يحمل الفضاء السيبراني تاثيره في مختلف مجالات الحياة ومنها المجال الامني حيث يساهم الفضاء السيبراني ومن خلال ادواته المختلفة في اعادة رسم البعد الامني المحلي والعالمي ، حيث يعمل على اعادة تشكيل الوعي والادراك السياسي والامني للافراد والمجتمعات والدول بصورة مغايرة عما كانت عليه حيث نجد تصورات وبنى جديدة يتم تأسيسها في المجال السياسي والامني حيث لم يعد الامن يعيش في العالم الواقعي – المحدود وانما اصبح للاواقعية واللامحدودية التي يشكلها الفضاء السيراني حضورها المؤثر في المجال الامني واصبح الحديث عن الحرب السيبرانية والامن السيبراني والردع السيبراني والجيوش السيبرانية والاسلحة السيبرانية والارهاب السيبراني والجريمة السيبرانية..الخ واتجهت الدول نحو تأسيس مؤسسات بحثية وامنية تهتم بدراسة الفضاء السيبراني وكيفية توظيفه بالشكل الذي يساهم في تحقيق مصالحها السياسية والامنية والاقتصادية .الخ، ليكون التحدي المستقبلي الذي يفرضه الفضاء السيبراني يتمثل في قدرة الدول على التكيف مع التغيير السريع والتحديات التي يفرضها الفضاء السيبراني في المجالات العامة عموما ً والمجال الامني خصوصاً، الى جانب امتلاك القدرات والبنى المادية والبشرية التي تمكنها من ان تكون مؤثرة وفاعلة فيه. وهذا التاثير الذي يحمله الفضاء السيبراني في المجال الامني لا يقتصر على الواقع الداخلي للدول وانما يمتد الى المحيط الدولي الواسع ليؤثر في اعادة رسم شكل ومضمون الامن الدولي ويحدد اطر جديدة لطبيعة العلاقات الدولية والامن الدولي .
والعراق من الدول العديد التي تواجه تحدي الفضاء السيبراني في مختلف محالاته ومنها المجال الامني ،فحالة الضعف التي يعيشها تعقد المسالة اكبر فهو لايزال يعاني عدم الاستقرار العام ولايمتلك القدرات المطلوبة للتكيف مع تلك التحديات التي يفرضها الفضاء السيبراني ، فمع الانتقال السريع للمجتمعات من الفضاء الحقيقي الى الفضاء الافتراضي وجد العراق نفسه يدخل الى هذا الفضاء الواسع وسريع الحركة دون ان يمر بمرحلة انتقالية ، فالبنى المادية والبشرية في العراق لاتزال غير قادرة على التفاعل الايجابي مع تلك التحديات العديدة للفضاء السيبراني ،وعند البحث الامكانيات العراقية في مجال الامني السيبراني سوف نجد بان العراق لايزال يحتاج الكثير من الجهد المعرفي والاداري والقانوني والتقني لكي يكون قادر على التاثير في المجال الامني الافتراضي من جهة ومن جهة اخرى قادر على حماية أمنه السيبراني من التهديدات السيبرانية ، وعند النظر في المؤشر الامن السيبراني العالمي وهو مؤشر يصدر عن الاتحاد العالمي للاتصالات يشمل مركب يجمع 25 مؤشرًا في معيار واحد لرصد ومقارنة مستوى التزام الأمن السيبراني للبلدان فيما يتعلق بالاتفاقية الركائز الخمس لجدول أعمال الأمن السيبراني العالمي. هذه الركائز تشكل خمسة مؤشرات فرعية من مؤشر الأمن السيبراني العالمي والتي تشمل:
1. القانونية: التدابير القائمة على وجود المؤسسات والأطر القانونية التي تتعامل مع الأمن السيبراني والجريمة الإلكترونية.
2-التقنية: التدابير القائمة على وجود المؤسسات الفنية والتعامل مع الأمن السيبراني.
3-التنظيمية: التدابير القائمة على وجود مؤسسات واستراتيجيات تنسيق السياسات لتطوير الأمن السيبراني على المستوى الوطني.
4-بناء القدرات: التدابير القائمة على وجود البحث والتطوير والتعليم وبرامج التدريب والمهنيين المعتمدين ووكالات القطاع العام التي تعزز بناء القدرات.
5-التعاون: التدابير القائمة على وجود شراكات وأطر تعاونية وشبكات تبادل المعلومات.
سوف نجد بان العراق وبالرغم من التحسن الذي حدث في موقعه في المؤشر فهو يزال في موقع متأخر حيث نجد بان موقع العراق في المؤشر للعام 2018 (107) عالمياً و(13) محلياً، بعد ان كان في عام 2017 في المرتبة (158) عالميا و(19) محلياً. وعند البحث عن اسباب هذا التحسن سوف هنالك جهود حكوميةعديدة اتخذها العراق في هذا المجال والتي شملت الاتي :
1- تاسيس فريق الإستجابة للأحداث السبرانية. وهو فريق وطني مشترك مختص بمجال الأمن السبراني والاستجابة للحوادث السبرانية وحماية البنية التحتية للانترنت ونشر الوعي في مجال حماية الخصوصية والحماية الذاتية للافراد والمؤسسات على الانترنت يعمل تحت إشراف مستشارية الأمن الوطني العراقي. يحمل الفريق على عاتقه مسؤولية تأمين و حماية الشبكات ومراكز البيانات الوطنية والمواقع الرسمية التي تعمل في مجال الفضاء السبراني العراقي ويقوم بتنسيق الجهود الوطنية ودعم المؤسسات في القطاعين العام والخاص في حماية نفسها وخدماتها في الفضاء السبراني.
2-القراءة الاولى لقانون الجرائم المعلوماتية.
3- عقد العديد من المؤتمرات وورش العمل والندوات عن الامن السيبراني
4- كتابة العديد من البحوث والدراسات في مراكز الابحاث والجامعات العراقية حول الامن السيبراني.
لكن مع ذلك لايزال العراق بحاجة الى جهد كبير للتكيف مع تحدي الفضاء السيبراني في مختلف المجالات ومنها المجال الامني. وذلك من خلال العمل على اجراء الاتي:
1-بناء البنية المادية والبشرية المطلوبة للتعامل مع الفضاء السيبراني.
2- العمل تاسيس كليات واقسام علمية في الجامعات العراقية المدنية والعسكرية تختص بالامن السيبراني تمنح درجات علمية في تخصص الامن السيبراني.
3- العمل على بناء مؤسسات امنية تختص بمكافحة التهديدات السيبرانية في مختلف المجالات ومنها المجال الامني.
4- قيام المؤسسات الامنية المختلفة في العراق على بناء قوات امنية سيبرانية مثل ( شرطة سيبرانية ،ومخابرات واستخبارات سيبرانية، وجيش سيبراني الخ ) من اجل مواجهات التهديدات السيبرانية الداخلية والخارجية.
5- العمل على بناء وعي اعلامي وثقافي حول خطورة التهديدات السيبرانية .
6- بناء منظومة قانونية تتعلق بجرائم السيبرانية.
7- المشاركة في الجهود الدولية المتعلقة بالامن السيبراني ، مثل الاتفاقيات الدولية والمؤتمرات التي تعقد حول خطر التهديدات السيبراني وكيفية التعامل معها دولياً.