قال تعالى :”وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا”.
الطب البديل وواقعنا الصحي الهزيل في زمن الكورونا !
تحقيق : احمد الحاج
نتيجة لتفشي الاوبئة والامراض السايكولوجية والبايولوجية والفسيولوجية في العراق وآخرها وباء كورونا المستجد “كوفيد -19” الذي أصاب الناس بالهلع ونظرا لتلوث البيئة وشح المياه الصالحة للشرب وهجرة الاطباء أو إغتيالهم وقلة الملاكات الطبية ونقص التجهيزات وتقادمها في المستشفيات الحكومية، علاوة على اغلاق العديد من العيادات الخاصة، فضلا عن تردي الخدمات وانتشار الصيدليات والمذاخر الوهمية، وشح الأدوية مع ارتفاع اسعارها وعدم خضوعها للتقييس والسيطرة النوعية وشهادة المنشأ، زيادة على انتشار ظاهرة بيع الادوية نافدة الصلاحية في الصيدليات وعلى قارعة الطرق، كل تلك الاسباب مجتمعة ادت الى لجوء المواطنين الى العلاج بالطب الشعبي التقليدي كبديل عن العلاج بالعقاقير والادوية المصنعة، لأعتقادهم الخاطئ بأن الاعشاب عموما إن لم تنفع فإنها لن تضر البتة !!
وقد ظهر في بغداد والمحافظات الكثير من العشابين، منهم أناس على درجة كبيرة من الخبرة والدراية والمصداقية في طب الاعشاب والحجامة بنوعيها الجافة والرطبة اضافة الطب النبوي، توارثوها كابرا عن كابر، ومنهم أناس طارئون على الصنعة تسللوا اليها خلسة، لجني المزيد من الارباح على حساب صحة المواطن ودخله الشهري !
ولتسليط الأضواء على العلاج الشعبي والعلاج بالطب النبوي تجولنا في احياء العاصمة بغداد، لتقصي الحقائق بشأن الموضوع ، وكان لقاؤنا الأول مع العشاب سعد محمود من منطقة باب الشيخ وسألناه عن الطب النبوي وأشهر مصنفاته فأجابنا قائلا:
* يعد كتاب الطب النبوي للإمام ابن القيم من أشهر المصنفات في هذا المجال، يليه كتاب (المنهج السوي) للأمام جلال الدين السيوطي وكتاب (الطب النبوي) للحافظ السخاوي، وكتاب (الاربعون الطبية) من سنن ابن ماجه لمحمد البرزالي ، وكتاب (التذكرة في الطب النبوي) لأبن جماعة ، وغيرها كثير.
– ماهي خواص الطب النبوي؟
* لقد أمرنا رسولنا ﷺبالتداوي ودعا اليه ورغب فيه كما جاء في الحديث الشريف: (تداووا عباد الله، فان الله لم يضع داء إلا وضع معه شفاء، إلا الهرم)، فالأدوية ما هي إلا وسائل جعل الله لها طريقا للشفاء علمها من علمها وجهلها من جهلها، وعلى المسلمين البحث والتقصي لأكتشاف الادوية وعلاج الامراض، حيث ان التعاليم النبوية تدفع كلها باتجاه النظافة والطهارة البدنية والقلبية والمحافظة على الصحة العامة مع تحريم الخبائث التي تضر بجميع انواعها.
– من هم اشهر علماء الامة في هذا المجال؟.
* لا شك ان الامام الرازي في كتابه الحاوي ، وابن سينا في كتابه (القانون) ابدعوا وبرعوا في هذا المجال ولا يغيب عن بالنا ابن البيطار وابن النفيس وابن القف والزهراوي وابن الهيثم فكل واحد منهم قد برع في مجال معين من مجالات الطب الكثيرة وتركوا لنا إرثا كبيرا ومحترما نهلت منه الاجيال في كل مكان حول العالم.
– هل خص النبي ﷺ أمته بنصائح نبوية شريفة تجنبهم الاصابة بالأوبئة وتحصنهم من الأمراض السارية والمعدية ومن أمثلتها المعاصرة “انفلونزا الخنازير، انفلونزا الطيور،سارس،زيكا،ايبولا،وآخرها وليس أخيرها فايروس كورونا المستجد وما شاكل ؟”.
*عندما تقرأ الاحاديث النبوية الصحيحة وتقلب فيها الطرف تتملكك الدهشة لعظمة هذا الدين الحنيف، ومعجزات النبي الاكرم ﷺ الذي سبق المؤسسات الصحية العالمية بقرون طويلة ،فقد نهى خير الخلق كلهم عن دخول المدن التي يظهر فيها الوباء ، ومنع من بداخلها من مغادرتها لحين عبور الازمة بما يعرف اليوم بـ” الحجر الصحي “حين قال ﷺ” إذَا سمِعْتُمْ الطَّاعُونَ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَدْخُلُوهَا، وَإذَا وقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ فِيهَا، فَلاَ تَخْرُجُوا مِنْهَا”،واليوم تُحَجرُ مدن بأسرها ويُحجر على كل من يُشك بإصابته بالكورونا لمدة 14يوما هي مدة حضانة الفايروس في الجسم للتأكد من حالته الصحية ،وقوله ﷺ :”لا يورد ممرض على مصح” خشية إنتقال العدوى، والأروع ذلكم الحديث النبوي المعجز بكل فقرة من فقراته “غَطُّوا الإناءَ، وأَوْكُوا السِّقاءَ، فإنَّ في السَّنَةِ لَيْلَةً يَنْزِلُ فيها وباءٌ،لا يَمُرُّ بإناءٍ ليسَ عليه غِطاءٌ، أوْ سِقاءٍ ليسَ عليه وِكاءٌ، إلَّا نَزَلَ فيه مِن ذلكَ الوَباءِ” بمعنى النهي التام عن التكاسل والغفلة عن تغطية أواني الطعام والشراب خشية الاصابة بالأوبئة والأمراض ،ولعل هذا ما تحذر من خطره كل الوزارات والمؤسسات الصحية حول العالم لما تنطوي عليه الأطعمة والأشربة المكشوفة من مخاطر جمة تتمثل بـ” انتقال البكتيريا والفيروسات عن طريق الحشرات والبيئة الملوثة والتعرض لفايروسات الانفلونزا والاصابة بالجدري والحصبة وشلل الأطفال والنزلات المعوية والتسمم الغذائي ونحوها من جرائها ” .
وفي حديث نبوي شريف آخر ” غطوا الإناء، وأوكوا السقاء،وأغلقوا الباب ، وأطفِؤوا السراج ، فإن الشيطان لا يحل سقاء ، ولا يفتح بابا ، ولا يكشف إناء . فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على إنائه عودا ، ويذكر اسم الله ، فليفعل ، فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت بيتهم واكفؤوا الإناء أو خمروا الإناء ” وفي هذا الحديث الشريف ينهانا النبي الاكرم ﷺمن جملة ما ينهانا عنه النوم في غرفة مضاءة وفي هذا تقول الدكتورة آيفي تشيونغ ماسون، من جامعة نورث ويسترن، في دراسة علمية حديثة صدرت عام 2018: “لقد تبين من خلال النتائج التي توصلنا إليها أن ليلة واحدة من التعرض للضوء أثناء النوم تؤثر على مقاومة الإنسولين ما يسبب الإصابة بداء السكري من النوع الثاني ، اضافة الى تعطيل عملية الايض !”
ويضيف الدكتور الياباني كينجي أوبياشي في دراسة اخرى يابانية صدرت عام 2019 ” لقد وجدنا ارتباطا واضحاً بين النوم في الضوء وتصلب الشرايين ،وإن ترك ضوء في الغرفة أثناء النوم يزيد من خطر الوفاة، بسبب أمراض القلب والسكتة الدماغية، وتعرض الجفون للضوء أثناء النوم يقلل من إنتاج هرمون الميلاتونين “.
-اليوم هناك اجراءات غير مسبوقة وعقوبات صارمة تصل الى السجن المؤبد في الصين مركز انتشار كورونا تمثلت بملاحقة باعة الحيوانات البرية وتجارها بعد دراسات عدة اثبتت أن الثعابين والخفافيش والقطط والكلاب التي يأكلها الصينيون بسبب المجاعات السابقة التي ألمت بهم ، ونتيجة المعتقدات الدينية والشعبية الخاطئة تجعلنا نقف مندهشين أمام وصايا النبي الاكرم ﷺوتحذيراته من تناول هذه الحيوانات قبل 1441سنة من الان وقبل ان يعلم العالم كله مخاطر تناولها !
* أحسنت فعندما تصدر اللجنة الدائمة للمجلس الوطني الصيني قرارا حاسما للحد من انتشار وباء كورونا الذي قتل واصاب الالاف وسبب للصين خسائر اقتصادية تقدر بنحو 62 مليار دولار مع تراجع النمو بنسبة 2%يقضي بمنع التجارة والقضاء على عادة تناول الحيوانات البرية لأن تناولها ينطوي على مخاطر كبيرة للغاية ويشكل خطرا جسيما على الصحة العامة بحسب نص البيان الصادر عنها ،وعندما تقدم السلطات المحلية في مدينة شنغن وثيقة ضوابط ولوائح للحد من انتشار فيروس كورونا الجديد، تشمل تجريم تناول الكلاب والقطط والثعابين والخفافيش وبقية المخلوقات البرية وتقصر ذلك كله على تسعة حيوانات من بينها فقط ، اخفقوا في واحد منها واصابوا في ثمانية “حيث اخفقوا في اباحة اكل الخنزير “الذي ينقل للانسان عشرات الامراض ،واصابوا في ” الدجاج والبقر والأرانب والأسماك والكائنات البحرية “معللة ذلك كله بـ” أن “حظر استهلاك الحيوانات البرية يعد إجراء معتادا في الدول المتقدمة ومطلبا عالميا للحضارة الحديثة !!” لا نملك الا ان نصلي على الحبيب الطبيب ﷺ الذي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى حين لخص لنا حرمة وخطر كل ما حظرت الصين بيعه واكله يوم نهى رسول الله عن ” أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير”.
– وماذا عن عادة التقبيل والعناق التي تحذر المنظمات الصحية منها خشية انتشار الوباء ؟
*هذا إعجار آخر فقد ورد في السيرة النبوية العطرة أن رجلاً قال: يا رسول الله، الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ قال: لا، قال: أفيلتزمه ويقبله؟ قال: لا، قال: فيأخذ بيده ويصافحه؟ قال: نعم”، اضف الى ذلك ان المؤسسات الصحية تحذر من عدم استخدام المناديل عند العطاس والسعال لدورها في انتشار الوباء وقد ورد في السيرة النبوية العطرة ” كَانَ رَسُولُ الله ﷺ إذَا عَطسَ وَضَعَ يَدَهُ أَوْ ثَوبَهُ عَلى فيهِ، وَخَفَضَ أوْ غَضَّ بَها صَوْتَهُ”، كذلك آداب التثاؤب وضرورة وضع اليد على الفم خلاله وفي هذا قال رسول الله ﷺ” إذَا تَثاءَبَ أحَدُكُمْ فَلْيُمْسِكْ بَيده عَلَى فِيهِ، فإنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُل” والشيطان في العديد من الاحاديث النبوية يؤشر الى كل ما شطن – أي خرج عن الطريق القويم وسبب الأذى – ومن وصايا الاطباء غسل اليدين قبل الطعام وبعده ،وبعد الخروج من الحمام وفي هذا قال الحبيب الطبيب ﷺ”بركة الطعام الوضوء قبله، والوضوء بعده” وقوله ﷺ” مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ، فَأَصَابَهُ شَيْءٌ، فَلاَ يَلُومَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ” ولايفوتنا هنا التذكير بأهمية النظافة التي حرص عليها الاسلام حرصا كبيرا حيث الوضوء للصلاة خمس مرات في اليوم والليلة اضافة الى بقية السنن والنوافل وغسل الجنابة والغسل من الحيض والنفاس وغسل يوم الجمعة وقص الاظافر وحلق العانة ونتف الابط وطهارة البدن والثياب والمنزل والتنزه من البول والاستنجاء من الغائط والتي لاتقبل صلاة المسلم ولاحجه ولاعباداته من دونها ،قال الحبيب الطبيب ” خمْسٌ مِنَ الفِطرةِ: الخِتان، وَالاسْتِحْدَادُ، وَتقلِيمُ الأَظفَارِ، ونَتف الإِبِطِ، وقَصُّ الشَّارِبِ” ومعنى الاستحداد أي حلق العانة .
– وبشأن المعوقات التي تواجه عمل العشابين اجابنا محمود ياس ،من منطقة الدورة، قائلا:
* إحدى المعوقات في استخدام الأعشاب في زماننا هذا عدم معرفة بعض أسماء الأعشاب التي تم وصفها في المؤلفات القديمة أو اختلاف اسمها من منطقة إلى أخرى، وافتقار العديد من المتعاطين للطب الشعبي للعلم والخبرة ، وخوف الناس من التداوي بهذا العلاج كونهم يجهلون فوائده.
* من اين تستمد موادك الأولية في المعالجة؟
– حقيقة استخدم الأعشاب المتوفرة من البيئة التي أعيش فيها ، وايضا اعشاب أخرى نستوردها واذكر لك من فوائدها الآتي:
1- القرنفل وهو معروف عند أطباء العرب يعين على الهضم ويطرد الرياح المتولدة عن فضول الغذاء ويقوي اللثة ويطيب النكهة.
2- الجرجير: فهو مفيد للإنسان ويدر البول ويساعد على هضم الطعام فيما تنصح المرأة الحامل بعدم تناوله.
3- العاقول: نبات عشبي معمر دائم الخضرة شوكي،واستخدمه كعلاج للروماتيزم وحالات حصى الكلى، والعاقول ملين ومقيء ومدر للبول ومطهر للجهاز الهضمي.
4- زيت الزيتون: ويعد أحد العوامل المؤثرة في انخفاض أمراض القلب والشرايين، واوصى به الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: “كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ” – أي: الزيتون.
*وعن الوصفات الشعبية لأمراض انتشرت بعد 2003 بشكل كبير يقول العشاب ياس :
– لعلاج تساقط الشعر يعجن طحين الحبة السوداء في عصير الجرجير مع ملعقة خل مخفف وفنجان زيت زيتون، ويدلك الرأس بذلك يومياً مساء ويغسل يومياً بماء دافئ وصابون.
أما لعلاج الأرق فملعقة من الحبة السوداء تمزج بكوب من الحليب الساخن المحلى بعسل وتشرب وقبل أن تنام حاول أن يلهج لسانك بذكر الله، عز وجل، وقراءة آية الكرسي، وحقيقة الاعشاب الموجودة في العراق لا تكفي لمعالجة الكثير من الامراض وانما نستورد الكثير منها.
*وبشأن كيفية تعاطي الطب البديل مع الامراض النفسية اجاب الجبوري قائلا:
– لاشك ان المجتمع العراقي تعرض الى الكثير من الامراض بعد 2003، وخصوصا الامراض النفسية والصدمات التي اصابت عموم الناس بشكل عام والكثير من الاطفال والنساء بشكل خاص،حتى تجاوزت اعداد المرضى النفسيين 16% والسبب في ذلك يعود الى تدهور الاوضاع الامنية وكثرة المشاكل المجتمعية ومن اجل معالجة تلكم الحالات استخدمت معهم الحجامة والرقية الشرعية وتشمل أورادا مأثورة عن الرسول عليه الصلاة والسلام وآيات من القرآن الكريم .
* وماذا علاج الصدفية؟
– الصدفية وجدت انها تعالج بالحجامة، ومن ثم غسل مكان الصدفية بصابون الرقي ودهنه بزيت الزيتون او زيت حبة البركة وتغطيتها جيدا، حينها سيرى المريض شفاء ظاهرا لها بعد ما يقرب من عشرة ايام.
وبشأن علاج البهاق يضيف العشاب بالقول :
– اما علاج البهاق فيمكن بالبصل والخل عبر خلطة يضعها على منطقة البهق صباحا ومن ثم يجلس في الشمس نصف ساعة، وقد تمت المعالجة بصورة مؤقتة وشفي منها ولكن للأسف بمجرد انفعال المريض ثانية، تظهر علامة البهاق مرة أخرى، وتتفاوت نسبة شفاء المصابين مع تفاوت حدة الاصابة بين مريض وآخر.
– ماذا عن مرض السكري الذي اصاب الكثير من العراقيين ؟
* حقيقة ان مرض السكري ظهر لدى الكثير من الشباب اليوم وليس محصورا على كبار السنفقط ، ولمعالجته استخدم البصل والفلفل الحار وانا بدوري اوصي مريض السكر بان يأكل بصلة واحدة لمدة يومين او رأس ثوم، ومن ثم مع الحجامة سوف تهبط مستويات السكر لديه بشكل كبير، مع اهمية مراعاة العمر وحالة المريض النفسية والصحية عند اجراء الحجامة.
– نصيحة اخيرة .
* يجب ان يلجأ الناس في هذا العلم الى الثقات وليس الى الطارئين الذين إتخذوه وسيلة للتربح ولابد من الحذر من الدجالين والافاقين والسحرة والمشعوذين وأمثالهم ، ومن اسس نجاح طب الاعشاب الايمان المطلق بأن الله وحده هو المشافي، وهذا ما اقوله لمرضاي واشدد على أن الشافي هو الله ولا دخل لي في الشفاء انما انا مجرد سبب فيه لا اكثر ،وادعو وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الى استحداث اقسام متخصصة في طب الاعشاب بكليات الصيدلة كما هو الحال في مصر وفي دول عربية واجنبية عدة.اودعناكم اغاتي