خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في محاولة أخيرة لإنهاء حالة الجمود السياسي التي تعيشها “إسرائيل” وسط انتشار لفيروس “كورونا” القاتل، استدعى الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، مساء يوم الأحد، رئيس الحكومة الانتقالية، “بنيامين نتانياهو”، ومنافسه، “بيني غانتس”، زعيم تحالف (أزرق-أبيض) الوسطي، والأحزاب السياسية؛ لإجراء محادثات عاجلة لبحث تشكيل الحكومة المقبلة، وذلك في مقر الرئاسة.
وقالت صحيفة (إسرائيل 24)، إن المشاورات التي أجرتها الأحزاب الإسرائيلية مع الرئيس الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، انتهت بتوصية 61 عضوًا من “الكنيست” على تكليف، “بيني غانتس”، بتشكيل الحكومة الجديدة، فيما حصل رئيس الحكومة الانتقالية، “بنيامين نتانياهو”، على 58 توصية من أعضاء كتلة اليمين، وأمتنعت عضو الكنيست، “أورلي ليفي أبيكاسيس”، من التحالف اليساري لأحزاب (العمل، وغيشير وميرتس)، عن التوصية.
حيث أوصى زعيم حزب (يسرائيل بيتينو)، “أفيغادور ليبرمان”، رئيس الدولة الإسرائيلي، “رؤوفين ريفلين”، بتكليف، “بيني غانتس”، بتشكيل الحكومة؛ لمنع الذهاب لانتخابات رابعة، كما أوصت (القائمة العربية المشتركة) أن يُشكل “غانتس” الحكومة.
أما على الجانب الآخر؛ فأوصى تحالف الأحزاب اليسارية، وهي أحزاب (العمل، غيشير، وميرتس)، لكي يُشكل، “بيني غانتس”، الحكومة، بينما إمتنعت النائبة، “أورلي ليفي أبيكاسيس” من حزب (غيشير) عن التوصية؛ بحجة أنها ترفض دعم حكومة يقودها، “غانتس”، ومدعومة من (القائمة العربية المشتركة)، فيما أوصت كتلة (الحريديم) بكل أحزابها؛ لكي يقود، “نتانياهو”، تشكيل الحكومة الجديدة.
وبهذا التحالف الأكبر؛ الذي صب في مصلحة “بيني غانتس”، سيُصبح هو المسؤول عن تشكيل الحكومة في فترة لا تتجاوز 28 يومًا.
جولة الانتخابات الرابعة غير ممكنة..
وخلال تسليمه كتاب التكليف لـ”غانتس”، قال “ريفلين”: إن “الجولة الرابعة من الانتخابات غير ممكنة؛ والمفاتيح الخاصة بتشكيل حكومة في إسرائيل هي الآن بين يديك ومفتاح جميع المسؤولين المنتخبين من جميع الأحزاب”.
وأضاف: “يمنحك القانون ثمانية وعشرين يومًا، اعتبارًا من الغد، لتشكيل الحكومة، هذه فترة قصيرة، ولكن نظرًا للظروف الحالية، حالة الطواريء الوطنية والعالمية، فهي طويلة جدًا. الوقت المُلح وحجم التحديات يتطلبان تشكيل حكومة في إسرائيل”.
تشكيل حكومة وحدة وطنية..
ورد عليه “غانتس”: “أعدك بأنني سأبذل قصارى جهدي لتشكيل حكومة وطنية واسعة قدر الإمكان في غضون أيام قليلة”.
وتابع: “سأقيم حكومة وحدة وطنية تُمثل جميع مواطني إسرائيل وتدافع عن حقوق سكان يهودا والسامرة، (أي المستوطنين في الضفة الغربية)، والمواطنين العرب والمقيمين في المحيط ووسط البلاد”.
وأضاف “غانتس”: “سأخدم الناخبين من جميع الأحزاب وجميع مواطني إسرائيل، سأقود الجهد لشفاء المجتمع من مرض كورونا، وكذلك من مرض الانقسام والكراهية”.
ووجه نداء للوحدة، بما في ذلك إلى “نتانياهو”، وقال: “بروح هذه الأيام، أمد مرفقي إلى جميع القادة، بما في ذلك، نتانياهو، وأحثهم على الإنضمام إليَ وأصدقائي في رحلة علاج المجتمع الإسرائيلي، لطالما أردت الوحدة التي لم تأتِ على حساب القيم الديمقراطية”.
مشيرًا رئيس الحكومة المكلف؛ إلى أنه حان الوقت لقادة الأحزاب الأخرى و”نتانياهو” ليقرروا ما إذا كانوا مستعدين للسير في هذا الطريق.
اتصالات لم تُسفر عن نتيجة !
وعلى الرغم من التوصية بـ”غانتس”، تبقى إمكانية تشكيل حكومة إسرائيلية جديدة صعبة في ظل الانقسامات العميقة داخل الأحزاب التي دعمته، وخاصة تلك التي بين (القائمة العربية المشتركة) وزعيم حزب (إسرائيل بيتنا)، “أفيغدور ليبرمان”.
ولطالما أعلن “ليبرمان” عن رفض تشكيل حكومة ائتلافية بدعم العرب، الذين وصفهم في السابق بأنهم: “طابور خامس”.
ولم تُسفر الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي كانت الثالثة في “إسرائيل” خلال أقل من عام، عن نتائج حاسمة.
ورغم فوزه في الانتخابات الأخيرة، حالت ثلاثة مقاعد برلمانية دون تكليف “نتانياهو” تشكيل الحكومة؛ إذ حصد وحلفاؤه 58 مقعدًا، في حين يتعين حشد تأييد 61 نائبًا في البرلمان لتشكيل الحكومة.
وأصر “نتانياهو”، الذي يُعتبر رئيس الوزراء الأطول خدمة في “إسرائيل”؛ بالإضافة إلى كونه أول رئيس وزراء يواجه اتهامات وهو في منصبه، على أن الناخبين منحوه تفويضًا للاستمرار في منصب رئيس الوزراء.
وأجرى “غانتس” اتصالات مع حلفاء “نتانياهو” المتدينين الإثنين، لكن لم يتوصلوا إلى اتفاق في الوقت الحالي.
وحث زعيم حزب (يهودوت هتوراة) المتشدد ووزير الصحة، “يعقوب ليتسمان”، “غانتس”، على أن يُركز على محاربة الفيروس المستجد ويبقى يدعم “نتانياهو”.
ويسعى الرئيس الإسرائيلي إلى تشكيل حكومة “بأسرع وقت ممكن”، لمساعدة “إسرائيل” على تخطي وباء (كوفيد-19).
توقعات بحكومة طواريء..
وفي تعليق على مدى قدرة “غانتس” في تشكيل الحكومة، أشارت محللة الشؤون الحزبية في (يديعوت أحرونوت)، “سيما كدمون”، إلى أن الخيارين الوحيدين المطروحين أمام “غانتس” هما حكومة وحدة أو انتخابات رابعة لـ”الكنيست”، مضيفة أنه: “تحت رعاية الكورونا؛ يمكن التحدث عن حكومة طواريء أيضًا”.
ورأى محلل الشؤون الحزبية في صحيفة (هاآرتس)، “يوسي فيرتر”، أن “غانتس” لن يتمكن من تشكيل حكومة، وأن: “الحكومة الضيقة التي كانت محتملة نظريًا، لم تُعد كذلك، لفضل العقائديين، تسفي هاوزر ويوعاز هندل” من (كاحول لافان)، واللذين يرفضان حكومة كهذه مدعومة من (القائمة المشتركة). ولا توجد إمكانية لـ”نتانياهو” لتشكيل حكومة في حال فشل “غانتس” بتشكيلها.
صعوبات تواجه “غانتس”..
من جهتها؛ تقول الدكتورة “حنان أبوسكين”، أستاذ العلوم السياسية المساعد بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، إن الدراسات السابقة أثبتت أنه من الصعب جدًا التنبؤ باحتمالات نجاح تشكيل الحكومة أو فشلها؛ لأن النظام السياسي في “إسرائيل” شديد الديناميكية والأحزاب سريعة الحركة.
وأضافت أنه حتى فيما يتعلق بخريطة الأحزاب، فهي معقدة أيضًا، فمثلًا حزب (الليكود)، الذي يتزعمه “نتانياهو”، هو قومي ومحسوب على التيار العلماني، ولديه توجه ليبرالي، وعلى الرغم من ذلك فإن قاعدة التحالف الأساسية له تُصبح مع الأحزاب الدينية.
لافتة إلى أن نجاح تشكيل الحكومة يمكن أن يتوقف على عدة عوامل، أهمها أن ينجح “غانتس” في تحقيق التوافق بين جميع الأطراف لتشكيل حكومة، عن طريق تحقيق مطالب الأحزاب المتحالفة معه، والتي أعطته الأغلبية لتشكيل الحكومة.
حيث إنه قبل اجتماع الرئيس، الذي تمخض عنه اختيار “غانتس” لمهمة تشكيل الحكومة، جلس “غانتس” مع “ليبرمان”، وعرض الأخير عليه شروطه؛ مثل تجنيد يهود “الحريدم” المتشددين، ورفع مخصصات التقاعد، وأن تسير الحياة بشكل طبيعي في يوم السبت المقدس بدلًا من الإجازة الشاملة، ووافق “غانتس” على ذلك.
ولفتت إلى وجود صعوبات تواجه “غانتس” يمكن أن تُعيقه عن تشكيل الحكومة، منها وجود نائبين في حزبه يُعارضون دعم (القائمة العربية المشتركة) له، وفي حال انسحابهم من الحزب سيخسر “غانتس” بذلك صوتين من أغلبية 61، وبالتالي سيخسر الأغلبية.
أما الصعوبات الأخرى التي ستواجه “غانتس”، فهي أن “نتانياهو” يُحاول استقطاب أفراد من أحزاب تميل إلى اليسار، مثل أحزاب (العمل) و(الجسر) وحزب (ميريتس)، الذي يميل للدفاع عن حقوق العرب، وهي أحزاب أعطت لـ”غانتس” الأغلبية، وبالتالي انسحاب أي نائب منها سيضيعها.
وكان “نتانياهو” قد فاز بأكثرية الأصوات في الانتخابات العامة التي جرت مطلع آذار/مارس الجاري، بحصول حزبه (الليكود) اليميني، على 36 مقعدًا، مقابل 33 مقعدًا لحزب (أزرق-أبيض)، بزعامة “بيني غانتس”.
تشكيل حكومة مصغرة..
حول سيناريوهات تشكيل الحكومة بعد تكليف “غانتس”؛ قال المحلل السياسي، “باسم برهوم”: “إما أن يكون غانتس جريئًا ويتخطى الخط الأحمر الموجود في إسرائيل اليوم ويقبل بتشكيل حكومة مصغرة، وتكون القائمة العربية المشتركة موجودة داخل هذه الحكومة؛ ولها دور في صناعة القرار، وهو الأمر الذي ترفضه الصهيونية”.
مضيفًا أنه بخلاف ذلك سيلجأ “غانتس” لتشكيل حكومة طواريء ووحدة، وتعود الشراكة بين “نتانياهو” و”غانتس”.
وأعرب “برهوم” عن إعتقاده؛ إما أن يكون المجتمع الإسرائيلي بحاجة إلى أن تتولى حكومة بسرعة زمام الأمور لمواجهة انتشار وباء “كورونا”، وإما أن يستغل هذا الموضوع لتنحية (القائمة العربية) بحجة “كورونا” وتشكيل حكومة طواريء.
وأضاف أن “نتانياهو” نجح في تأجيل محاكمته لمدة شهرين؛ الأمر الذي يُشير إلى أن بإمكانه أن يناور ليبقى في سدة الحكم في “إسرائيل”.
إلى ذلك رصدت صحيفة (العين) الإخبارية 4 سيناريوهات :
السيناريو الأول..
حكومة مدعومة من 61 نائبًا تضم وزراء من حزبه (أزرق-أبيض) وتحالف (العمل-ميرتس) الوسطيين وحزب (إسرائيل بيتنا) اليميني برئاسة، “أفيغدور ليبرمان”، على أن تحظى بدعم من النواب العرب من خلال “الكنيست”؛ الذين يشترطون خطوة بالاستجابة لمطالب سياسية ومدنية.
ولكن هكذا حكومة لن تصمد طويلًا في ظل تناقض المواقف السياسية بين أطرافها، فالنواب العرب لن يدعموا حكومة تطبق “صفقة القرن” الأميركية أو “تهود القدس” أو تُشن هجمات على “قطاع غزة”، فضلًا عن التناقضات بين تحالف (العمل-ميرتس) وحزب (إسرائيل بيتنا)؛ بكل ما يتعلق بالسلام مع الفلسطينيين والاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
السيناريو الثاني..
حكومة طواريء وطنية بسقف 6 أشهر لمواجهة أزمة فيروس “كورونا” تُمهد لانتخابات جديدة، إذ يجري منذ أيام البحث في تشكيل حكومة كهذه كي تُكرس عملها من أجل مواجهة فيروس “كورونا” ومنع تُوسع انتشاره مع تسجيل إصابة 255 إسرائيليًا بهذا الفيروس.
ويقضي الاقتراح بأن تضم حكومة الطواريء جميع الأحزاب الإسرائيلية الممثلة بـ”الكنيست”.
ولكن ليس من الواضح إن كان رئيس الوزراء، “نتانياهو”، يقبل بأن يكون جزءًا من هذه الحكومة في حال لم يترأسها.
السيناريو الثالث..
حكومة وحدة وطنية بمشاركة حزب (الليكود)، فرغم فشل محاولات سابقة لتشكيل حكومة وحدة وطنية، فإن هذا الخيار ما زال مطروحًا على الطاولة، وإن كانت العقبة الأساسية أمامه ما زالت قائمة وهي إصرار “غانتس” على عدم الشراكة مع “نتانياهو” قبل إنهاء ملف الفساد الموجه ضده وإصرار (الليكود) على أن “نتانياهو” ممثله الوحيد في حكومة كهذه.
ولكن في حال النجاح في إزالة العقبات؛ فإن الحكومة ستكون قوية جدًا في ظل وجود عدد مقاعد كاف لدى (الليكود) و(أزرق-أبيض) ما يجعلهما لا يحتاجان للأحزاب الأخرى.
السيناريو الرابع والأخير..
محاولة جذب أحزاب اليمين، إذ يسعى “غانتس” لمحاولة جذب أحزاب يمينية شريكة لـ”نتانياهو” إلى حكومة يُشكلها هو؛ مثل (شاس)، الذي لديه 9 مقاعد بـ”الكنيست” وهو ما سيُعزز من قوة الحكومة التي قد يُشكلها.
ولكن زعيم حزب (شاس)، وزير الداخلية، “آرييه درعي”، رفض طلب “غانتس”، أمس الإثنين، اللقاء معه معلنًا تمسكه بكتلة اليمين، كما أن زعيم حزب (يهودوت هتوراه) اليميني وزير الصحة، “يعقوب ليتسمان”، رفض طلبًا مماثلًا.
وترى (العين) الإخبارية؛ أنه ثمة إجماع في “إسرائيل” على أنه من غير الممكن إجراء انتخابات رابعة في ظل استمرار انتشار فيروس “كورونا”، الذي ارتفع عدد المصابين به، الإثنين، إلى 344، وهو ما يضع الأحزاب الإسرائيلية أمام خيارات صعبة جدًا.