منذ اللحظات الأولى لتكليفه .. الميليشيات تصفه بـ”صبي أميركا” والزرفي يتعهد بحصر السلاح بيد الدولة !

منذ اللحظات الأولى لتكليفه .. الميليشيات تصفه بـ”صبي أميركا” والزرفي يتعهد بحصر السلاح بيد الدولة !

خاص : كتبت – هانم التمساح :

اشتعلت حرب التصريحات بين رئيس الوزراء العراقي المُكلف، “عدنان الزرفي”، وبين الميليشيات العراقية، التابعة لـ”إيران”، منذ اللحظات الأولى لتسلمه مهام تشكيل الحكومة، ما يعني أن تلك الميليشيات لن تسمح لـ”الزرفي” بممارسة مهماته بسهولة؛ وأنها ستضع أمامه العراقيل.. وبالرغم من ذلك بدا “الزرفي” حاسمًا في تصريحاته الأولية بشأن القضايا الشائكة؛ كحصر سلاح الميليشيات ومحاسبة قتلة المتظاهرين وسرعة مناقشة الموازنة العامة للدولة.

تصريحات تُشبه تصريحات “علاوي”.. ولكن !

وكما ذكرنا؛ بدأت تصريحات “الزرفي”، منذ اللحظة الأولى لإعلانه رئيسًا للحكومة، نارية تُشبه تلك التي خرج.بها، “محمد توفيق علاوي”، لاسترضاء الشارع العراقي، لكن الثاني فشل في مهمته.

وقال رئيس الوزراء العراقي المُكلف، “عدنان الزرفي”، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، في وقت متأخر ليل الثلاثاء؛ إنه سيحرص على التحضير لانتخابات نزيهة وحرة وشفافة خلال فترة أقصاها سنة من تشكيل الحكومة المقبلة.

ووعد “الزرفي” بالعمل على: “حصر السلاح بيد الدولة والقضاء على كل المظاهر المسلحة، وبسط سلطة الدولة، وتعزيز استعادة السلم الأهلي التام والتعايش المشترك بين الجميع على اختلافهم وتنوعهم”.

وتعهد ببذل: “جهد أكبر لمواجهة خطر تفشي فيروس كورونا”، ودعم خلية الأزمة و”إتباع السياقات العلمية المعمول بها في الدول المتقدمة”.

وأعلن “الزرفي” التعجيل بإرسال موازنة 2020 إلى “مجلس النواب” للتصديق عليها؛ بعد إعادة النظر في إمكانية زيادة الإيرادات، وخاصة غير النفطية منها، والحد من الإنفاق غير الضروري لمعالجة العجز المالي.

وأضاف بأنه سيعمل على: “حماية أمن المتظاهرين والناشطين، والتأكيد على حرمة التعرض لهم”، إضافة إلى: “الاستجابة لمطالبهم المشروعة في تحقيق العدالة الاجتماعية وتوفير فرص العمل وتحسين مستواهم المعيشي”.

كما توعد رئيس الوزراء المُكلف: بـ”ملاحقة القتلة”، والكشف عن: “هوية من كان وراء سقوط آلاف القتلى”، سواء من المتظاهرين السلميين أو من القوات المسلحة.

وتعهدد بتطوير المؤسسات الأمنية والعسكرية، ودعم هيئة (الحشد الشعبي) وقوات (البيشمركة)، باعتبارهما جزءًا من المنظومة العسكرية للبلاد.هذه التصريحات سبق وأعلنها “علاوي”، الذي فشل في تشكيل الحكومة، فلماذا فشل “علاوي” وهل ينجح “الزرفي” فيما فشل فيه سابقه ؟

لماذا فشل “علاوي” وهل ينجح “الزرفي” في تجاوز العقبات ؟

من الخطأ الحديث عن فشل “محمد علاوي” في مهمته ووصفها بالانسحاب، فهو لم ينسحب إطلاقًا، بل انتهت مدته الدستورية حتى آخر دقيقة منها دون أن يتم التصويت على كابينته، وبالتالي فهو فشل بمهمته، ولا تُعد رسالته أكثر من سيناريو للخروج بماء الوجه. أما أسباب فشل “علاوي”، فلها إتجاهين :

أولًا – أسباب سياسية عامة..

تتبلور في تمسك السياسيين الكُرد والسُنة بالمحاصصة، واستغلالهم أزمة الساحة الشيعية لإبتزازه؛ وفرض مصالحهم الخاصة. ولم تتبنى ترشيحه أيًا من الكتل الكبيرة، ففقد الدعم السياسي نسبيًا، وقوة التفاوض مع الأطراف المعارضة. هذا علاوة على معارضة أغلب ساحات التظاهرات له لأسباب تتعلق بمواصفات المرشح، وأخرى خارجية، وسط  غياب الدعم الدولي له في ظل إنكفاء إيراني وتوجه أميركي نحو أجندة مختلفة.

ثانيًا – أسباب شخصية تتعلق به..

ومنها تبنيه، منذ اللحظة الولى، خطاب استفزازي، ولغة تهديد ووعيد، في وقت كان يفتقر لأي أدوات قوة، ولم يكن الشارع معه، وهو ما جعل الكتل والبرلمان يعرقلون تشكيل حكومته، مع عدم استيعابه للتعقيدات الراهنة، ومحاولته القفز على الواقع كاملًا، وليس بالتدرج المرحلي. وتجاهله لفكرة المحاصصة؛ مما جعل  المكون الشيعي، ينقلب عليه إلى جانب رفض البرلمان والشارع والسُنة والكُرد له. مع تقديمه كابينة وزارية جدلية، وغير متوازنة، جلها كبار السن وفاشلون ومقيمون بالخارج، ولا وجود للشباب فيها إطلاقًا، رغم أن حراك التغيير صنعه الشباب. وتجاهله كسب ثقة ساحات التظاهر، والحراك الشعبي، مما أفقده الظهير الجماهيري في مواجهة ضغوط المكونات.

أما “الزرفي” فهو يتمتع بدعم أميركي؛ علاوة على دعم جماعة “حيدر العبادي” وتحالف (النصر) له، بالإضافة الى علاقاته الجيدة بالعمق العربي والخليجي بالتحديد. فهل ينجح بدعم هؤلاء لتخطي عقبات تشكيل الحكومة، هذا ما ستكشفه الأيام القلائل القادمة.

وصفوه بأنه أميركي الميول..

و”الزرفي”؛ هو محافظ سابق لمدينة “النجف” سبق له أن شغل مسؤوليات كبيرة في “وزارة الداخلية”، قبل أن يدخل البرلمان نائبًا عن تحالف (النصر)، بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق، “حيدر العبادي”.

ويُتهم “الزرفي” بأنه: “أميركي الميول”، من قِبل القوى السياسية الموالية لـ”إيران”، بسبب تشجيعه على الاستفادة من إمكانيات “الولايات المتحدة” والغرب والعمق العربي عمومًا والخليجي على وجه الخصوص، لـ”العراق”.

رد أميركي..

وكعادتها لا تعلن “الولايات المتحدة” عن مقاصدها بشكل مباشر، لكن دائمًا ما تُغلفها بشعارات حقوق الإنسان ودعم الشعوب، وفي أول رد فعل أميركي؛ قال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، إن العراقيين يريدون حكومة تُحافظ على سيادة البلاد وتوفر الإحتياجات الضرورية وخالية من الفساد وتحمي حقوق الإنسان.

وأضاف “بومبيو”، في تغريدة على (تويتر)؛ أنه: “إذا وضع رئيس الوزراء العراقي هذه المصالح على رأس أولوياته؛ فسيحظى بدعم أميركي ودولي”.

انقسام شيعي حول “الزرفي”..

وقبيل ساعات معدودة من التكليف، انقسمت القوى الشيعية إلى معسكرين، يضم الأول تحالف رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”؛ وائتلاف (سائرون)، المقرب من زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، و(تيار الحكمة)، بزعامة “عمار الحكيم”، ويؤيد “الزرفي”. والثاني يضم (منظمة بدر)، بزعامة “هادي العامري”، و(عصائب أهل الحق)، بزعامة “قيس الخزعلي”، وائتلاف (دولة القانون)، بزعامة “نوري المالكي”، ويعترض على “الزرفي”.

وعندما وجد المعسكر الشيعي الثاني أن الرئيس العراقي يوشك على تكليف “الزرفي”، طلب مهلة ساعات، وهو ما إنتهى إليه اجتماع في منزل “برهم صالح”، إنتهى حوالى الثالثة من فجر أمس، وأفادت المصادر بأن “العامري” طلب من “صالح” تأجيل إعلان اسم المرشح ساعات عدة، حتى تتوافق القوى الشيعية في شأنه، لكن “صالح” في النهاية أعلن، “الزرفي”، رئيسًا للحكومة على غير رغبة “إيران” وأتباعها بـ”العراق”.

تهديد الرئيس بسبب تكليف “الزرفي” !

(عصائب أهل الحق) بدورها كان لديها رأي آخر، إذ يقول القيادي الميداني فيها، “جواد الطليباوي”، الذي يُعرف بقربه من “الخزعلي” في تصريحات صحافية: “لن يُمرر أي شخص لرئاسة الوزراء خلافًا لإرادة الشعب”، حسب تعبيره، ويرى “الطليباوي” أن: “هذه خيانة لدماء الشهداء وتضحيات المجاهدين”، يقصد تولي “الزرفي” رئاسة الحكومة.

ويُعدّ تصريح “الطليباوي”، الذي وزعه شخصيًا على وسائل الإعلام، مذيلاً بتوقيع “مجاهدي المقاومة الإسلامية”، تهديدًا للرئيس للعراقي والقوى التي تدعم تكليف “الزرفي”، ما أضفى المزيد من التعقيد على المشهد العراقي، ولم تكتف حركة (العصائب) بإعلان موقفها وموقف المجموعات العراقية المسلحة التي توالي “إيران”، وتعمل تحت لافتة “المقاومة الإسلامية”، بل أصدرت تعليقًا على لسان المتحدث باسم جناحها السياسي، “محمود الربيعي”، جاء فيه: “واهم من يعتقد أن عراق الشهداء والمقاومين، وبعد كل الانتصارات التي حققها ضد الإرهابين والمحتلين، يمكن أن يُسلم قياده لصبيان الأميركان والمستهترين”، في إشارة إلى “الزرفي”.

تكليفه نتيجة فشل تفاهمات الكتل الشيعيةّ..

وجاء اختيار “الزرفي” نتيجة فشل التفاهمات التقليدية بين القوى الشيعية، ما دفع الرئيس العراقي لإعلان تكليف “الزرفي”، وقال سياسي بتحالف (النصر)، الداعم لـ”الزرفي”، أن: “ضرورات المرحلة تتطلب تكليف شخصية قوية، يُمكنها إدارة توازن قلق بين النفوذين الإيراني والأميركي في العراق”.

وأوضح أن: “العراق مُقبل على أزمة اقتصادية بسبب إنهيار سوق النفط، وهو يواجه مخاطر تفشي وباء (كورونا)، ومن دون علاقات وثيقة مع العالم كله، لا يمكنه تخطي المرحلة”، مشيرًا إلى أن: “إيران تُريد حجر العراق في زاويتها، لينظر إلى مصالحه وإلى العالم من خلال عيونها، وليس عيون أبناء شعبه”.

كواليس ساعات الحسم والتغيير في آخر لحظة..

‏وكانت مصادر مواكبة؛ أفادت بأن الساعات المقبلة ستشهد جولات تفاوضية جديدة لحسم أمر المرشح لرئاسة الوزراء، في ظل الحرج الذي يواجهه رئيس الجمهورية، بعدما تورط في خرق دستوري، لأنه تجاوز المهلة القانونية للتكليف من دون الإعلان عن اسم المكلف.

وكانت الأروقة السياسية قد تداولت ثلاثة أسماء، قبيل إعلان “الزرفي” رئيسًا للوزراء مُكلفًا بتشكيل الحكومة، هي فضلاً عن “الزرفي”، رئيس جهاز المخابرات، “مصطفى الكاظمي”، والمسؤول في رئاسة الجمهورية، “نعيم السهيل”، وسط إشارات بشأن تقدم حظوظ المرشح الأول.

لكن الساعات الأولى من فجر يوم الإثنين؛ حملت أنباءً مختلفة، إذ إنهار التفاهم بشأن “السهيل” لسبب غريب، وفق ما أوضحت المصادر، إن إثنين من ممثلي القوى الشيعية السبع تقدما بوثيقة تعود إلى عهد “نظام البعث” تؤكد أن “السهيل” تبرّع بإنشاء جدارية تحمل صورة الرئيس الراحل، “صدام حسين”، عندما كان يُدير البلاد. ودافعت خمس قوى أخرى بأن الوثيقة مزورة، وتمت فبركتها خلال الساعات التي شهدت تزايد حظوظ “السهيل”.

رواية أخرى تقول؛ إن “الصدر” و”العبادي” تمسكا برفض “السهيل” لأنه محسوب على زعيم ائتلاف (دولة القانون)، “نوري المالكي”، وإن “وثيقة الجدارية” كانت مجرد غطاء، إذ سبق للمرشح المذكور أن خدم في حكومتي زعيم ائتلاف (دولة القانون)، بين عامي 2006 و2014، ضمن مناصب مرموقة عدّة. وهذا الخلاف جعل اسم رئيس الوزراء يتغير من “السهيل” لـ”الزرفي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة