قبل أكثر من أربعة عقود رحل الأب الروحي للكورد الملا مصطفى البارزاني الخالد ليترك نهجاً ديمقراطياً في خضم السياسات الدكتاتورية والشوفينية المتصارعة على المصالح الذاتية , حيث غاب عن الساحة السياسية بتوقيت لم يحسب له والذي أحوج ما تكون الأمة الكوردية الى قيادته الحكيمة بعد أن ضحى بالغالي والنفيس من أجل شعبه ووطنه , وأفنى حياته في خدمة القضية الكوردية في مسيرة نضالية حافلة بالمواقف البطولية , حيث ارتبطت الحركة الكوردية التحررية باسمه لأكثر من نصف قرن , واستقطب نضاله وإخلاصه حركة التحرر القومي في أجزاء كوردستان كافة , واستيقظت أجيال كوردية على هويتها القومية من نضال البارزاني الخالد ، وأصداء كفاحه الدؤوب من أجل حرية الشعب الكوردي وتحرره من الاضطهاد , فلم يكن الملا مصطفى البارزاني قائد ثورة فحسب بل كان تاريخاً من الحكمة والفلسفة والزهد , ويعد بحق مدرسة للنضال والفداء والتضحية فهو المفكر والقائد وألاب بالنسبة للكورد ، ورمزاً لنضال الشعب الكوردي باعتباره واضع أَساسيات النضال الثوري الديمقراطي الكوردستاني ، وقاد هذا النضال بحكمة ودراية وتفان وتضحية , وشكلت نضالاته وأفكاره تراثاً قومياً وطنياً نيراً سمي بـ ( تراث البارزاني الخالد) ، ليصبح نبراساً للجماهير الكوردستانية الكادحة في الدرب الطويل ، درب كوردستان العظيم .
ومن أشهر ما قيل في البارزاني الخالد تخليداَ لذكرى رحيله ما قاله : الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر ( زعيم إجتمع فيه القديم والحديث , وهو متفان من أجل شعبه ) .
وقال : الرئيس حسني مبارك ( مصطفى البارزاني رجل عظيم , علينا أن نقرأ تأريخه ) .
وقال : الصحفي الأمريكي دانا آدامز مؤلف كتاب الى رحلة الشجعان ( الطود الشامخ في تأريخ الشعب ورمز نضاله ,إذ ليس هناك من يعتد بنفسه وبمقوماته الى الحد الذي يؤهله لإلقاء درس من دروس الوطنية على ذلك الرجل الذي رفع راية الكفاح فوق ذرى جبال كوردستان منذ عام 1931 , ولم يشهد تأريخ الشرق الأوسط قائداَ مثله لا يتنازل عن كرامته ورصانته في كل الظروف الصعبة التي كانت تمر بها كوردستان , وكانت ذهنيته السياسية متطورة جداَ تعينه على التعمق حتى يصل الى النتيجة النهائية أو الى قلب المصلحة التي يبحث فيها ) .
وقال : الميجر أدغار أوبال المحلل السياسي والعسكري البريطاني في كتابه الثورة الكوردية عام 1973( أن قصة الثورة الكوردية , إنما هي قصة مصطفى البارزاني الزعيم المحارب ) .
وقال : وليم توهي في صحيفة الواشنطن بوست في 8/12/1970( إستطاع مصطفى البارزاني إنتزاع أول إعتراف قانوني بحقوق الأكراد في العراق , وهو أول إعتراق إقليمي بمطالب القومية الكوردية , والتي كانت البداية لإقرار الآخرين بمشروعية حقوق الشعب الكوردي ) .
وقال : كمال جنبلاط الزعيم اللبناني الراحل (قائد تأريخي ظهر في تواق للحرية , ثائر للإنعتاق من الظلم والجور ) .
هكذا خُلد الملا مصطفى البارزاني كونه من العظماء في التأريخ , فلكل أمة عظيم , وعظيم الكورد بارزانيّها , وكتب عنه الأعداء قبل الأصدقاء وعن نضاله وكفاحه بأحرف من نور ليبقى نبراساَ يحتذى به من قبل الأجيال التي من بعده , فهنيئاَ للكورد بقائد عرّف العالم بقوميته وقضيته العادلة في الحرية والإستقلال , كباقي شعوب العالم الثالث المحبة للسلام والمتعطشة للحرية , بعد أن ذاق الكورد الأمرين تحت نير الحكومات الدكتاتورية المستعبدة للشعوب .
فالغظماء لا يموتوا وإن رحلوا …