خاص : ترجمة – آية حسين علي :
قررت “تركيا” الدخول في مواجهة مع النظام السوري، في محاولة لإنشاء “منطقة آمنة” بهدف تجنب عودة سيولة المهاجرين الفارين من المعارك الدائرة شمالي “سوريا”، لكنها وجدت نفسها وحيدة أمام نظام تدعمه “روسيا” بكل ما أوتيت من قوة، وبعدما كانت تعتبر، “موسكو”، حليفًا إستراتيجيًا لـ”أنقرة”؛ أصبحا الآن في مواجهة، وبينما مال “إردوغان”، خلال الفترة الماضية، ناحية الرئيس، “فلاديمير بوتين”، خفتت العلاقة بينه وبين الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، يُضاف إلى ذلك تخلي “حلف شمال الأطلسي”، (ناتو)، عن دعمه في التدخل في “سوريا”.
لم يُعد هناك أمام “إردوغان” من خيار آخر سوى التلويح بورقة المهاجرين من أجل الضغط على الدول الأوروبية وإجبارها على دعمه، لكن “الاتحاد الأوروبي”، حتى الآن، يُحاول الحفاظ على الهدوء في التعامل معه، من ناحية بصفته حليف في (ناتو)؛ ومن ناحية أخرى خشية التأثيرات الديموغرافية والاقتصادية التي يمكن أن تتسبب بها عودة سيولة المهاجرين.
نجيب، خلال الأسطر التالية؛ عن أبرز الأسئلة المطروحة بشأن العملية التركية وموقف كل طرف منها :
لماذا قرر “إردوغان” فتح الحدود مع اليونان أمام اللاجئين ؟
يخوض “الجيش السوري” عملية تستهدف ردع القوات المعارضة في محافظة “إدلب”، لذا هرب ما يُقارب مليون مدني من القصف والمعارك؛ واستقروا بالقرب من الحدود مع “تركيا”، لكن الحكومة التركية لم تسمح لهم بالدخول، نظرًا للضغوط الاقتصادية والسياسية المفروضة عليها بعد استقبال 3.5 مليون لاجيء، لكنها تخشى من أن يؤدي تقدم قوات النظام إلى عودة سيولة المهاجرين إليها من جديد.
ولتجنب حدوث ذلك، أطلقت “أنقرة”، منذ نحو أسبوعين، عملية عسكرية ضد النظام السوري، من أجل إنشاء “منطقة آمنة” شمالي “سوريا”، لكن هذه العملية وضعتها في توازن صعب؛ إذ باتت تواجه “روسيا”، الحليف الذي كانت تلجأ إليه وتحصل منه على السلاح، لذا فإن تنفيذ وعد “إردوغان” بفتح الحدود مع “اليونان” أمام المهاجرين؛ جاء بهدف إجبار الدول الأوروبية على الإنخراط بشكل مباشر في دعمه.
كيف كان رد فعل اليونان ؟
لجأ رئيس الوزراء اليوناني، “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، إلى التعامل بقسوة؛ إذ أرسل تعزيزات خاصة إلى الحدود الأرضية، وأمر بعمل مناورات عسكرية في بحر “إيغة”، وقرر تعليق النظر في طلبات اللجوء لمدة شهر، وهو ما يعني تعليق العمل وفقًا لـ”اتفاقية جينيف”، لكن الصور التي أظهرت سفن خفر السواحل اليوناني، بينما تحاول إغراق قوارب تحمل مهاجرين، أدت إلى ترويع الرأي العام.
ما هو موقف أوروبا من العملية التركية الأخيرة ؟
أكدت الدول الأوروبية، لـ”أنقرة”، أنها لن تستسلم لمحاولات الإبتزاز، وأوضحت رئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، أن: “أولوية الاتحاد الأوروبي هي ضمان الحفاظ على النظام على حدود اليونان الخاجية، لأنها تُمثل الحدود الأوروبية، ونلتزم بتقديم كل الدعم اللازم لليونان”، كما شدد وزير خارجية الاتحاد، “جوزيب بوريل”، على أن حدود “اليونان” ليست مفتوحة، وطالب المهاجرين بعدم التوجه إليها.
بينما أعلن “إردوغان” أن القضية الآن لم تُعد مسألة اقتصادية، وأشارت الحكومة التركية إلى أنها أنفقت ما يُقارب 35 مليار يورو على اللاجئين، في حين لم يلتزم الاتحاد بإلتزاماته التي تعهد بها في اتفاق المهاجرين.
ما هو الدور الذي تلعبه واشنطن وموسكو ؟
اصطدمت “أنقرة” بـ”واشنطن”، العام الماضي، بعد قرار “إردوغان” بشراء نظام الدفاع المضاد للطائرات الروسي، (إس-400)، لكن الجمعة الماضية؛ بعدما تعرضت القوات التركية لإعتداء، طالبت “واشنطن” بمنحها نظام الدفاع الأميركي (باتريوت)، كما إنتزع الرئيس التركي من المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، “جيمس جيفري”، تعهدًا بإمداد الجيش التركي بالذخيرة، ومن هنا يُبرز التوازن الصعب لـ”تركيا”؛ إذ أنها عضو في “حلف شمال الأطلسي”، (ناتو)، لكنها في نفس الوقت تتصرف بكامل الحرية في “سوريا”.
وبعدما خسرت “أنقرة” 55 جنديًا في “سوريا” على مدار الشهر الماضي، باتت تتجنب اتهام “موسكو” بشكل مباشر، رغم أن الدب الروسي يُسيطر على المجال الجوي السوري وهو حليف قوي للغاية لنظام “بشار الأسد”، كما أن “إردوغان” و”بوتين” لم يقطعا العلاقات بينهما؛ ومن المتوقع أن يلتقيا، خلال الأسبوع الجاري، لكن إن لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق فسوف يتحول الوضع على الأرض إلى مواجهة مباشرة بين الأتراك والروس.