ألقت الأحداث الدامية التي شهدها العراق مؤخرا،من تهجيرات طائفية نفذتها ميليشيات موالية لإيران ،تحت أنظار وتواطؤ الجيش والأجهزة الأمنية والشرطة الاتحادية لأهالي ديالى،والهجوم الواسع على سجني التاجي وأبي غريب وهروب آلاف المعتقلين منهما رافقها في اليوم التالي تفجيرات إجرامية ضربت اغلب محافظات العراق ذهب ضحيتها أكثر من 300شهيد ومئات الجرحى ،ففي بغداد وحدها انفجرت أكثر من 12سيارة مفخخة،بظلالها السوداء على ادارة اوباما ، والأمم المتحدة التي وصفت الوضع في العراق بأنه على (شفير الهاوية ) ،فقد حذرت صحيفة الواشنطن بوست ،وهي كبرى الصحف الأمريكية الواسعة التأثير والانتشار، في مقال صارخ لها تحت عنوان (الكارثة الوشيكة في العراق والشرق الأوسط)،ادارة اوباما من العنف المتصاعد في العراق، من تحوله الى ما سمته (مشكلة أمنية أمريكية في العراق )،هذا التحذير له مبرراته الواقعية ،إذ يشهد العراق انهيار امنيا وسياسيا كاملا وعلى الصعد كافة ،ومن سمات هذا الانهيار فشل حكومي واسع في السيطرة على الميليشيات الطائفية التي تأتمر بأوامر إيرانية ،والتي كانت وراء اغلب التفجيرات والتهجيرات والاغتيالات الطائفية في العراق ،(تهجيرات ديالى ومنطقة السيدية والمنصور ومناطق أخرى ببغداد ،وظهور السيطرات الوهمية وخطف المواطنين على الهوية وتفجيرات الملاعب والمقاهي والأسواق في عموم محافظات العراق لخلق حالة من الانهيار الطائفي وإشعال الحرب الاهلية وغيرها )،ودائما تقف إيران وميليشياتها خلف هذه الأعمال الإجرامية وتدعي أن القاعدة هي من ينفذ هذا الأعمال والجرائم، متناسية أن هذه الأعمال لا يمكن لأحد القيام بها إلا من كانت وراءه إمكانيات دولة كبيرة، (تسليحا وتمويلا وتدريبا ومعلومات استخبارية عالية جدا واختراق امني واستخباري داخل الأجهزة الأمنية ،وهذا ما لا تستطيع القيام به لا القاعدة وغيرها عدا إيران ،لقوة نفوذها العسكري والسياسي والديني في العراق )،أما سياسيا فالمالكي الآن في اضعف حالاته السياسية ،ورسالة زعيم التيار الصدري مقتدى الأخيرة للشعب العراقي وللتحالف الوطني واضحة ،حيث قال (ادعوا الشعب العراقي للانتفاضة على حكومة المالكي في الشوارع وإسقاط الحكومة ،ودعوته للتحالف الوطني الشيعي الى الاستقالة واخذ دوره وسحب الثقة من الحكومة وتبديل المالكي )،وانتقاد عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي لأداء حكومة المالكي بسبب فشلها واختراقها الأمني الفظيع ،ومطالبته تغيير القادة الأمنيين بأسرع وقت ،في حين دعا عضو المجلس الأعلى الإسلامي صدر القبنجي الى تسلم منظمة بدر للملف الأمني بدلا من الجيش والشرطة، مما أثار حفيضة دولة القانون وشنت هجوما لاذعا على القبانجي ،ومطالبة القائمة العراقية من البرلمان استجواب المالكي وسحب الثقة منه ،أما التحالف الكردستاني فاكتفى بتوجيه حكومة المالكي بضرورة معالجة الوضع الأمني،وأبدى استعداده لمساعدة المالكي في ضبط الأمن وحل مشكلة التوترات السياسية ،الى هنا من حقنا أن نقول للمالكي ماذا تبقى من حكومتك إذا الكل يرفضونها وينتقدونها ويريدون تغيير رئيسها ،بعد أن أوصلت الأوضاع الأمنية والسياسية حد الانفجار الشعبي الجماهيري (مظاهرات أهلنا في الجنوب لتردي الخدمات والأوضاع الأمنية واعتصامات أهلنا في المحافظات الغربية والوسط )،فطبيعي جدا وإزاء تدهور وانفلات حكومي مريع (هروب قادة عسكريين كبار مثل الغنام والمكصوصي ويقال قاسم عطا وغيدان وغيرهم حسب الأخبار،وإحالة قادة عسكريين كبار الى القضاء نتيجة أحداث السجون والتفجيرات الإجرامية الكبيرة) أن هذا يؤكد حقيقة خوف وتحذير الواشنطن بوست لإدارة اوباما ،ولكن ما هو الهدف من وراء هذا التحذير الأمريكي ،والخوف من تصاعد العنف في العراق ، ولمعرفة خوف الواشنطن بوست من تصاعد العنف وتحذيرها لاوباما ،لابد أن نذكر أن الخوف هو التبدلات الكبيرة وارتداد ثورة الربيع العربي-الأمريكي على عقبيها في كل من مصر قاهرة المعز وتونس الخضراء اللتان تشهدان ثورة عارمة ضد حكم الإسلام السياسي المتخلف والمدعوم أمريكيا وغربيا (زيارات مسئولين أمريكان وكاترين اشتون الى مصر أكثر من مرة، وإلحاحهم إطلاق سراح مرسي والعودة الى حكم الاخوان )،هذا الإصرار الأمريكي –الغربي على دعم المتاسلمين، وضرورة عودتهم للحكم له أبعاد سياسية واضحة ،هو أن هذه الحكومات المتاسلمة والمتبرقعة باسم الدين هي صناعة أمريكية بامتياز،إضافة الى انعكاسات الأوضاع السورية ،وتقدم الجيش الحر وانتصاراته على الارض السورية رغم تأخر وعرقلة ادارة اوباما تزويد المعارضة بالسلاح والعتاد وصواريخ ضد الجو وغيرها ،بحجة سقوطها بأيدي جبهة النصرة التي كذبها الواقع ،إذن تخوف ادارة اوباما والواشنطن بوست في محله من تصاعد حدة العنف وحصول كارثة في العراق ،لان (التجربة الديمقراطية الأمريكية المزعومة في العراق)في مهب الريح وميتة سريريا ،بعد إصرار المحافظات الغربية والجنوبية على التظاهرات وإسقاط العملية السياسية الفاشلة منذ عشرة أعوام ،لذلك عندما تسقط وتفشل تجربة أمريكا في العراق فإنها ستفشل في عموم المنطقة ولديها مشروع عسكري لابد من تنفيذه مهما بلغت التضحيات وعليها المحافظة على تجربتها لإنجاح مشروعها، لا من اجل وقف نزيف الدم العراقي، وتماسك الشعب العراقي ووحدته والحفاظ على أراضيه وسيادته ،أمريكا تبحث عن مصالحها في الشرق الأوسط لهذا هي تتخوف عليها وهذا هو مصدر الخوف الأمريكي من تصاعد العنف في العراق .