23 ديسمبر، 2024 8:23 م

فضيحة من العيار الثقيل

فضيحة من العيار الثقيل

منذ الإطاحة بالنظام الديكتاتوري وحتى هذه اللحظة لم يبقى عراقيا شريفا كان أو وضيعا عالما كان أو جاهلا , لم يحذّر من مخاطر وتبعات نظام المحاصصات الطائفية والقومية على مستقبل الدولة العراقية ومؤسساتها , خصوصا في موضوع بناء الجيش والأجهزة الأمنية , ولطالما تعالت الأصوات المخلصة والشريفة بضرورة إبعاد الجيش والأجهزة الأمنية عن لعبة المحاصصات القذرة التي تبنّتها أحزاب السلطة الحاكمة , ولطالما نادت هذه الاصوات المخلصة بضرورة بناء مؤسسات الجيش والأجهزة الأمنية والاستخباراتية من العناصر المهنية الكفوءة والمخلصة للوطن وبعيدا عن الاستقطابات الطائفية , لتكون هذه المؤسسات حصن الوطن في الدفاع عن الأرض والعرض ولبسط الأمن والأمان في ربوعه .
لكنّ أحزاب السلطة الطائفية التي استولت على مقاليد الأمور قد جعلت من هذه المحاصصات أساسا لبناء الدولة العراقية الجديدة , وانسحب هذا الأمر على الجيش والأجهزة الأمنية , وبالتالي لتتحوّل من مؤسسات لحماية الأمن والدفاع عن الأرض إلى تجمعات طائفية غابت عنها مبادئ الوطنية وتحوّلت لخليط غير متجانس من بقايا أجهزة النظام السابق والقادمون الجدد من ضباط الدمج الذين لا يملكون حتى شهادة المتوسطة في أغلبهم .
واليوم تنفرد جريدة المسلّة بالكشف عن فضيحة من العيار الثقيل , وذلك بنشر وثائق سرية خطيرة هي عبارة عن برقيات سرّية لجهاز المخابرات الوطني العراقي حذّر فيها الجهات الأمنية عن عزم تنظيم القاعدة الإرهابي اقتحام سجني التاجي وأبو غريب باستخدام الهاونات والهجمات الانتحارية بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة , حيث أظهرت هذه الوثائق سبع برقيات سرّية أرسلها جهاز المخابرات أولها كان في 24 / آيار وآخرها في 20 / تموز , أي قبل أقل من 12 ساعة من الهجوم , وقد كشفت البرقية السرّية والفورية المرقمة 6153 والمؤرخة في 20 / تموز , نيّة تنظيم القاعدة الإرهابي تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف سجنس التاجي وأبو غريب وأحد المواقع الحكومية عن طريق قنابر الهاون والعجلات المفخخة والأحزمة الناسفة خلال الساعات القادمة , ويقول جهاز المخابرات الوطني إنه بعث بهذه البرقية إلى جهاز مكافحة الإرهاب , وجهاز الأمن الوطني , ووكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية , وقيادة عمليات بغداد , والمديرية العامة للاستخبارات والأمن , ومديرية الاستخبارات العسكرية , ومركز القيادة الوطني , ومركز العمليات الوطني .
فمن خلال هذه المعلومات يتّضح أنّ جهاز المخابرات الوطني قد أعلم كافة الأجهزة الأمنية والاستخبارية بمعلومات دقيقة للغاية عن الكارثة قبل وقوعها , فالسؤال الذي يطرح هل كان وزيري الدفاع والداخلية بالوكالة على علم بهذه المعلومات المهمة والخطيرة ؟ وهل أعلم هؤلاء الوزراء رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلّحة بهذه المعلومات ؟ أم أنّ قادة الأجهزة الأمنية المذكورة قد حجبوا هذه المعلومات عن وزراء الدفاع والداخلية بالوكالة و القائد العام للقوات المسلّحة ؟ ولماذا لم تتخذ الاجراءات الفورية والسريعة بعد وصول هذه المعلومات الخطيرة ؟ ومن المسؤول عن هذه المهزلة ؟ .
العراقيون يريدون اجابات على هذه الأسئلة وليست تبريرات سخيفة يا رئيس الوزراء , الناس ائتمنوك على أرواحهم وأموالهم وأعراضهم , فهل حفظت الأمانة يا نوري المالكي ؟ , ليس هنالك من بديل سوى حضورك أنت ووزير العدل ووزراء الداخلية والدفاع بالوكالة ورئيس جهاز المخابرات الوطني وقادة الأجهزة الأمنية المذكورة , إلى قبّة البرلمان والإجابة عن كل ملاباسات الكارثة , وبالمناسبة أي تحقيق يجري خارج قبّة البرلمان لن يقبل وسيكون وسيلة لإخفاء الحقائق وطمسها .
وللعلم يا دولة الرئيس العراقيون يعرفون تماما إنك لن تحضر للبرلمان لتكشف عن اسباب هذه الفضيحة وهذا الانهيار الأمني , والبرلمان لن يفعل لك شيئا أو يحرّك ساكننا , وستكذب على الناس وتقول لهم هذا الاستدعاء هو استهداف سياسي , وإنّ جهات سياسية تريد إسقاط الحكومة من خلال هذه الفوضى , فالشعب واثق إنك فاشل ولا تستطيع أن تحمي قطيعا صغيرا من الماعز .