منذ بداية عام 2020 والعالم بأجمعه يعيش تحت وطأة التهديد اليومي بسبب المخاوف التي رافقت مرض كورونا ، وبلدنا الذي يتسم بكون اقتصاده ريعي وضعيف يرزح حاليًا تحت مطرقة هذا الوباء بحيث توقف ما يقارب 50% من النشاط الاقتصادي ، والوضع يزداد سوءا خصوصًا بالنسبة لنشاطات القطاعين المختلط والخاص وبشكل أخص المشاريع التي تأخذ شكل الشركات ، كونها لا تستطيع التوقف التام أو الجزئي عن العمل وتسريح عمالها بسبب تعقيدات إجراءات قانون العمل النافذ ، التي تتطلب دفع مستحقات العاملين وبدلات الضمان الاجتماعي وإلا تعرض صاحب العمل للغرامات والإجراءات القضائية .
فما هي الإجراءات الحكومية الواجب اتخاذها لإنقاذ الاقتصاد الوطني ولتمكين هذه الشركات من الاستمرار في العمل ودفع رواتب منتسبيها بشكل يمنع تعرضها للإفلاس او الوقوع تحت طائلة القانون ؟ ، مطلوب على الأقل إقرار الإجراءات الآتية وبشكل مستعجل لعام 2020 بقرارات من مجلس الوزراء وعلى غرار القرارين 55 و65 لسنة 2020 التي اتخذت للسيطرة على الوباء وتداعياته :-
– منح إعفاء من ضريبة الدخل والمبيعات والاستقطاع المباشر للقطاعين المختلط والخاص .
– الإعفاء من الرسوم التي تتقاضاها الجهات الحكومية وخصوصًا رسوم المهنة والإعلانات وغيرها .
– منح قروض ميسرة من دون فوائد أو ضمانات لتسيير دفع رواتب ومستحقات المنتسبين .
– الإعفاء من أجور الماء والكهرباء وأية أجور تتقاضاها أجهزة الدولة .
– شراء احتياجات أجهزة الدولة والمؤسسات الحكومية من الإنتاج المحلي بدل الاستيراد والإنتاج المحلي يقصد به إنتاج القطاعات كافة ( الحكومي ، المختلط ، الخاص ) .
– قيام وزارة الصناعة باستخدام صلاحياتها بموجب قانون حماية المنتجات المحلية لفرض الحماية المستعجلة الفورية أو منع الاستيراد للسلع التي يتوفر بديلها من الإنتاج المحلي .
وقد يتساءل المرء من أين يتم تمويل كل ذلك والموازنة تعاني من انخفاض أسعار النفط والعالم يشهد انخفاضا على النفط ؟ ، ونعتقد إن الإجابة يمكن ان تكون من بين مجموعة حلول من أبرزها :-
1- استخدام جزءا من احتياطي البنك المركزي للإنفاق بدلًا من استثماره في دول خارجية فهذا الاحتياطي ملك للشعب وهذا هو الوقت المناسب لاستخدامه للمصلحة الوطنية .
2- إجراء تغييرات في السياسة النقدية ومنها اعتماد أسلوب السعرين للدولار أو تغيير سعر الصرف لسد الفجوة مثلما حدث في لبنان مع مراعاة عدم تضرر أصحاب الدخول المحدودة .
3- دفع رواتب المنتسبين المضمونين العاملين في شركات القطاع المختلط والخاص من صندوق الضمان ويتم تعويضه من وزارة المالية على أساس المنحة المقدمة لدعم الاقتصاد .
وإذا بقيت الإجراءات تتجاهل القطاعين المختلط والخاص ، فسوف يكون المستقبل اسوء من الذي حدث للمقاولين والمزارعين عندما تم إيقاف صرف مستحقاتهم ، ويعني ذلك من ضمن ما يعنيه تعطيل قطاعات مهمة لأجل غير معروف في ظل أزمة قد يتم انقضاء شرورها خلال أشهر او أسابيع ، وللأسف الشديد فان كل الأنظار والاهتمامات الحالية تركز على إصابات فيروس كورونا وما يجب اتخاذه من تحوطات ، في حين لم يتطرق أي مسؤول حكومي او نيابي عن حجم المشكلة الاقتصادية الحالية او عن حالة الكساد السائدة الآن في العراق وما سيترتب عنهما من تداعيات وانعكاس ذلك على النشاط الاقتصادي وعلى فرص العمل المحلية وعلى المخاطر التي يتعرض لها أرباب العمل في البلاد ، فقرارات مجلس الوزراء التي اشرنا إليها في أعلاه أوجدت إجراءات شاملة بتعطيل او تقليص الدوام والسيطرة على المنافذ الحدودية او غيرها بخصوص تنقل الأفراد او التبادل التجاري ، وهي إجراءات لا غبار عليها لضروراتها ولكن تأثيراتها اقل أثرا وتأثيرا على القطاع الحكومي لان الموازنة تعتبرها نفقات وتتم تغطيتها من التخصيصات ، ولكن الأمر مختلف تماما في القطاعين المختلط والخاص لأن تغطية أية نفقات مباشرة بسبب التوقفات كلا او جزءا سيكون من الملكية الخاص او من أموال المساهمين ، وبذلك قد تختفي او تزول تلك القطاعات بسبب أزمة عابرة إن لم يتم تدارك الأمر ومعاملة تلك القطاعات إسوة بالقطاع الحكومي من ناحية المشاركة في تحمل نفقات تلك التداعيات ، وهو ليس استجداء وإنما دعوة لإحقاق العدالة لان المستثمرين من الأفراد والشركات وهم من العراقيين ويتساوون مع الآخرين في الحقوق والواجبات ومن المهم حمايتهم من هكذا أزمات وظروف .