أنس بن مالك “وأنس هذا من ضمن الصبية الّذين أدركوا الرسول وأعمارهم 10 سنوات من ضمنهم “ابن عبّاس” توفّى بعدها رسولنا الكريم .. يقول أنس : بعث النبيّ “ص” الاثنين وأسلم عليّ الثلاثاء وهو ابن “عشر سنوات” وقيل تسع , ولم يعبد الأصنام ( لصغره ! ) .. [ نستخلص من “لصغره” هذه “أنّ أيّ صبي وهو ابن عشر سنوات من الطبيعي لم يعبد الأصنام عبادة مقصودة وليس عليّ وحده كما يظنّ ذلك كلّ من عجز عن اتّباع السلوك العطر لعليّ فأخذ “بالبدائل” من تقديس ومُنصّصات لعليّ مُختلقة كتعويض ل”يلعب” على كيفه ! يخاف أن تُمسّ فتضيع مادّته الاحتفاليّة السنويّة فلا يجد ما يفرغ به “طاقاته” العباديّة المربحة ! .. قد يحدث أن يمرّ عليّ بأحد الأصنام لانتشارها في مكّة آنذاك كما يمرّ أحدنا اليوم على “فلكة” أو ترفكلايت قد يؤدّي لها طقس عبادي بطريقة صبيانيّة للمزحة فلن تكون سوى “مانتومايم” لا علاقة له بالعبادة الجادّة , وحتّى إن مارس عليّ العبادة , فسوف لن تحسب, وحتّى وإن كبر عليّ ولم تكن هناك بِعثة وساقته الظروف لعبادة صنم فهي في ميزان الخالق ليست أكثر “عبادة بالوراثة” لن تضر ولن تنفع لن يؤاخذ عليها عليّاً ولا غيره حتّى وإن بلغوا سنّ الرشد فقط يحاسبون على عدم استخدام عقولهم “جهاز التقييم والقرار” ـ الكاتب]..
دخل عليّاً يوماً على النبي , كما يذكر ذلك أنس بن مالك , ومعه خديجة وهما “يصلّيان” فتفاجأ فقال : ما هذا ! [بحسب علمي لم ـ يُأمر ـ النبيّ بالصلاة بعد إلاّ إذا كان المقصود صلاة “الأحناف” الّتي كان يتعبّد بها الرسول في غار حراء قبل أن يأتيه الوحي] .. فأجابه الرسول : “دين اللّه الذي اصطفاه لنفسه وبعث به رسوله .. فأدعوك إلى اللّه وحده لا شريك له وإلى عبادته والكفر باللّات والعزّى” فقال عليّ : هذا أمر لم أسمع به قبل اليوم “فلست بقاض أمراً حتى أحدث أبا طالب” , وقيل قال : أمهلني ثلاثاً وأحدّث أبا طالب .. وقيل أنّ النبيّ كره أن يستعلن أمره فقال له [وهو الأرجح لموائمته المنطق في مثل ظرف خطير كهذا] : “يا عليّ إن لم تسلم فاكتم هذا” , “فمكث عليّ ليلته فأصبح غادياً إلى الرسول فأسلم على يديه” وكان عليّ يخاف أن يعلم أبيه بإسلامه إلى أنّ اطّلع عليه “فأمره بالثبات عليه” فلم يعد يخشى .. [يعني نفهم من ذلك أنّ قصّة إسلام عليّ “قصّة بشريّة” تماماً لا علاقة لها باللاهوتيّات من تلك الّتي امتلأت بها أدبيّات “المنبريّون” اتّباع عليّ] ..
لعلّ أشهر ما مرّ على “عليّ المسلم” وهو في مكّة هي قصّة مَبيته في فراش الرسول ك”بودلير” بالفرنسيّة وفي لغة السيما أيضاً أي “بديل” والاستعارة من العربيّة واضحة .. تقول كتب “السنّة” : أنّ الرسول “ص” كان بانتظار جبريل “ع” فلمّا جاء أمره بالهجرة إلى المدينة اجتمعت حينها قريش “لقتله” عند باب بيت أبا بكر لأنّ الرسول توارى عند أبا بكر عن أنظار قريش “بعد أن أعلمه جبريل بمؤامرة قتله” فدعا عليّ لأن ينام في فراشه [أي في فراش خصّه أبا بكر للرسول بغرفةٍ ببيته] “ويَتَسَجّى ببرد أخضر ففعل” وقال له الرسول : “إنّ قريشاً لم يفقدوني ما رأوك” فاضطجع على فراشه .. وكان عليّاً “آخر من قدم المدينة من الناس ولم يُفتن بدِينه” هكذا تقول كتب السنّة .. [وطبيعي أن لا يُفتن فابن عمّه رسول الله وكان عليّاً يتبع ابن عمّه كما “الخشف” في اتّباع أمّه علاوةً على أنّ أيّ صبي من صبية تلك العهود خاصّةً مستعدّ لأن ينام “بودلير” لأيّ من يجد حاجة بها لانتشار “الثارات” قبل الإسلام لأنّ البودلير لا يُمسّ! .. عليّ يعرف ذلك فليس الأمر أكثر من ذلك] .. “فكانت قريش تنظر فراش الرسول طيلة الليل يرون عليه عليّاً فيظنّون أنّه الرسول ! ولمّا أصبحوا رأو عليّاً فقالوا لو خرج النبيّ لخرج بعليّ معه فحبسهم الله بذلك عن طلب الرسول حين رأو عليّاً !” [كما تقول كتب من أطلقوا على أنفسهم ببدعة واضحة “أهل السنّة”] .. يقول عليّ : أمرني أن أقيم بعده لكي أؤدّي ما عليه من ودائع للناس فأقمت ثلاثاً فكنت أظهر ما تغيّبت يوماً واحداً ثمّ خرجت فجعلت اتّبع طريق رسول الله “ص” [الّذي أعرفه أنّ آية “الصلاة على النبي” لم تنزل بعد! أقول هذا من باب تفحّص ما حول مادّة البحث فقد تحوي بما قد يبطل النصّ كلّه إذا لم ننتبه !] ؛ حتّى قدمت بني عمرو بن عوف ورسول الله “ص” مقيم , فنزلت على “كلثوم بن الهِدم” , وهناك منزل رسول الله “ص” .. خرج عليّ “رض” قاصداً المدينة فكان يمشي الليل ويكمن النهار حتّى وصل المدينة فلمّا بلغ الرسول “ص” قدومه المدينة قال : ادعوا لي عليّاً .. قالوا يا رسول الله لا يقدر أن يمشي ! [حالة فقر مدقعة دفعت الرسول نفسه وهو ابن خمسة عشر عاماً لأن تفتح له السيّدة خديجة بوساطة من أبي طالب “بسطة” صغيرة يسترزق منها وكذلك هيَ] فأتاه “ص” فلمّا رآه اعتنقه وبكى رحمةً لما بقدميه من الورم , “وكانتا تقطران دماً” ( فتفل) “ص” في يديه ! ومسح بها رجليه ودعا له بالعافية فلم يشتكهما حتّى استشهد “رض” .. [ليست هذه التفلة في عيني عليّ وحدها بل وقبل معركة خيبر أيضاً تفل “ص” بعينيّ عليّ ليذهب عنه “الرّمَد” الّذي يشكو منه بحسب كتب “السنّة” كي يسّلمه راية قيادة المعركة] .. [هنا نرى أن “تفلة” السيّد “المهاجر” لها أصل وسند ولم تأتي من فراغ أو من بدعة ابتدعها المهاجر لا سامح الله كما يظنّ البعض “إنّما هي أصل من أصول الدين” ! وعندما نقول للسنّة أنتم من مهدّتم للشيعة الغوص في التطرّف والغلوّ في آل البيت بمثل هذه “الموضوعات” الّتي يغلب عليها الهوى “تزعلون” وأنتم في كتبكم من قال أنّ النبيّ أطعم حَفَرَة الخندق جميعهم بدجاجة واحدة هي دجاجة “أمّ الدرداء !” ونستخلص من هذا أيضاً أنّ العرب قبل الإسلام وبعده كانوا يأكلون الدجاج ! , وعندما يأكلون الدجاج يعني يأكلون البيض , بيض أبو عين أو مخبوط “أومليت”! لكنّ الّذي أعرفه أنا على الأقلّ أنّ غالبيّة “العرب” وخاصّةً أهل البادية ولغاية بضعة عقود يستنكفون أكل الطماطم أو يزرعونها أو السمك أو الدجاج أو البيض عدى طيور البرّ والشياه “باعتبار أنّ الذئب يأكل الشياه” ! وما انفتحت شهيّتهم على هذه الأطعمة في العراق مثلاً إلاّ بعد أن استقرّ الكثير من الأعراب ومن البدو في المدن وحولها ـ الكاتب] ..
تقول كتب “السنّة” : في غزوة أحُد قام طلحة بن عثمان فقال : يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن اللّه يعجلنا بسيوفكم إلى النار ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فهل منكم أحد يعجله اللّه بسيفي إلى الجنة أو يعجلني بسيفه إلى النار فقام إليه عليٌّ بن أبي طالب “رض” فقال : والذي نفسي بيده لا أفارقك حتى أعجلك بسيفي إلى النار أو تعجلني بسيفك إلى الجنة فضربه عليٌّ فقطع رجله فسقط فانكشفت عورته فقال : أنشدك اللّه والرحم يا ابن عم فتركه فكبَّر رسول اللّه “ص” وقال لعليّ أصحابُه : ما منعك أن تجهز عليه قال : إن ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته فاستحييتُ منه ! .. [هذه الحادثة استلّتها كتب الشيعة وكتب السنّة على السواء فكرّروها لعليّ بحوادث مماثلة وزّعوها عليها زيادة في حبّهم له بنظرهم لا أكثر بينما هي غير صحيحة ومن المشوّشات على تراث المسلمين! وأشهرها صرع علي لمعاوية في معركة صفّين وهمّ بقتله فكشف الأخير عن عورته فاستحى عليّ فعفا عنه !] ..
لقي عليّ من بعض المسلمين في لباسه , أي ما يلبس من ملابس استغربوا لها فقال : “مالكم ولباسي !.. هذا هو أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدي به المسلم” .. ! .. [في الحقيقة لي وقفة عند هذا القول لكثرة تردّده ويفتخر به “الشيعة” لغالبيّتهم الفقيرة أحبّوا عليّاً يلبس مثل ملبسهم! وهذه طبعت “الشيعة” بطابع بعيد عن نهج الإسلام] .. فعن عمّار بن ياسر “رض” كما يزعم أهل “السنّة” أنّه قال : قال رسول الله “ص” لعليّ : “إنّ الله قد زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينة أحبّ منها , هي زينة الأبرار عند الله , “الزهد في الدنيا” فجعلك لا ترزأ من الدنيا ولا ترزأ الدنيا منك شيئاً , ووصب لك المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعاً ويرضون بك إماماً !.. [يعني أنت يا عليّ إماماً للفقراء وللمجادي فقط لا لكلّ المسلمين!.. من وضع هذا الحديث وكأنّه يتحدّث عن إسلام لا يصلح إلاّ للمناطق المنكوبة فقط !, فإذا كان إمام الإسلام هكذا فكيف بحال الرعيّة!.. وهل على ضوء ما يُزعم أنّ عمّار سامحه الله روى هذا الحديث فلا غرابة أن يكسب معاوية إلى جانبه خيرة قادة المسلمون المقرّبون من عليّ وخيرة “المفكّرون” والأدباء والشعراء ومنهم قائد جنده على الريّ وأشهرهم في محاربة الخوارج ويلجأ إلى معاوية [أظنّها مكيدة من المعمّم المتاجر بالدين معاوية خطّط لها ولغيرها لعزل عليّ] بعد أن كان قد عاد للتوّ من القتال ستّة أشهر وهو يخوض المعارك عندما طلب من أبا الحسنين راتبه للمدّة الّتي قضاها بالقتال فأعطاه المال فاستغرب لقلّته فقال له : “أتعطني يا أبا الحسن كما تعطي قنبر! وقنبر هذا هو خادم بيت المال , فأجابه عليّ : نعم أعطك مثلما أعطي قنبر! [أعتقد في الرواية شيء من الغلوّ المقصود] فما كان من قائد جيشه إلاّ والتحق بمعاوية من ساعتها! في حين أنّ الرسول “ص” وآل بيته على عكس ما يدّعي الشيعة وبعض السنّة المتصوّفة منهم فقد كانوا يحبّون الظهور بأحلى مظهر “طرق باب رسول الله يوماً وهو في ضائقة ماليّة فمسح الرسول على عجل بمشط شعر رأسه ومسح نعله واعتدل جيّداً ثمّ فتح الباب” ! وكان الحسين والحسين يعيران بالاً لمظهرهما كثيراً وخاصّةً الحسن يتعطّر كثيراً اقتداءً بالرسول المحبّ للتعطّر كثيراً ويحبّ الطعام وخاصّةً كتف الشاة ! .. وكذلك زين العابدين رغم ما أصابه من هذيان “ع” .. وعلى النقيض فإنّنا لا نعلم كيف تسلّلت إلى كتب المسلمين عامّةً لكلّ ما من شأنه الاقلال من شأن عليّ أو عمر أو آل البيت “قصّة دشداشه عمر وهو يخطب الجمعة مثالاً” وبعكس ما نعلم أو ما نعرف عنهم من عناية بمظهرهم “ملابس غير مرقّعة” في حدود المسموح حيث نعلم أنّ التأنّق يكون أكثر إقناعاً للناظرة ويدفع بصاحبه البحث عن عمل باستمرار كي يشتري ما يحلّي بمردوده مظهره ومظهر عياله وطعامهم وأدوات منازلهم وهذه من أهمّ وصايا الإسلام للمجتمع المسلم ( خذوا زينتكم عند كلّ مسجد ) قرآن ! , بدل أن يرموا بكسلهم نحو آل البيت وتقاعسهم عن البحث عن الرزق “وشلون تموت وانته من أهل العمارة !” النساء تعمل والرجال لا يريدون العمل ! وعندما تسأل أحدهم ما هذه الثياب الرثّة وما هذا الكسل والتقاعس ما هذا الإفلاس البائن على الوجوه يجيبك إنّها من أخلاق آل البيت ومن زهدهم عن الدنيا ! ..
كثيراً ما كان يشكو لي من حاله الموروث هذا عند الشيعة بعدم الاعتناء بالمظهر صديق عزيز من سكنة مدينة الثورة ببغداد منذ أيّام الدراسة الجامعيّة وكان [أحسن من يعمل على عجلة “ويل” السيراميك في العراق ومن النوادر العالميّة] كرّر “حسراته” في إحدى لقاءاتي به بعدما التقيته ثانيةً بعمّان هذه المرّة بعد غياب سنتين عن بغداد أواسط تسعينيّات القرن الماضي وكان قد رأى ما رأى بعينيه “وهو يتحسّر بحديثه” عن فتيات الطبقة الراقية من “الطالبات” من المجتمع العمّاني حيث كان يحاضر لمادّة “التزجيج” في بعض مدارسهنّ الخاصّة فكان يصل به من شدّة انبهاره بهنّ إلى تعنيف ذاته حين أوّل كلّما يلقاني ويلوم والديه وبعصبيّة أحياناً تصل حدّ اللعنات وعلى أئمّة “مذهبه” ومرجعيّاتهم بالذات “الّذين علّموهم شظف العيش والرثّ من الملابس كمنهج تربوي عام اقتداءً بعليّ وبآل بيته !” بحسب ما يصف وكثيراً ما أكسر أنا مهضوميّته تلك بدعوتي له إلى “جبري” لتناول النابلسيّة الّتي يعشقها “ابن هذّال” هذا ! ..
طبائع العرب المتشكّلة من بيئتهم تتشكّل بالزهد أساساً وبتقديس البطولة لافتقارهم لها لشحّتها ولندرتها فينا بحكم قساوة بيئة النشأة الأولى وإلاّ لما قدّسناها في أشخاص كعليّ مثلاً ! عدى الخارجون عن القانون عنترة وأبا ذرّ وبصير وغيرهم من “صعاليك” مكّة تمرّدوا على ذلك المجتمع التافه وأخذوا يقطّعون أوصاله عبر القوافل عند الطرق الخارجيّة , يعني لربّما لو أنّ إحدى قوى اليسار الّتي برزت بدايات القرن الماضي في روسيا أو في غيرها ونجحت 70 عاماً في قيادة العالم وليس ثلاثون هي كامل عصر “النبوّة !” مضاف إليها كامل عصر الراشدين ! , ولو كان ذلك حدث في بلداننا العربيّة بدل روسيا لا سامح الله ! لرأينا التقديس وعبادة نصوص القوى الثوريّة تكتسحنا الآن على أتمّ صورها ولربّما لأصبحت احتفالاتنا أو أحاديثنا بدلاً عن آل البيت بأحاديث جرح الرفيق الفلاني ابن عمّ فلان بالحرب العالميّة الثانية أو “أربعينيّة مردّ رأسه” وقال ابن سبط لينين أو من آل بيت العشرة المبشّرة في الديالكتيكيّة الثوريّة لستالين وحكى أنجلز أو من عترته آل بيته الخ ! .. هي هذه العرب وطبائعهم هم مع الأبطال المنتصرون لا المغلوبون ومن يشذّ عن ذلك يُقدّس! .. ألم يصل عدد الآلهة عندهم في الجزيرة وحدها قبل بعثة “اليساري” محمّد إلى 365 صنم معبود هم أبطال من أصول عراقيّة من عصور سحيقة عدى الأصنام الّتي كانت تصنع من التمر والكعك ومن الباذنجان من الّتي لا حصر لها “وفقدت” لأنّها أكلت “وذهبت” واختلطت مع التراب .. هم العرب هكذا وإلاّ لم تطلق عليهم هذه التسمية العبرانيّة يحبّون التجمّع حول ما متّفق عليه بينهم وصدّقوها “الهنود الحمر لربّما من أصول عربيّة !” ودائماً هم متّفقون قبل أن يدخل “الشيطان” بينهم “بسيّارة رشّ الماء” لتتعدّد بعدها تجمّعاتهم متفرّقون جماعات جماعات متعادون بينهم كلّ حزب بما لدى جماعتهم فرحون ..