عسكرة الأزمة .. وسيلة طهران لمواجهة “كورونا” وسط توقعات بتفاقم أعداد المصابين !

عسكرة الأزمة .. وسيلة طهران لمواجهة “كورونا” وسط توقعات بتفاقم أعداد المصابين !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بوسائل غير طبيعية تدل على مدى الجنون الذي يتخذه النظام الإيراني لمواجهة فيروس “كورونا”، حيث يجد في عسكرة الأزمة وسيلة لإحتوائها؛ وكأن الجنود آلات محصنة ضد العدوى وليسوا بشرًا معرضين لنفس الإصابة، لتتضاعف الأزمة لترقى إلى مستوى الكارثة، أعلنت السلطات الإيرانية، أمس، أن لديها خططًا لحشد نحو 300 ألف جندي ومتطوع لمواجهة فيروس “كورونا” المستجد، الذي انتشر في البلاد بشكل كبير وقتل 77 شخصًا، بحسب الرواية الرسمية.

وأوضحت السلطات أن هذه الخطوة جاءت بأوامر من المرشد الإيراني، آية الله “علي خامنئي”، لكن لم يتضح بعد ما إذا كانت تشمل تقديم المساعدة في تطهير الشوارع وتوجيه حركة المرور، أو متابعة أي تواصل للمصابين بالفيروس مع آخرين، كما أشار اقتراح سابق.

وكانت وسائل إعلام إيرانية قد نشرت صورًا لـ”خامنئي”؛ وهو يزرع شجرة مرتديًا قفازات تستخدم لمرة واحدة، وذلك قبل “يوم الشجرة”، مما يوضح مدى قلق الطبقة الحاكمة من انتشار الفيروس.

وأوردت تقارير صحافية إيرانية؛ أن 23 عضوًا في “البرلمان الإيراني” أصيبوا بالفيروس، وكذلك رئيس خدمات الطواريء بالبلاد.

تراجع حاد في مستوى الثقة بين القيادة والشعب..

من جهتها؛ كشفت صحيفة (نيويورك تايمز)؛ أن أزمة “كورونا” تعصف بنظام “طهران” وسط تراجع حاد في مستوى الثقة بين القيادة والشعب، وأوضحت في تقرير لها أن النظام يحرص على تقييد المعلومات حول المرض أكثر من حرصه على إحتوائه، كما أن الإصابات تترواح ما بين 4 إلى 18 ألف؛ استنادًا على إحصاءات أجنبية.

وفي تفاصيل التقرير، فإن ما يُقرب من 34 من مسؤولي الحكومة الإيرانية وأعضاء البرلمان أُصيبوا بالفيروس، فيما توفي مستشار كبير مقرب من المرشد الأعلى.

يُساهمون في نشر الفيروس بدلًا من إحتوائه..

وكانت “وزارة الصحة” قد اقترحت تكليف 300 ألف من أفراد المليشيا في مهمة يائسة لتعقيم المنازل، تزامنًا مع تحذير للمدعي العام من أن أي شخص يجمع أقنعة الوجه وغيرها من معدات الصحة العامة يخاطر بعقوبة الإعدام.

وكان وزير الصحة، “سعيد ناماكي”، قد أعلن، الأحد، عن خطة لإرسال قوة من 300 ألف عنصر من مليشيا “الباسيج” في ثياب مدنية من شأنها أن تذهب من منزل إلى منزل لفحص السكان وتطهير منازلهم. وانتقد الأطباء والسياسيون الإيرانيون الخطة على الفور قائلين إن أفراد المليشيات غير المدربين من المحتمل أن ينشروا الفيروس أكثر من إحتوائه.

لقد تنبأ زعماء “إيران” بثقة، قبل أسبوعين فقط، بأن عدوى الفيروس التاجي التي تعصف بـ”الصين” لن تُشكل مشكلة في بلادهم. بل إنهم تفاخروا بتصدير أقنعة الوجه إلى شركائهم التجاريين الصينيين.

فشل يستغله الأعداء..

وذكر مسؤولون، أمس، أن فيروس “كورونا” أودى بحياة 77 شخصًا، وهي من أكثر الدول تعرضًا للمرض خارج “الصين”. ولكن بدلاً من تلقي المساعدة الحكومية، يقول الأطباء والممرضون المثقلون بالأعباء إن قوات الأمن حذرتهم وطالبتهم بإلتزام الصمت. ويقول بعض المسؤولين إن انتشار الوباء سيُنظر إليه على أنه فشل سيستغله الأعداء.

وفي الوقت الذي يُصارع العالم فيه لمكافحة انتشار الفيروس التاجي، إلا أن الوباء في “إيران” هو درس في ما يحدث؛ عندما تحاول دولة تنتهج السرية وذات موارد محدودة، التقليل من شأن تفشي المرض، ثم تجد صعوبة كبيرة في إحتوائه.

ويبدو أن السلطات قلقة بشأن السيطرة على المعلومات بقدر قلقها بشأن السيطرة على الفيروس، وفقًا لمقابلات هاتفية ورسائل نصية مع أكثر من ستة من العاملين الطبيين الإيرانيين.

وقال العديد منهم إن رجال الأمن المتمركزين في كل مستشفى منعوا الموظفين من الكشف عن أية معلومات حول النقص أو المرضى أو الوفيات المتعلقة بالفيروس التاجي.

السرية وجنون العظمة..

التقرير يُضيف أن السرية وجنون العظمة، كما يقول الأطباء؛ تعكس ما يسمونه التركيز غير المثمر على الصورة العامة لـ”إيران” وهيبتها التي تُعيق إتخاذ خطوات عملية في مجال الإحتواء، مشيرًا إلى أن الفيروس الذي ظهر لأول مرة في “الصين”، في أواخر عام 2019، ضرب “إيران” في لحظة ضعف تعصف بالقيادة. وتعرض الاقتصاد الإيراني لإنتكاسة بسبب “العقوبات الأميركية”.

وكافحت قوات الأمن لقمع موجة من الاحتجاجات العامة. وعانى جيشها من اغتيال قائد عسكري إيراني مُبجل بواسطة طائرة أميركية بدون طيار. وربما وصلت المصداقية المحلية للسلطات إلى مستوى منخفض آخر بعد الإعتراف باسقاط “الطائرة الأوكرانية”؛ بعد أيام من الإنكار بأن دفاعاتها الجوية قد أسقطت عن طريق الخطأ طائرة أوكرانية مليئة بالركاب الإيرانيين.

الباحث في شؤون “إيران” في “تشاتام هاوس”، وهو معهد أبحاث مقره لندن، “سانام فاكيل”، يقول: “إنهم يترنحون من أزمة إلى أخرى ويحاولون أن ينزعوا كل أزمة”. وتابع: “لقد قللوا من شأن التأثير المحتمل للفيروس التاجي”.

إطلاق سراح السجناء..

وتباهى مسؤولو الصحة الإيرانيون في البداية ببراعتهم الصحية العامة. وسخروا من الحجر الصحي على أنه “قديم” وصوروا “إيران” كنموذج عالمي يُحتذى به. وبالأمس، إعترفت “إيران” بوفاة ما يصل 77 شخصًا بسبب الفيروس؛ وما لا يقل عن 2300 حالة إصابة. إلا أن الخبراء الطبيين يقولون إن الوفيات الـ 77 تشير إلى أنه استنادًا إلى معدل الوفيات المتوقع، من المفترض أن يكون هناك حوالي 4 آلاف شخص مصاب.

بالتزامن مع ذلك، ذكرت السلطات، أمس، أنها أطلقت سراح 54 ألف سجين بشكل مؤقت يعتبرون خاليين من الأعراض، على ما يبدو؛ على أمل تقليل العدوى إلى الحد الأدنى فى السجون المزدحمة في “إيران”.

تصل الإصابات لأكثر من 18 ألف شخص..

وبسبب هذا النقص، تُشير الوقائع إلى أنه لا يمكن لأحد أن يُخمن إلى أي مدى انتشر الفيروس التاجي في “إيران”. وقال “إسحق بوغوش”، طبيب في “تورونتو” إن دراسة كندية توقعت، قبل أسبوع، أن يكون المجموع الحقيقي للإصابات في “إيران” أكثر من 18 ألف شخص.

تخلط بين القمع وحفظ ماء الوجه..

وقد ردت السلطات الإيرانية، التي أحرجها من جديد انتشار المرض، بمزيج من التدابير المتناقضة التي تخلط بين عناصر حملة القمع ومحاولات حفظ ماء الوجه.

وبدت شوارع العاصمة، “طهران”، مهجورة، حيث يُلازم السكان المذعورون منازلهم، خوفًا من العدوى. لكن في مدينة “قُم” المقدسة، التي شهدت أول وأهم انتشار للمرض في “إيران”، لا تزال المساجد والأضرحة تقيم خدمات العبادة الجماعية للحجاج الزائرين على الرغم من نصيحة “وزارة الصحة”.

ويقول “أمير أخامي”، وهو طبيب ومؤرخ في جامعة “جورج واشنطن”: “بصراحة إن عدم رغبة النظام الإيراني في تقييد الزيارات الواسعة النطاق لهذه الأضرحة؛ هو أمر إجرامي في حالة هذا المرض”، وقال عن رد القيادة العام: “إن الحكومة تضع الهيبة الدينية والصورة العامة قبل السلامة العامة”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة