بات الفساد في العراق حديثاً ذو شجون وعلى مدار الساعة يتداوله المواطنين في مجالسهم الخاصة والعامة وحتى المتسلطين في بعض مفاصل الدولة ومن بمعيتهم تتهم أركان الحكومة بالفساد وكأنهم ملائكة منزهين عن القيل والقال متناسين بأنهم جزء من تلك المنظومة التي أوصلت البلد الى حالة من الضياع والتوجه الى المجهول , والفساد بحد ذاته هو الإستغلال السييء للوظيفة العامة من أجل تحقيق المصلحة الشخصية والتصرف بالمال العام دون وجه حق حتى بات عرفاً لا يعاقب عليه القانون بل يحميه تحت مظلة بعض الكتل والأحزاب السياسية المتنفذة والمشاركة في العملية السياسية منذ تحرير العراق من النظام الشوفيني البائد , وإن إنتشار ظاهرة الفساد وتجذرها في مؤسسات الدولة وسلوكيات المواطن نتيجة إرث النظام الدكتاتوري السابق من حروب وحصار وويلات , فضلاً عن إنعدام العدالة الاجتماعية من جانب ، وعدم الاستقرارالأمني والسياسي بعد عام ٢٠٠٣ وما رافقه من غياب الشفافية وإنتشار المحسوبية والمحاصصة الطائفية من جانب آخر أصبح ٍيهدد شرعية النظام الديمقراطي ووجوده في العراق ، ولعل آخر تهديد هوالذي تمثل بإرهاب عصاباٍت داعش قد إستغل الفساد لإختراق العديد من المؤسسات وتجنيد الأنصار, لذا بات لزاماً الحد من بعض أوجه الفساد التي تلامس حياة المواطن اليومية وتنخر بنية الدولة العراقية .
إن الفساد في العراق يكمن في تمتع كبار المسؤولين بصلاحيات واسعة ، مع هشاشة المساءلة والمحاسبة وتراخي العقوبات الرادعة ، فضلا عن عدم نزاهة الجهاز القضائي وغياب السلطة التشريعية أو تغيبها عن ممارسة دورها في الرقابة والمساءلة لوزارات الدولة ، مع غياب الشفافية والعلانية والمساءلة التي تعاني منها السلطة القضائية , فضلاً عن التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المفاجئة وغير المدروسة ، وإنحياز مؤسسات المجتمع المدني وضعف دورها الرقابي , كما تعد وسائل الاعلام سبباً رئيسياً في إنتشار الفساد بسبب ضعفها وعدم حياديتها في طرح المعلومات والاخبار التي تخص الفساد ، إذ تعاني أغلب وسائل الاعلام في العراق من التبعية للتيارات والأحزاب السياسية المتنفذة ، فضلا عن الجهل العام بالحقوق الفردية للمواطن وبحقه في الاطلاع والمساءلة على دور الحكومة وعملها في كثير من المجالات , لذا نرى بأن أخطر أنواع الفساد هو الفساد السياسي لأن ضرره يعم ويشمل المجتمع والدولة بشكل عام ، ومن أهم صور وأوجه هذا النوع من الفساد والتي تتمثل , بفساد السلطة ، وفساد الهيئات التشريعية والتنفيذية ، وفساد الأحزاب والإنتخابات .
إن كل الحلول لمعالجة الفساد في العراق شكلية وأغلبها تنتهي دون حلول وإجراءات رادعة , لكن لو تم تطبيق قانون من أين لك هذا ؟ قد تحد من المشكلة نوعاً ما لكنها ليست نهاية المطاف وحلاً جذرياً , لأن مستوى الشفافية في العراق متدن جداً ، ويرجع سبب ذلك الى انتشار وشيوع مظاهر الفساد بكثرة في العراق منها نهب المال العام ، وعدم إحترام العمل ، وتهريب الأموال ، والابتزاز والتزوير، والتباطؤ في إنجاز المعاملات ، فضلا عن الرشوة والمحاباة والمحسوبية .
وأخيراً يمكن القول : بأن الدولة تسرق نفسها تحت مظلة بعض السياسيين .