18 ديسمبر، 2024 11:19 م

في العادة عند الازمات السياسية كالحروب، وانتشار الأوبئة الفتاكة تنتشر الشائعات والاقاويل الشعبوية، والدينية، والسياسية، لتضيف هماً إضافياً الى مرارة الوباء وخطورته، فتمثل اوقات الازمات السياسية والصحية مكاناً رحباً للانتشار الشائعات والخرافات أحيانا، صحيح ان الوباء الكوروني العالمي مثلما وصفته منظمة الصحة العالمية، يعد من اخطر الأوبئة وأكثرها انتشارا وفتكا قياساً بالأوبئة التي ظهرت في فترات تاريخية سابقة، وهذا ما يلاحظ من حجم الحذر والحيطة التي عملت بها عدد من البلدان ومنها البلدان المتقدمة في مجال البيئة والصحة كالولايات المتحدة وبريطانيا وبلدان الاتحاد الأوربي وصلت لغاية الآن الى اعلان حالة الطوارئ وغلق الأجواء المنافذ الحدودية، وتعطيل حركة التجارة، وحركة العلم اليومية في المدارس والجامعات، وغلق الجوامع ودور العبادة حتى التاريخية منها كالكعبة المشرفة، والمسجد النبوي في المدينة، ومراقد اهل البيت في مدن: النجف، وكربلاء، ومشهد، حيث ان هذا الفايروس مثلما اكدت كل المصادر الطبية يعتاش على التجمعات البشرية، وتوفر له وسيلة مثالية للانتقال والانتشار الى الاخرين بسهولة حيث ينتقل الفايروس عبر التماس اليدوي والتنفسي المباشر، وهذا لا يتوقف على أبناء البلد الواحد، وانما التنقلات بين البلدان أيضا، وبذلك اوصت المؤسسات الصحية بحضر كل اشكال التجمعات البشرية حضراً كاملاً حتى لا تكون بيئة للقضاء على عدد اكبر من الناس، وتتحول المدن الى مدن موبوءة بالفايروس القاتل يتساقط فيها الناس بالشوارع والأسواق من هنا نادت المؤسسات الصحية بضرورة حضر التجمعات، واتخاذ التدبير الصحية الأولية كالمعقمات والتعفير وما شابه.
الجانب الثاني من احاديث فايروس كورونا هو ذو الابعاد السياسية وابتداء ذلك مع بداية ظهور الفايروس في مدينة اوهان الصينة، واستمر بعد ان انتقل الى مدن أخرى، ومثل فاجعة لم يرى مثله الصينيون على مستوى الامراض في تاريخهم الحديث، ومن ثم انتقال الفايروس الى دول أخرى، وكانت ايران أولى الدول التي ضربها الفايروس بعد الصين والتي أيضا اضر بها كثير بحكم تعاطيها التجاري والاقتصادي ومجالات أخرى مع الصين بعد الحصار والحضر الذي فرضته واشنطن عالميا على طهران، ولا يزال الإيرانيين يكافحون ببسالة مثلما فعل الصينيين في سبيل انهاء خطر الفايروس في ايران او على الأقل تقليل مخاطرة، المغزى من الإشارة الى هذا الجانب ان الصينين وعلى مستوى المتحدث باسم الخارجية الصينية زهاو ليجيانغ على تويتر وهي التغريدة التي نشرها زهاو باللغة الإنجليزية، قال فيها:”قد يكون الجيش الأمريكي هو الذي أحضر الفيروس إلى ووهان، نرجو أن تتحلوا بالشفافية، وأن تنشروا ما لديكم من بيانات! وأعتقد أن الولايات المتحدة مدينة لنا بتفسير!”، وبالتأكيد تمثل التوترات الحالية الحلقة الأحدث من مسلسل الحرب الكلامية بين الولايات المتحدة والصين التي تعكس تدهور العلاقات فيما بينهما في الفترة الأخيرة بسبب مشكلات منها ما يتعلق بالشأن التجاري، وحقوق الملكية الفكرية، ونزعاج واشنطن من صعود الصين اقتصاديا، علاوة على مشكلات أخرى بين البلدين بسبب حرية الصحافة التي احتلت دائرة الضوء مع بداية تفشي فيروس كورونا، وجاءت تصريحات زهاو بعد أيام قليلة من تصريحات روبرت أوبراين، مستشار الأمن القومي الأمريكي، قال فيها إن الصين كلفت العالم شهرين كان من الممكن أن يستغلهما في الاستعداد لمواجهة الفيروس، التصريحات الصينية اثارت غضب واشنطن فاستدعت السفير الصيني فيها، كما اشارت الخارجية الامريكية الى ان نشر نظريات المؤامرة خطير ومثير للسخرية. محذرة من انها لن تتسامح مع ذلك لحرصها مع ما وصفته على صالح الشعب الصيني والعالم، يأتي كلام الصيني هذا بعد ان انتشرت أحاديث من هنا وهناك اغلبها غير دقيقة حتى لو صدرت من مراكز مهمة كتلك التي اشارت الى ان هذا الفايروس هو نوع جديد من الحروب البيولوجية او حروب المناعة بعد ان جرب العالم حروب الجماعة والجيوش او ما تعرف بالحروب العسكرية التقليدية تريد من خلالها واشنطن ان تستهدف خصومها عسكريا واقتصاديا واجتماعيا حتى تظل متسيدة على الاقتصاديات العالمية الأخرى، فيما ذهبت بعض الاحاديث الدينية الى مسالة نهاية العالم والتهويل من قادم الأيام في الحوادث التي قد تضرب العالم وهذه الاخبار لغاية الان لم يثبتها ولم يقول بها كبرى المرجعيات الدينية في العالم الإسلامي، وتبقى مجرد تهويلات إعلامية تستهوي البسطاء من الناس.
وبالمجمل صحيح ان المخابرات العالمية لهذه الدولة او تلك قادرة على اختراع أنواع جديدة من الحروب ومنها الحروب المناعة او الحروب بالبيولوجية الا ان حجم انتشار المرض عالميا يتعارض منطقيا مع هذا تفسير نظرية المؤامرة، اما توظيف انشتار الفايروس اقتصاديا فهذا وارد جدا، بدءاً من الجانب التجاري النفعي للشركات العلاج وليس انتهاءً بانخفاض أسعار النفط عالمية بعد أيام قليلة من ظهور فايروس كورونا وهو ما يصب في صالح القوى المتصارعة اقتصاديا التي فوائد الانخفاض عبر ملى الخزنات النفط في الولايات المتحدة مثلما صرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اجل دعم الاحتياط النفطي الأمريكي لسنوات قادمة وهذا غير مستبعد أيضا من قبل الصين والروس وغيرهما من الدول الطامحة بالصعود عالميا فيما تجبر الدول المصدر للنفط على رفع مستوى التصدير للحسابات في الغالب سياسية داخلية كما هو الحال مع الشأن السياسي السعودي حيث تسوية مسالة السلطة بشكل نهائي لولي العهد محمد بن سلمان مع العائلة الحاكمة التي ظهرت للواجهة مرة أخرى بعد الاعتقالات التي طالت عدد من ملوك الاسرة كأحمد ابن عبد العزيز، ومحمد ابن نايف بن عبد العزيز وغيرهما كأجنحة معارضة الاليه التي عمل بها الملك سلمان في ترتيب أوراق الحكم لصالح نجله.