لا نفشي سرا إن قلنا أن أسباب ودوافع احتلال وغزو العراق ميدانيا وفكرياً وعقائديا و…من قبل أطراف الصراع التي تتناوب الأدوار قد أميط اللثام عنها وهذا بالطبع لمن كانت ثمة غشاوةٍ على عينيه عن عمد مع سبق الإصرار والترصد أو مغلوبٌ على أمره اختلط عليه الحابل بالنابل فذهب يبحث عن أسماء ومسميات لتزيين الصورة القبيحة للاحتلال عسى أن يُسهم ذلك بعدم تنفير النفوس الأبية من ذكر اسم الغزو المقترن بالإذلال والتركيع للشعوب المبتلاة به . فتارة يصف الاحتلال بالتحرير وتارة يصمه بالديمقراطية ؟؟؟
فنقول لمن عميت بصائرهم قبل أبصارهم ممن لا تجدي معهم إلا الأدلة المادية الملموسة اعلموا أن اقل ما يقال عن دوافع الاحتلال هو أن من غزا العراق فقد هيمن على العالم بأسره (إنها لا تعمى العيون ولكن تعمى القلوبُ التي في الصدور)؟؟؟
أظن أن الأقلام الخيّرة قد أسهبت في هذا المبحث ، ما يعنينا هنا ما سر استهداف نينوى حصرًا ؟؟؟
ما هي الأسباب ومسبباتها ؟؟؟
ما هي الدوافع ؟؟؟
واليكم شئٌ يسير من خلال تسليطنا الضوء على حادثة من أرض الواقع فهلموا بنا نعيش جانبا منها عسى أن ننهل ونعي ونتعظ …
ما أن وطأة أقدام الغزاة ارض الرافدين ودنست ثرى مهد الحضارات سُرف مجنزراتهم واستنفر الأعادي بخيلهم ورجلهم مستفزين من تواطأ معهم غضهم وقضيضهم كأنهم حُمر مستنفرة حتى إنبرى العلماء الربانيين الذين جعلوا منابر الهدي المحمدي تصدح وتشحذ الهمم وتبث الحماس في نفوس الشباب لأخذ دورهم وكذا الأمر بالنسبة لأساتذة الجامعات والكليات والمعاهد والمدارس ولا نغفلُ دور المثقفين من صحفيين وإعلاميين وأصحاب مبادئ لم تشوبهم شائبة فكان لذلك ثمن مئات الآلاف من مواكب الشهداء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب وما يربو على خمسة ملايين طفل مشرد ويتيم وأكثر من نصف مليون أرملة ففي كُل بيتٍ نائحة ثكلى ، أما المعتقلين فحدث ولا حرج وكان من بين اؤلئك المعتقلين (محور بحثنا وهو أستاذ جامعي بدرجة علمية عالية) روى لي تفاصيل ما جرى معه في غياهب السجون لذا سأعيد سرد التفاصيل من الذاكرة كما نقلها صاحبها ..كنت معتقلا في سجون وزارة الداخلية وقد ساموني سوء العذاب انتهى الأمر بي أن كُسرّت أطرافي الأربع , وعلى حين غرة دخل الأمريكان المعتقل فرقّت قلوبهم لحالي بعد أن رأوني غارقاً في دمائي لا أقوى على تحريك يد أو قدم . وعلى الفور عولجت جراحي وجُبسّت كسوري فأصبحت مغطى بالجبس والشاش لا يُكاد يُرى سوى وجهي , نقلتُ على إثرها إلى معتقل بوكا الذي يديرهُ الأمريكان وللإمانة أنني تلقيت إهتماما ً ورعايةٍ خاصة بعد أن علموا بشهادتي ودرجتي العلمية فاصحبوا ينادونني ( بروف ) اختصارا لكلمة بروفيسور أي أستاذ دكتور توالت الأيام وزاد تعاطف الجنرال الأمريكي الذي كان يحكم بوكا مع حالتي , وذات يوم استدعاني إلى مكتبه وبينما أنا جالس أمعنت النظر في محتويات المكتب وجدرانه فوقع بصري على خارطة العراق ولكن الغريب في الأمر أن إحدى مدن العراق تم تحديدها باللون الأحمر , أمعنت النظر فإذا بها محافظة نينوى فبادرت بسؤال الجنرال لما هذا التضليل والتحديد لمحافظة نينوى باللون الأحمر ؟؟ فأجابني بلا تردد هنا مكمنُ الخطر وثقل الإسلام… ومن هاهنا ستبدأ نهايتنا , هكذا أنبئنا كتابنا المقدس بأن يدُ الله التي ستضربُ إسرائيل ستكون من ها هُنا وأشار بيده إلى المدينة المصطبغة بلون الدم على الخريطة (إنها نينوى) من هنا سيبُعث ُالذي سيستخدمه الرب في القضاء على الشعب اليهودي ، إنه الآشوري (الموصللي) الذي سيحقل نصف إسرائيل في أول أيامه ، وسيستخدم العصا على إسرائيل ، وسيضرب قاضيها بقضيب على خده …..!!!
يقول الدكتور سألت الجنرال ماذا سيحلُ بنينوى ؟؟؟
وماذا ستفعلون بالموصل الحدباء أم الربيعين ؟؟؟
فأجاب الجنرال أمامنا خياران لا ثالث لهما أما الأول فإبادة نينوى عن بكرة أبيها… يقول الدكتور فقاطعته على عجالة لئلا يفعلون , اجبني جنرال ما الخيار الثاني ؟؟؟
قال أن نُشغل المدينة بنفسها حتى يُستباح كلُ شيءٍ فيها فلا نترك لها أي متنفس للتفّكر …فإنهم إن فكروا وتدبروا سنكون قد عجلنا بنهايتنا خاصة وان أهلها متمرسون في الحرب لا ينصاعون للأوامر متمردون شرسون في اللقاء .. وما من سلطة روحية أو مرجعية تثنيهم عن عزمهم ويكادُ أن يكون شبه مُستحيلٍ علينا كسب ولاء المدينة !!
يقول الدكتور خاطبت الجنرال هناك خيار ثالث إن فعلتموه ستكون نينوى معكم لا عليكم , وفي قرارة نفسي ادعوا الله أن يحفظ العراق ونينوى وان يأخذ بيدي كي لا تكون الموصل أثرا بعد عين، قاطعني الجنرال فاغراً فاه مصغياً السمع قال هات ما عندك وكيف ذاك اجبني بسرعة !!!
فقلت وجهوا ضرباتكم الصاروخية وترساناتكم العسكرية وطلعات طائراتكم وفوّهات مدافعكم وبنادقكم صوب إيران فارس وستكون الموصل بل وربما العراق كله معكم لا عليكم …
ليصمت الجنرال بعد ما سمع دون أن ينبس ببنت شفة ؟؟؟
وإنني أرى صمته كأنه يقول في قرارة نفسه : ( إن صداقة إيران تنفع وعداوتها تضر أما العرب فصداقتهم وعداوتهم لا تضرُ ولا تنفع )…!!!؟؟؟
اللهم كُن للعراق وأهله سندا ً ونصيرا ً …
اللهم أجعل كل قرية ومدينة في العراق ترفل بالأمن والأمان…
اللهم إحفظ العراق وأهل العراق …