17 نوفمبر، 2024 8:30 م
Search
Close this search box.

قانون الأحوال الشخصية العسكري

قانون الأحوال الشخصية العسكري

( العراقيون أحرارٌ في الالتزام بأحوالهم الشخصية، حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو اختياراتهم، وينظم ذلك بقانون / الدستور العراقي – المادة 41 ) .
هذه واحدة من أكثر المواد الدستورية الهشة في العالم ، إذ هي المادة التي بقيت حبراً على ورق ولم يتمتع العراقيون بظلّها . فهم يخضعون لقانون أحوال شخصية مزاجي لا فلسفة له . فلا هو ملتزم بالشريعة ولا بحق المساواة ، إذ يلزم الأب بالنفقة في حالة الطلاق ويمنعه من رعاية أبنائه ، حتى وإن كانت الام تتمتع بحالة اقتصادية افضل منه . في حالة من التخبط الفلسفي وعدم الوعي من قبل المشرع العراقي تثقل المرأة والرجل وتدفعهما للانحراف الأخلاقي والمالي . فالشريعة الإسلامية توجب النفقة على الأب لكنها تمنحه آلية خاصة لرعاية الأبناء ، فتنقل إليه الأولاد الذكور بعد اتمامهم السنتين ، لمصالح نفسية واجتماعية ، وتترك الإناث حتى بلوغ السابعة عند الام ثم تنقلهم إلى الأب ، لذات المصالح . ثم عند بلوغهم السن الشرعي للبلوغ وهو غالباً بعد تعدي الثالثة عشر – لا الثامنة عشر – يتم تخييرهم إلى اي الأبوين شاءوا .
وفي مادة أخرى تقول ( العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييزٍ بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي / الدستور العراقي – المادة 14 ) . فكيف جاز التمييز بين الأب والأم في النفقة وحق الحضانة على اساس الجنس .
اما المادة (16) من ذات الدستور فتقول ( تكافؤ الفرص حقٌ مكفولٌ لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ) . فأين هو التكافؤ للأب في فرص رعاية الأبناء .
وفي مخالفة للمادة 19 من الدستور التي تقول ( ثانياً:- لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولا عقوبة إلا على الفعل الذي يعده القانون وقت اقترافه جريمة، ولا يجوز تطبيق عقوبة أشد من العقوبة النافذة وقت ارتكاب الجريمة ) تتم معاقبة الأب دون جريمة من خلال إبعاد أبنائه قسريا والتسبب له بأذى نفسي يتجاوز الحد .
اما المادة (29): أولاً: ( ‌أ- الأسرة أساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية ) ، فقد سعى المشرّع العراقي لإرضاء الأمزجة خلف الكواليس بكسر كل هذه القيم ، وانتهك كل ثوابت المجتمع العراقي ولم يستند إلى أي قيمة اجتماعية .
وفي ( ‌ب- تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشئ والشباب، وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم ) ، فلا ندري كيف تتم حماية الطفولة بإبعاد الطفل عن أبيه وإحداث شرخ كبير في تكوينه النفسي والتربوي ، من خلال الإطاحة بأحد ركني تنشئته النفسية والاجتماعية .
وفي ( ثانياً:- للأولاد حقٌ على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حقٌ على أولادهم في الاحترام والرعاية، ولاسيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة ) ، كيف استطاع المشرع العراقي توفير وحماية كل هذه الحقوق المتبادلة بعد كسر العلاقة مع الأب .
اما ( رابعاً:- تمنع كل أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع ) ، فيعيش المشرع تناقضاً غريباً ، إذ يرفض التعسف داخل الأسرة وهو يتعسف ضد الأب ! .
وهو ما يجد صداه في المادة 37 : ( ثانياً:- تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني ) ، إذ يُكره الأب والطفل معاً فكرياً من خلال التكوين النفسي المشوه ، وسياسياً من خلال القوانين الجائرة ، ودينياً من خلال منعهم من الاحتكام إلى عقائدهم .
ان من حق كل عراقي ان تكون له إيديولوجيا ومجموعة أفكار يقتنع بها ومن المستحيل أن يخلو بشر عاقل من منهج يتبعه ، وكل مجموعة حرة في سلوكها ورموزها ورغبتها في تطبيق أفكارها سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ما دامت دعوتها سلمية ، بشرط أن تحترم قيم المجتمع وثوابته ، لكن حين تصل مجموعة محددة إلى السلطة تصير محكومة ومسؤولة أمام الجميع ، لأنها تتحكم بمقدرات الجميع ، ومن حق كل العراقيين انتقادها ومساءلتها عن حقوقهم .

أحدث المقالات