خاص : ترجمة – محمد بناية :
رحل الديكتاتور السابق، “حسني مبارك”، فرعون مصر الحديثة، والمعروف تاريخيًا بالرئيس الذي أسقطه الشعب عن السلطة في انتفاضات شعبية عارمة، عن عمر ناهز 92 عامًا؛ وما سيبقى في ذاكرة المصريين عنه وحكمته الاستبدادية هو الفقر والفساد والقمع. تلك السلبيات التي تسببت في هبوب نسيم “الربيع العربي” بـ”مصر”، عام 2011، ثم تحول إلى إعصار أطاح بعرش “جمهورية مملكة مبارك”.
مع هذا؛ فقد أعلنت حكومة جنرالات “مصر” حالة الحداد مدة ثلاثة أيام على وفاة آخر فرد من نسل “فراعنة مصر”.
مسار “مبارك” مع “الربيع العربي”..
وبحسب تقرير صحيفة (نيويورك تايمز)، فقد أعلن التليفزيون المصري، الثلاثاء 25 شباط/فبراير الجاري، نبأ وفاة “حسني مبارك”، الرئيس المصري المعزول. وكان “مبارك” قد تعرض للمحاكمة والسجن، عام 2011، بتهم الفساد والقتل، وذلك بعد الإطاحة به في آتون ثورات “الربيع العربي”، لكنه حظي بالبراءة من كل التهم المنسوبة إليه بشكل مثير للدهشة والتعجب، في 24 آذار/مارس 2017، اللهم إلا من جريمة صغيرة؛ وأعلنت المحكمة أنه لا حاجة للإبقاء عليه بالسجن، ومن ثم أفرجت عنه.
وبعدها انتقل “مبارك” للإقامة في فيلته الفخمة بضاحية “هليوبوليس”؛ وعاش في رفاهية تامة، لكنه أمضى بعض الوقت مؤخرًا بـ”مستشفى المعادي العسكري”، جنوب “القاهرة”، بسبب المرض.
وقد ظهر “مبارك”، لأول مرة بعد الإفراج، في شريط فيديو مصور، عام 2019، للحديث عن ذكرياته كقائد للقوات الجوية المصرية في حرب 1973 ضد “الكيان الصهيوني”. وكان هذا أول حضور له أمام الكاميرات بعد التنحي، في 2011.
“حسني مبارك”، هو الرئيس المصري الوحيد، (بعد “محمد علي” مؤسس مصر الحديثة)، الأطول حكمًا. وكان قد وصل إلى السلطة، عام 1981، عقب اغتيال، “أنور السادات”، رابع رئيس مصري، وأمتد حكمه حتى شباط/فبراير 2011، أي ما يقارب ثلاثة عقود من السلطة.
الطريف في تقرير (نيويورك تايمز)؛ الفقرة التي تحدثت عن أن “مبارك” لم يتطلع يومًا للسلطة، ووصفت صعوده إلى السلطة بـ”الصدفة التاريخية”، لكن لطالما كانت وستظل هناك شكوك حول دور “مبارك” في اغتيال “السادات”، حتى أن، “رقية السادات”، اتهمت، “مبارك”، بعد ثورة 25 كانون ثان/يناير 2011، بالمشاركة في اغتيال والدها. بحسب صحيفة (إيران) الرسمية.
كعب أخيل “مبارك”..
تداعى قصر سلطة “حسني مبارك” وانتهت صلاحيته، لكنه توسل بالقوة العسكرية والتحالف مع الغرب في مواجهة المعارضين.
“مبارك”، الذي كان متشددًا فيما يتعلق بالقضايا الأمنية، وقع بعد الصعود إلى السلطة اتفاق سلام مع “الكيان الصهيوني”، على غير رغبة المصريين، في حين عُرف إبان الحرب المصرية ضد “الكيان الصهيوني” بقيادة القوات الجوية؛ وتحول إلى بطل قومي.
كذلك تحسن العلاقات “المصرية-الأميركية”، تحت حكم “مبارك”، واستحالت “القاهرة” حليف “واشنطن” بالمنطقة، بحيث كانت تحصل سنويًا على 1,3 مليار دولار كمساعدات أميركية. تلك المساعدات التي توقفت عام 2011.
كذلك استغل “مبارك” القوة العسكرية القهرية وفرق المخابرات القوية في قمع كل أنصار “الإخوان المسلمين”. فقد كان رأيه في “الإخوان” بأنهم يمثلون تهديدًا للأمن القومي المصري؛ وأعلن هذا الموضوع بشكل علني.
كل هذه المشاكل ساهمت في زيادة مستويات الاستياء الشعبي من “مبارك”، بحيث تعرض للاغتيال مرارًا.. ورغم نجاته من كل المحاولات، لكنه فشل بالنهاية من تجاوز الثورة الشعبية، عام 2011. حيث أجبره المصريون، المطالبون بالديمقراطية وسيادة القانون ومكافحة الفساد، في “القاهرة” وعدد من المحافظات الأخرى، على التنحي، وبذلك استعاد الشعب المصري السلطة من شخص هو أشبه بفرعون العصر الحديث.
تبرئة عجيبة !
في آذار/مارس 2017، حكمت أعلى محكمة استئناف مصرية بتبرئة، “حسني مبارك”، من جميع التهم بما فيها المسؤولية عن مقتل مئات المتظاهرين.
كذلك رفضت المحكمة طلبات دفاع أسر الضحايا بإعادة فتح ملف “مبارك”، وبذلك حصل الديكتاتور المصري السابق على الحرية بعد 6 سنوات في السجن.
جاء الإفراج عن “مبارك”؛ وعودته إلى حياة الرفاهية في عهد الرئيس العسكري المصري، “عبدالفتاح السيسي”، في حين مكث، “محمد مرسي”، الرئيس المصري الوحيد المنتخب، والذي أطاح به، “السيسي”، في انقلاب عسكري، عام 2013، بالسجن حتى وافته المنية.