ان افتقاد نظام الحكم لشرعيته ومصداقيته في العراق بات الان من الاقرب للتوصيف و تعدد الأطراف الفاعلة داخل العملية السياسية ،غير جدية لبناء دولة بعد ان ذهبت باكثر من 1000 مليار دولار في مهب الريح منذ تسلمها زمام الحكم في عام 2003 دون ان تقدم اي خطة لبناء البنية التحتية المتهالكة تستحق الاشارة اليها واليوم البعض يتباكون على الازمة الاقتصادية بعد سقوط اسعار النفط وشيوع الكورونا دون وجود خطة لتدارك الامر لديهم بسبب وجود فاعلين ما دون الدولة يتنافسون على سلطتها ويساهمون على انهدام حتى اطلالها و يتسابقون من اجل تقاسم مغانمها ولا يمكن اعتبارها إلأ من عوامل الانحدار ومن علامات الذهاب الى الهاوية وبشكل متسارع ويؤثرون على السياسة الخارجية ويحركونها وفق اطماعهم والبنية الداخلية الهشة الى المستنقع ، ويسهمون بلا هوادة في تقليص مساحة قدرة الحكومة للتحكم في مجالها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثفافي والمجالات الاخرى التي يرتكز عليه البناء. فلم تعد قدرات الدول العراقية هي محل الخلاف فقط انما أصبح الخلاف حول مصادرالمال وأدواته واين تذهب هذه الاموال في ظل توقف الالاف من المشاريع عن العمل بسبب الفساد والمزايدات وعمليات ادارة السلطة وهناك العديد من المسميات والمصطلحات المشابهة لمصطلح الحكومة الفاشلة تنطبق عليها بل كل التشبيهات ولعل الاجماع على الفشل في اختيار شخصية لرئاسة مجلس الوزراء هو اقرب مثال على ذلك كأن العراق خلا من الشخصيات التي تستحق هذا المكان .
ان الفشل ليس نهاية المطاف بالنسبة للاحزاب والكتل الفاعلة في العراق التي تريد ان تبقى في الساحة ولا يميتهم التجديد الامثل تحت اشعة الخير والضميروالشرف وعزة الوطن واعادة الثقة المفقودة بينهم وبين الجماهير الغاضبة التي خرجت الى الشوارع بعد ان تركت الموت خلفها والقادم اعظم وغدا لن يفوت عليهم وهو الاقرب الى العين.
لا ريب ان الاهتمام بتقديم الخطط الفاعلة بشكل مستمر بالنزول الى الشارع الملتهب مع مستحقاته وتحقيق مطالبه هو السبيل الوحيد و نتائج الاعمال بالمراجعة يتم تعيين مدى النجاح في الاداء حسب ازمانها ، مع التدقيق عن اسباب الفشل في حال حدوثها اولاً باول، و الشجاعة والمصارحة والابتعاد عن المراوغة فقط هي التي تجعلهم قادرين لادامة الطريق بصدق دون خلق مطبات وازمات في اي ظرف كان ويجب ان يكون الهدف الاسمى الخدمة دون منة وحصيلة للاعداد الجيد والعمل الجاد والتعلم من الاخطاء كعبرة للوصول الى الغاية .
عموماً يجب أن يعترف القادة بإخفاقاتهم المتتالية فالاعتراف بالأخطاء فضيلة وبداية الإصلاح بدلا من الاكتفاء بحلول موضعية وترقيع لا يفيد وبدلا من أن تستمر فى ادعاء القدرة والعبقرية ونواصل إنفاق اموال الخزينة في غير محله او في جيوب المتاجرين بالفساد .وعليهم ان يفهموا بان القادة الاحرار يتخذون من الفشل لشعوبهم سلما للنجاح ومن الهزيمة طريقا الى النصر ومن المرض فرصة لزرع قيم الحياة ومن الفقر وسيلة الى الكفاح كما فعل غاندي في الهند وهوشي منه في فيتنام من الالام بابا الى الخلود ومن الظلم حافزا للتحرر ومن القيد باعثا على الانطلاق مثل نلسن ماندلا في افريقيا الجنوبية ولا شك من ان النهوض والقيام بالتظاهرات السلمية وكثرة الاعتصامات المدنية للمطالبة بالحقوق حق مشروع.
القوى السياسية السائدة حتى الآن لم ينجحوا في شيء بعد نجاحهم في الوصول الى منصة الحكم ، ولم يلبُّوا للشارع مطلباً واحداً يستحقه غير المعاناة والظيم منذ 2003 ولحد الان وهي لا غبار عليه ويدلل على ذلك العديد من مظاهرالفقر والعوز ، وتزايد اتهام النخبة الحاكمة بالفساد والتربح واخرها وزيرة التربية التي اغدقت على احد تجار السياسة بمبلغ 220 ملياردينارلتاسيس شركة ضمان للطلاب والمعلمين دون مسوغ قانوني ، وارتفاع نسبة البطالة وانتشار ظاهرة هروب الكفاءات والسياسيين الحريصين والمخلصين الى خارج الدولة هرباً من الممارسات غير العادلة والتشكيك بالانتخابات وفي التلاعب بنتائجها،. بالإضافة إلي ارتفاع معدلات الجريمة ، و بشكل عام تشير الى الاخفاقات الوظيفية التي تعاني منه الدولة مما تؤدي الى تأكل قدرتها وقدرة نظامها،وزيادة حدة تدهور قدرة الدولة على تقديم الخدمات العامة بما يعني تراجع دورها الأساسي في خدمة الشعب. واقتصار النخبة الحاكمة على تقديم الخدمات بما يصب في مصلحة جماعة بعينها من النخبة الحاكمة والمؤسسات السيادية ذات المصلحة
.ولو استمرت هذه الظاهرة بلا شك سوف تؤدي الى سقوط وانهيار الدولة لانها لا تستطيع القيام بوظائفها الخدمية الاساسية ولا تستطيع الوفاء بالاحتياجات الظرورية لأفراد شعبها بشكل مستمر وعلى المدى الطويل تتحول الى حالة من عدم الاستقرار ،تدلل عليها المؤشرات وتتعاظم عوامل الفشل منها السياسية والامنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية والتي تم الحصول عليها من المنظمات العالمية و وفقًا للبيانات القياسية التي تم تجميعها طيلة الفترة الماضية . ان الدولة الناجحة تقف على تل الفوز، بها مؤسسات منتجة، وكادر بشرى متعلم، وتطبيق القانون، ونشر الشفافية والنزاهة وتمكين المواطن، وهى تحتاج إلى هندسة سياسية أو ما يطلق عليه الحكم الرشيد.
فى السنوات الاخيرة تعرضت الدولة العراقية إلى تحديات شتى، أمنية واقتصادية وإستراتيجية، واستطاعت أن تحقق نجاحات فى الاستعادات الأمنية افضل من ذى قبل وخاصة في محاربة المجموعات الارهابية ولكن هناك مجالات أخرى بقيت دون تقدم يذكر والحاجة إلى جهود عديدة لاصلاح مجالات التنمية الاجتماعية والثقافية و الاقتصادية فى المشروعات المتوسطة والصغيرة وبالتركيز على التربية والتعليم لخلق جيل اكثر تعلماً وتطوراً بعد الانتكاسة التي اصابته وتطبيق القانون وتطوير السياسات العامة و البناء المؤسسى المهم للدولة المستقبلية . القيادة المخلصة هي شرط من شروط حماية الدولة من الفشل، والإخلاص هنا ليس قيمة أخلاقية فردية، وإنما برامج ومؤسسات يتم تسييرها بالقانون والشفافية والعدالة، ولهذا تكبر القيمة لتصبح قيمة اقتصادية وصناعية وتكنولوجية وتقنية وسياسية، وبالتالي فإنه لا بد من استراتيجية تعنى بتطبيق البرامج الوطنية التي توفر للشعب بأطيافه كافة، أسباب الحياة الكريمة ليعم السلام الأهلي بين الأفراد، ويتفرغ كل موظف وعالم ومدرس وصانع واقتصادي وطالب إلى عمله، ليؤديه وفق معايير مهنية وأخلاقية.
ولا ريب ان ثقة المواطن فيه وبالمستقبل والاعلام الذى يشكله قوة دافعة نحو الايجابيات وتحقيق العدالة والمساواة وتعبئة الجهود العامة للمشاركة في التقيم من المتطلبات الاساسية كي تكون الدولة ناجحة وتبقى على نجاحهاويمكن أن تكون مثالاً حيّاً وتجربة ناضجة جداً للدول الساعية إلى النمو، ونموذجاً للممارسات الأفضل