أنتاج البشاعة لايرتبط حصريا بمشاهد الدم والجريمة التي تتسابق لها الفضائيات في محاولة لكسب دهشة المتلقي ومتابعته للقناة ، بل في تعميم لغة ونمط سلوكي لقطاع صار يمثل كابوسا في الحياة العراقية الغاطسة بالأزمات والفساد . القطاع المقصود هنا نعني به الطبقة السياسية النافذة التي تسعى قناة البغدادية لصناعة افرادها كنجوم يغلقون أفق حياتنا ، وهو مايتضح في برامج التخمة السياسية المتمثلة في “مسؤول صائم” و”المنجز” و” سحور سياسي ” الذي عرفه البعض ب “الزقنبوت السياسي ” ..! برامج يجمعها هدف واحد هو أختفاء النخبة من مثقفين وفنانين وأكاديميين وصحفيين ورياضيين ، مقابل تكريس البحث في تفاصيل حياة السياسيين وهذامايبدو على نحو أوضح في برنامج “مسؤول صائم”. مسؤول صائم ، وقت يشبه الكابوس في تعميق شعور المواطن بخيبة حياته وهو يواجه هذه الشخصيات الطارئة على الزمن العراقي ، ولم تستطع ابتسامات المقدمة شيماء جاسم من تخفيف وطأة هذا الشعور الذي يدعو المواطن ان يتسائل عن أهداف البغدادية من هذا القيح البصري..!؟ هل من المعقول ان كوادر البغدادية وعقلها الإعلامي المحرك ينظر بعين واحدة للمجتمع العراقي ، أهي عوراء لاتنظر سوى للجهة التي يحتشد بها السياسيون ؟ أمْ أن مدن العراق خلت من المبدعين صناع الحكمة والمتعة والمسرة وهي بعض متطلبات المشاهد للشاشة في شهر رمضان .؟ أختفاء النخبة خلل بنيوي يشمل سياسة وعمل غالبية الفضائيات ولايقتصر على البغدادية فقط ، والأزمة في عمقها ثقافية في فهم رسالة اومقاصد الإعلام ، مايجعل الفضائيات تدور في حلقة الإرتجال والرؤية الفردية ، دون قدرتها على الأنتقال لمدار مؤسسة وعي مجتمعي . البرامج السياسية في ظل واقع مأزوم قاعدته واسبابه الفساد السياسي ، تمثل تعميقا لشعور المواطن بالخيبة ، وخلق نظرة سوداوية تتواصل مع واقع تترشح عنه البشاعة التي يصنعها السياسيون أنفسهم . تتكشف المفارقات في “مسؤول صائم” حين يتحدث بعضهم ، بأسلوب دعائي مكشوف عن تاريخ “بطولاته” ونزاهة سلوكه ، في تحدي شرس لذاكرة الاخرين وهي تحفظ توقيتات إرتدائه وخلعه لل” الزيتوني ” ..! أصرار البغدادية على الأستمرار في هذه البرامج ، رغم ملاحظاتنا السابقة لها ، يعني الهدر بالوقت والمال في محاولة لتجميل ملامح مرحلة سياسية تتسم بالقبح والبشاعة . [email protected]