداد الموتى اخذ يتصاعد وكان لابد من الشروع بسياسه اكثر حزما, ولكنها تنحصر فى اطار الوقايه,اخر بيان لـ ” روبرت كوغ” الشهير للبحوث العلميه وصف الحاله بـ ” الخطيره”. ان اسبانيا, فرنسا هولنده,ايطاليا والمانيا اعلن حالة الطوارىء الكلى والجزئى, كما اغلقت الحدود الدوليه وتفتح القضايا الضروريه. ان الوزراء والمسؤلين يحاولوا جاهدين تطمين السكان ومساعدة الحكومه فى تقليص حركتهم المعتادة والتزامهم بالهدؤ فى بيوتهم والكف عن تخزين اللسلع والاغديه, ان عمليه نقل البضائع سو ف لاينقطع. ان رياض الاطفال والمدارس والجامعات قد عطلت عملها بالاضافة الى المباريات الدولية ومباريات الدورى لكرة القدم قد توقفت ايضا, كما ان الكثير من القطاعات الاقتصاديه اوعزت بعض العاملين, قدر الامكان, انجاز عملهم فى بيوتهم.بشكل عام, انها صورة غريبهحيث الشوارع فارغة والعديد من المحلات التجاريه قد اغلقت وتقلصت حركة السيارات الى 60% تقريبا. المدينه هادئه لا ضجيج فيها.
ان هذه الاجازه الحكوميه سوف تستمر لمدة شهر تقريبا, وسوف ينظر وفقا لتطور الحاله الصحيه ومدى تقدم البحوث فى التوصل الى مضاد فعال ضد فايروس الكرونا. ان هذا الفيروز يقرض علينا سلطته وقدرته الرهيبه على القتل والارهاب, وبنفس الوقت يضعنا امام حقيقة مؤلمه.. ان كل هذا التطور العلمى والتكنولوجى والحضرى, كل هذا الدول القويه المستقرة, خاصة فى العالم الغربى, ان حياتنا ووجودنا فى مهب الريح, اننا فى خطر كبير والذى يمكن ان يؤدى الى ضحايا بشريه بالملايين, ناهيك عن التدمير المادى لمنجزات كبيره ذو قيمة حضاريه وبشريه. فى الحقيقة اننا ملزومون فى التفكير الجدى بالاهداف والوسائل السائدة والطاغيه فى معركة الحداثه والبحث العلمى والتفاوت الكبير فى الاموال التى ترصد لها سنويا والنتائج التى يتم التوصل اليها. هل يمكن قبول , او ان نصدق عدم التوصل لعلاج جديد للسرطان ومنذ بضعة عقود يقتصر على ” الجرع الكيمياويه” التى توجه قوتها ضد الخلايا المريضه والسليمه ومعاناة المرضى التى لا تجد صدى لها, او ان قضايا العمود الفقرى مازالت مشكله كبيره ومغامرة كبيره , نظرا لحالات الفشل الكثيره التى تحصل فى العمليات. من ناحية اخرى لماذا تحشد الجهود وتتوقف الدوله عن العمل وتقوم فى تطمين المواطنين من ان الحالة مسيطر عليها ولا يوجد دواعى للقلق . لقد عشنا فيروزات كثيره , السارز, انفليونزا الطيور والخنازير والايبولا دون ان نستقيد من التجربة المريره وننتقل من حالة رد الفعل الى حالة الفعل. ان هذه الفيروزات قد تطورات نتيجه لخلل فى التوزات الطبيعى واستخدامات غير صحيحه دون مراقبة اجهزة الدوله. ان الكرونا فيروز هو سواء ان كان نتاج لخلل طبيعى او فعل مقصود مخطط له مسبقا. ان التطور التكنولوجى فى حقل تطور السلاح وصل مراحل غير معقوله, الاسلحه الذريه بمختلف طاقتها التدميريه, الصواريخ العابره للقارات واسلحة الدمار الشامل العسكريه والكيماويه والاسلحه الاليه واالتى اصبحت وسائل الارهاب والرعب التى تستخدم مباشرة فى مختلف صنوف الارهاب. ان هذا التطور التكنولوجى لم يأتى اعتباطا وتطورت له حركة ذاتيه, هنا مصانع السلاح برساميلها الكبيرة وسلطتها النافذه وهنا الحكومه التى تدعمها بتمويل البحوث, بالعقود والتسهيل الضريبى … ألخ. شر البلية ما يبكى , مصانع السلاح تطور صواريخ متنوعه دات قدرات تفجيريه هائله وتطور بنفس الوقت منظومات ضد الصواريخ” باترويوت وما شاكل ذلك”
ان حقل صناعه الدواء, كما يوصفه بعض النقاد, بانهم من المافيا الكبيرة المستفحله, ويحصل سنويا على ارباح هائله ويتمتع بقوة مؤثره من خلال الجماعات الضاغطه التىيوظفها فى التاثير باصدار تشريعات ملائمة لهم, وكما يؤكد العديد من الخبراء والمختصين ان توصلوا الى ادويه وفى حوزتهم براءات اختراع متعدده لا تطرح حاليا فى الاسواق لحسابات اقتصاديه ربحيه, لماذا توظف رساميل طالما ان المنتوج ما زال يقدم ارباح كبيره . ان حالة قطاع صناعة الادويه يمكن ملاحظته والتاكد منه فى بقية القطاعات, كصناعة السيارات, والصناعات الكيمياويه, الزراعيه خاصة ,الكهربائيه والميكانيكيه , انهم جميعا يمتلكون القدره والخبره وبراءات الاختراع على انتاج الافضل وحماية الطبيعه ولكن لا يمكن ان يحصل لحسابات الربح والاستثمار.
ان ازمة فيروس الكرونا ليست جديده على المجتمعات البشريه, فقد حصلت عبر القرون الازمات الدوريه للانتاج الراسمالى, كما كانت ” الازمه الماليه- البنوك” اخر ازمه عنيفه فى القرن الماضى. ان الخبراء يعللون اسباب الازمه الماليه التى نتكت بالعالم الى استقلاليه حقول النشاط الاقتصادى واعتمادها المبادره والملكيه الخاصه, هذا يعنى
ان كل حقل اقتصادى يخطط داتيااا ووفقا لتقديره اوضاع السوق مما يؤدى الى فوضى فى الانتاج, بضائع مكدسه لا تجد من يقدم عليه, قروض مليونيه لا تجد من يسددها. ان تخطى تلك الازمات حصل نتيجة تدخل الدوله وضخ السوق بالاموال والعقود لتعود العمليه الاقتصاديه على الدوران. الازمه الماليه الاخيره قد كلفت دافع الضرائب الامريكى حوالى 870 مليار دولار, وحوالى 700 مليار يورو المواطن الالمان وكذلك فى فرنسا وبقية الدول الرأسماليه. ان التبعات الحاليه المباشره, الاوليه , وضعت لها المانيا مليار دولار, والباقى سوف يكون اعظم بكل تأكيد ولكن دون استخلاص تجربه ورؤيا جديده فى اسلوب الانتاج القائم على ” خصوصيه الارباح وجماعية الخسائر”.