خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في إطار التطورات المتلاحقة بعد أحداث معسكر (التاجي) العراقي، قال مصدر أمني عراقي، لوكالة (سبوتنيك) الروسية، مساء السبت الماضي؛ إن قوات الفرقة (101) الأميركية الهجومية الجوية الوحيدة في العالم، في طريقها إلى “العراق”، لتبادل المواقع في إحدى المقار العسكرية العراقية، بالتزامن مع التصعيد بالصواريخ.
وحسب المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، من داخل قاعدة عسكرية جوية بارزة، في “العراق”، أن عناصر الفرقة (101) الأميركية المحمولة جوًا ستصل إلى القاعدة، في تبادل أماكن مع شركة أمنية.
وأضاف المصدر، أن قوات المشاة البحرية، (المارينز)، الأميركية، موجودة في القاعدة الجوية – التي شدد على عدم ذكر اسمها تحسبًا لأي قصف صاروخي قد يستهدفها – لتنضم لها الفرقة (101) القادمة حتمًا من إحدى قواعد “الولايات المتحدة الأميركية” في دول الخليج.
ما هي الفرقة “101” ؟
وتُعتبر الفرقة (101) المحمولة جوًا، هي الفرقة الهجومية الجوية الوحيدة في العالم، والتي لها القدرة على نشر الآلاف من القوات بسرعة على مسافات بعيدة.
وتُعرف فرقة (101)، باسم “النسور الزاعقة”، واستخدمتها “الولايات المتحدة الأميركية” في الحرب ضد “العراق” إبان عملية “عاصفة الصحراء”، أو ما تُعرف بـ”معركة الخليج الثانية”، و”أم المعارك”، إثر إجتياح “الكويت” على يد نظام “صدام حسين”، مطلع تسعينيات القرن الماضي.
ويأتي وصول الفرقة الأميركية، إلى “العراق”، بعد ساعات من استهداف قاعدة (التاجي) العسكرية التي تضم القوات العراقية، وبعثة “التحالف الدولي”، شمالي العاصمة، “بغداد”، بـ 33 صاروخًا نوع (كاتيوشا)، تسببت بإصابة إثنين من منتسبي الدفاع الجوي العراقي، بجروح خطرة وحالتهم حرجة، حسب بيان لقيادة العمليات المشتركة.
“عصبة الثائرين” يتبنى الهجوم..
وبعد يوم على استهداف قاعدة (التاجي) العراقية للمرة الثانية، ظهر مساء أمس الأول؛ فصيل جديد حمل اسم “عُصبة الثائرين”، متبنيًا الهجمات الصاروخية الأخيرة التي استهدفت القاعدة شمال العاصمة، “بغداد”.
وكانت القاعدة التي تضم قوات أميركية وبريطانية، تعرضت لهجومين خلال 3 أيام، ما أدى إلى مقتل جنديين أميركيين وبريطاني وإصابة آخرين، في الهجوم الأول، في حين أدى الهجوم الثاني، السبت، إلى إصابة عنصرين من الدفاع الجوي العراقي بجروح خطيرة، نتيجة سقوط صاروخين على مدرج الطائرات العراقية، إضافة إلى جرح ثلاثة عناصر من القوات الأميركية، حالتهم مستقرة، وفقًا لمصدر أمني.
انتقامًا لـ”المهندس” و”سليماني”..
وأفاد بيان “العصبة” بأن هجماته تلك، هي الأولى في سياق الرد على اغتيال “واشنطن” نائب رئيس ميليشيا (الحشد الشعبي)، “أبومهدي المهندس”، وقائد (فيلق القدس) في “الحرس الثوري” الإيراني، فجر الثالث من كانون ثان/يناير الماضي.
في حين أفادت مصادر، لـ (العربية)؛ بأن “أميركا” بعثت برسالة إلى الحكومة العراقية، أكدت خلالها أنها لن تتهاون مع مثل تلك الاستهدافات، بما يشي بأن سيناريو التصعيد قد يأتي قريبًا.
أمام هذا المشهد، يتخوف العديد من المراقبين من تصعيد إضافي على الساحة العراقية، كما يطرح بعضهم سيناريوهات محتملة.
سيناريوهات الصراع..
تعليقًا على تلك التطورات، قال الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، “هشام الهاشمي”، إن سيناريوهات الصراع هي ثلاثة بالنسبة للميليشيات، أولها العمل على تأسيس مجموعات جديدة تُشبه “فرق الموت الجوالة”، التي ظهرت بعد عام 2010، بهدف شن هجمات ضد “الولايات المتحدة”، لافتًا إلى أن هذه الطريقة تُعد ورقة ضغط لإحراج الحكومة العراقية ودفعها لتنفيذ القرار (17) لعام 2020، الذي دعا لإخراج القوات الأجنبية من البلاد.
أما السيناريو الثاني؛ فهو بقاء الحال على ما هو عليه، قائلاً: “متى بدأت واشنطن تُفكر بنصب منظومة دفاع (الباتريوت)؛ أو في حال قررت إسرائيل استهداف طريق (طهران-بيروت) في سوريا، حينها سيأتي الرد من قِبل الميليشيات الموالية لإيران”.
وفي ما يتعلق بالسيناريو الثالث، قال المحلل العراقي: “إذا أرادت إيران أن تنقل المعركة إلى الساحة العراقية، فعندها ستنشط فعليًا المجموعات الجديدة أو الوليدة، التي تعود أصولها أساسًا إلى الفصائل الموالية لإيران”.
تصعيد الاستفزازات العسكرية..
من جهته؛ رجح أستاذ العلاقات الدولية والتنمية السياسية، “غازي فيصل”، أن تنحو الميليشيات الموالية لـ”إيران” بإتجاه “تصعيد الاستفزازات العسكرية والضربات الصاروخية ضد القواعد والمصالح الأميركية في العراق، ضمن منهج المقاومة الإسلامية لبسط نفوذ دولة ولاية الفقيه على الأراضي العراقية”، بحسب تعبيره.
وأضاف أن: “إستراتيجية واشنطن تتجه اليوم نحو تصفية مظاهر الميليشيات الشيعية والسُنية وأنشطتها في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب استمرار الضغوط على إيران، لإعادة رسم الخارطة السياسية في العراق والشرق الأوسط”.
مواجهات مستقبلية مفتوحة..
من جانبه؛ قال المحلل الإستراتيجي والباحث في شؤون الجماعات المسلحة، “رعد هاشم”، إن المواجهة بين “واشنطن” و”إيران” ووكلائها في “العراق”، “ستكون مفتوحة من خلال توجيه ضربات أميركية أكثر في المستقبل”.
وأضاف أن الميليشيات الموالية لـ”طهران”: “ستستمر، وبتحريض إيراني، في توجيه ضربات ضد المصالح الأميركية في “العراق”، وقد تستعين بخبرات “الحرس الثوري” لتصعيد الصراع مع “واشنطن”، لإعاقة مساعي الأخيرة بنشر منظومة صواريخ (الباتريوت) على الحدود “العراقية-الإيرانية”.
مؤكدًا على أن المواجهة المفتوحة غير المتكافئة “تُعد منازلة خاسرة لفصائل تتمرد على الحكومة العراقية بشكلٍ سافر”، مشيرًا إلى أن الأخيرة: “باتت تتماهى مع الفصائل وتتعاطف معها”.
إنذار الفصائل المسلحة بضرورة الدمج..
إلى ذلك، اعتبر أن السيناريو المفروض تطبيقه في “العراق”؛ “هو توجيه إنذار للفصائل المسلحة بضرورة الإندماج والذوبان داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، وتعهدها بالإبتعاد عن إيران، وتجريمها إذا أخلّت”. وأضاف: “إذا لم ينفع الإجراء السابق، يتم الإنتقال إلى المرحلة التالية؛ وهي توجيه ضربات إلى مقار تلك الفصائل التي لا تلتزم بأوامر الحكومة، أو اعتقال القيادات المنفلتة وتجريد أفرادها من السلاح”.
الصراع وصل للمرحلة “الصفرية” !
وحول أرسال فرقة “النسور الزاعقة”؛ يرى مراقبون أن إرسال تلك الفرقة مجددًا إلى الخليج يعني أن “ترامب” قد عقد العزم على تقطيع أوصال الأذرع الإيرانية، بعد تصفية “سليماني”، من أجل القضاء على كل من يتعاون مع الحلف التجاري “الصيني-الأوروبي”، المعروف بـ”طريق الحرير”.
فقال الدكتور “قحطان الخفاجي”، أستاذ العلوم السياسية بجامعة “النهرين” بالعراق: “قلنا، منذ فترة؛ أن الأمور وحالة التقاطع والتصارع التنافسي بين واشنطن وطهران وصلت إلى المعادلة الصفرية، وبالتالي لم يُعد هناك أي مجال للتوافقات (الأميركية-الإيرانية) في العراق، وهذا يستوجب على أميركا وفق سياستها أن تُنهي الفعالية الإيرانية في المنطقة، وهذا الأمر ينطلق من العراق”.
وتابع أستاذ العلوم السياسية: “تُريد أميركا تغيير الوضع السياسي في العراق بما يتلائم مع حساباتها بتحييد إستراتيجية إيران في المنطقة، لذلك ستستخدم أميركا القوة العسكرية بأشكالها المختلفة؛ بما فيها الفرقة (101)”.
وأشار “الخفاجي” إلى أن: “كل الدلائل تُشير إلى أن هناك تغييرًا سياسيًا مدعوم عسكريًا لتغيير تركيبة أو ماهية العملية السياسية الحالية؛ بما يضمن عدم إعادة إنتاج القوى المؤيدة لإيران، لذا نحن نتوقع كل الاحتمالات من ضغط عسكري واقتصادي وميداني داخل العراق لإنهاء الوجود الإيراني الفعال في البلاد”.
وأكد أستاذ العلوم السياسية على أن: “الفرصة سانحة الآن أمام الولايات المتحدة للتغيير، وإرسال الفرقة (101) إلى العراق تُعطي دعم للقوات الأميركية في المنطقة، وكذلك تُمثل ردع للقوات الموالية لإيران في الداخل، وأعتقد أن استخدام القوات الأميركية لن يكون بالصورة التي كان عليها الحال في العام 2003، خوفًا من الخسائر البشرية الأميركية، إضافة إلى أن الخطر لا يرتقي إلى الوضع الذي كان قائمًا 2003، هذا بجانب البدائل المتاحة الآن من ضربات عسكرية أو دعم لفصائل تُساند الموقف الأميركي في الداخل، وقد بدأت واشنطن في تنفيذ إستراتيجيتها بالضربات العسكرية لمواقع (الحشد الشعبي) ومخازن السلاح، وأتوقع أن تكون هناك تصفيات مباشرة للعناصر الفاعلة التابعة للمليشيات جسديًا أو قضائيًا في آن واحد”.
أمر يتم ترتيبه لإعادة ترتيب العملية السياسية..
كما أوضح “ثائر البياتي”، المحلل السياسي العراقي؛ إن: “كل المؤشرات تُشير إلى أن أمرًا يتم ترتيبه في العراق لإعادة ترتيب العملية السياسية، حيث فقد الأميركان والبريطانيين الأمل بساسة العراق، وأصبحوا على يقين أن هؤلاء لا يمكن أن يخرجوا من عباءة إيران”.
وتوقع المحلل السياسي، ثلاث سيناريوهات قادمة في “العراق”، “أولها التدخل بشكل مباشر لإنهاء نفوذ الميليشيات الولائية، والثاني التدخل وفق قرارات أممية، وليس كما حصل سابقًا سنة 2003، أما السيناريو الثالث، هو دعم انقلاب عسكري محتمل ومرتب مسبقًا، مما سيكون له تأييد قوي من المتظاهرين والشعب، بكل الأحوال أعتقد أن قرار التغيير إتخذ ولا رجعة فيه، وإنهاء مرحلة بُنيت على أساسات هشة وخاطئة”.
وأضاف “البياتي”: “المرحلة التي نعيشها اليوم هي مرحلة تقليم أو تقطيع أذرع إيران، والتي ستكون بشكل واضح وعلني، وينقسم بشأنها ساسة العراق إلى قسمين معارض ومؤيد”.
تقطع أذرع كل من يتعاون مع الصين..
من جهته؛ قال “محمد المذحجي”، المحلل السياسي الإيراني؛ إن: “إرسال الفرقة (101) الأميركية إلى العراق؛ تجعلنا نأخذ بعين الاعتبار أن سياسة الولايات المتحدة الجديدة، تحت إدارة الرئيس ترامب، والتي تعتمد على إقتلاع الإسلام السياسي بصفته حليف لنادي العولمة بزعامة الاتحاد الأوروبي وألمانيا والصين، “المحور (الصيني-الأوروبي)”، حيث أن هذا المحور يقف بوجه ترامب”.
مضيفًا أن: “ترامب الآن وفي حربه الكونية مع الصين، يريد إقتلاع جماعات الإسلام السياسي المؤيدة للحلف (الصيني-الأوروبي)، ونرى ترامب يصعد كل يوم خطوة بعد خطوة، وقد شهدنا تصعيدًا كبيرًا بعد تصفية، قاسم سليماني، القائد الميداني لهذا الحلف في المنطقة، وتصفية قاسم سليماني تُعد عملية قاصمة للمشروع (الصيني-الأوروبي)، والآن نعيش مرحلة تقطيع الأذرع في العراق واليمن وسوريا، والولايات المتحدة لن تتهاون مع كل من يتعاون مع الصين ويقف مع المشروع الصيني العملاق، الذي يُعرف بطريق الحرير”.
عملية استبدال طبيعية..
فيما قال الخبير الأمني العراقي، “صفاء الأعسم”، تعليقًا على تحرك قوة من (النسور الزاعقة) الأميركية نحو “العراق” للحلول محل قوة أخرى، أن: “هذا التحرك ليس له علاقة بما يحدث على الأرض من تبادل للقصف بين القوات الأميركية في العراق وفصائل مسلحة غير محددة الهوية”.
وأوضح أن: “نقل القوة المذكورة؛ هو عملية استبدال طبيعية للقوات العسكرية تأتي في إطار ما يقرره القادة العسكريون بهذا الشأن لأسباب ليس لها صلة بما يحدث في الميدان”، مضيفًا أن: “ليس هناك حالة حرب بين الطرفين لتقوم القوات الأميركية بتحريك قوة من طراز خاص إلى العراق”.