الى السيد مقتدى الصدر – ٥: لماذا خاطَبَ الله علي – فاطمة – الحسن – الحسين من خلال نساء الرسول ; فمن هنا هو المبني للمعلوم وَمَن هو المبني للمجهول؟؟
المقالة : أُمة جاهلة … لو كنتُ هنا أُخاطب طلاب الجامعة فقط ، لاكتفيتُ بعنوان المقالة ، لأن العنوان يصلح أن يكون رسالة دكتوراه ، ولكن لكوني اخاطب الجميع فسوف اتوسع في الموضوع … اخبرتكم في المقالات السابقة أن آيات القرآن ال ٦٢٣٦ آية لا يوجد فيها أي ذكر مباشر الى علي – خديجة – فاطمة – الحسن – الحسين ، ولا ذكر غير مباشر قاطع الدلالة يخصهم لوحدهم .. حيث وضعهم الله في آيات تشملهم وتشمل معهم في نفس الوقت اعداد كبيرة من الناس تتراوح بين مئات الأشخاص ، كقوله تعالى ” قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ” .. الى مئات الملايين من الناس كقوله تعالى ” يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين ” !! … في الحقيقة ، لا أجد سبب مقنع لهذا “الاضراب المفتوح” من قبل القرآن لمدة ٢٣ سنة كاملة (الفترة التي استغرقها نزوله) عن ذكر علي – خديجة – فاطمة – الحسن – الحسين إلا بالقول ان الله أرادَ أن يفصل ما بين الاسلام كدين وبين اقرباء الرسول من الدرجة الأولى والثانية بعدم اعطائهم مكانة خاصة خارج عرف الناس في زمانهم ; مثلما فعل أبو بكر وعمر بعد وفاة الرسول ومثلما يفعل رؤساء بعض الدول الراقية في الفصل بين العمل والعائلة .. لذلك لم نجد ، لا أنا الذي علقَ على صدره يوماً شارة كلية الطب – جامعة هارفرد في مدينة بوسطن الأمريكية ولا البدوي في خيمته أي مبرر لكي نتشيع الى أي شخص لا من أقارب الرسول ولا غيرهم !!
لم يبقى في هذا القرآن الكبير سوى (نصف) آية مغروسة في الآيات السبع من سورة الأحزاب التي خاطب الله فيها نساء الرسول خاصة قد نجد فيها ” أَثر ” ما الى ذكر علي – فاطمة – الحسن – الحسين ! .. دعونا نقرأ تلك الآيات معاً ” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (28) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (29) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (30) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) …
١. لم نجد أي أثر الى علي – فاطمة – الحسن – الحسين في هذه الآيات السبع .. وهل مكانة هؤلاء عند الله اختزلها في نصف آية فقط .. لم يجد لها مكان بين ال ٦٢٣٦ آية يحتويها القرآن إلا هنا ; مع ) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ .. ) يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ.. ) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ !!!.. ٢. هذه الآيات السبع نزلت في نساء النبي حصرا .. ٣. الخطأ الذي وقع فيه علماء المسلمين من قبل هو استخدامهم لتلك الآيات السبع ( لإثبات ) ان نساء النبي محمد هم من أهل بيته ; العرب لا تحتاج الى تلك الآيات لكي تعلم هذا ، فهو من عرف العرب من قبل ومن بعد من (أ) أنَ الزوجة هي من ( أهل ) بيت زوجها … ” وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ ( بِأَهْلِكَ ) سُوءًا إِلَّا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) ” … ” قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ (72) قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ ( أَهْلَ الْبَيْتِ ) إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ (73)” … ” قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (27) .. فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ ( بِأَهْلِهِ ) آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ ( لِأَهْلِهِ ) امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ (29) … ثلاث آيات من القرآن تثبت ان الزوجة هي من أهل زوجها ; ففي الأولى “تشتكي” فيها امرأة العزيز الى زوجها من يوسف بعد أن مسكهم جنب الباب وتتهمه بمحاولة الاعتداء عليها بالقول ” مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ (بِأَهْلِك) سُوءًا ” .. وفي الثانية يطلق الله لقب (أَهْلَ الْبَيْتِ) على ابراهيم وزوجته العجوز قبل أن يرزقَهم الله بطفل .. وفي الثالثة حيث تزوج موسى من بنت واحدة من أهل مدين وبعد زواجه عاد بها الى دياره الأصلية ” وَسَارَ (بِأَهْلِهِ) “… نقطة أخيرة ، العرب عندما تخاطب امرأة تعيش لوحدها في منزلها أو أكثر من امرأة لا تستخدم ( نون النسوة ) عند النداء عليها أو عليهم .. بل تقول بصوت مرتفع ” يا (أهل) الدار ، أو يا (أهل) البيت ” ..
(ب) كذلك العرب لا تنسب أبنائها الى نساء ، والبنت بعد زواجها تصبح من أهل زوجها ، وزوجها وأولاده هم من أهل أبيه .. وأي عمل مخالف لهذا العرف الذي تعمل به العرب والعجم لحد يومنا هذا هو عمل معنوي وليس مادي ، مثل قول الرسول عن سلمان الفارسي ” سلمان منا أهل البيت ” .. وهذا يشبه منح بعض الجامعات العريقة الدكتوراه الفخرية لشخص مهم ; فلا هذا الشخص يستطيع أن يضع حرف الدال قبل اسمه ويقول الدكتور الفلاني ، ولا الرسول محمد (ص) خصص غرفة في بيته مع ” سرير مريح ” لكي ينام فيه سلمان الفارسي لأنه أصبح من أهل البيت !!! .. لذلك علي بن أبي طالب وعائلته هم من آل أبو طالب ( وأبو طالب كان من خيرة رجال العرب ) وليس من آل محمد (ما كان محمد أبا أحدٍ من رجالكم) … لذلك لا يوجد أي مبرر لكي نلوي أعناق الآيات حتى نسقطها على علي – فاطمة – الحسن – الحسين ، طالما ان الله ( قرر ) عدم تسليط ” الأضواء ” عليهم .. (ج) الآيات السبع أعلاه تثبت ان الله يريد أن يذهب عن نساء النبي الرجس ويطهرهم ولكن بشروط حددتها الآيات السبع وهي لا تفعلوا كذا وكذا وكذا ، ولكن افعلوا كذا وكذا وكذا … في الختام ، اعتذر عن الاطالة وأرجو أن أكون قد نفعتكم بهذه المقالة ، والى الملتقى في مقالات قادمة.