17 نوفمبر، 2024 5:24 م
Search
Close this search box.

الطريقة الغبية لإدارة الدولة العراقية

الطريقة الغبية لإدارة الدولة العراقية

في بداية ثمانينات القرن الماضي قام النظام السابق ببيع سيارات بيك آب نوع تويوتا يابانية الصنع للفلاحين بسعر 1750 دينار، و كان كل 1 دينار يساوي 3 دولار أي سعر السيارة يساوي 5250 دولار، من باب دعم الفلاحين لتشجيع الإنتاج الزراعي، و لكن النتائج كانت عكسية و ليس كما كان يراد من المشروع زيادة الإنتاج الزراعي، فلقد قام بعض الفلاحين ببيعها حيث كان سعرها في السوق تقريبا ً بحدود 5000 دينار، أي بما يساوي 15000 دولار، و هذا الربح الفوري الذي يساوي 9750 دولار كان مبلغا ً لا يستهان به، و هنالك من الفلاحين تركوا الزراعة و إشتغلوا بسياراتهم كسيارات لنقل البضائع بالأجرة، و هنالك من قام بإستغلالها ببيع السماد الحيواني على أصحاب الحدائق المنزلية و خاصة ً في بغداد. و على إثر هذه النتائج السلبية توقفت الدولة عن الإستمرار في هذا المشروع الذي جعل الفلاحين كسالى يتسوقون المنتجات الزراعية المستوردة من الأسواق المحلية، و مثل هكذا طريقة في الدعم لا يمكن أن نتوقع لها النجاح فما دام الفلاح، أو أي شخص، حصل على مكسب بدون أن يبذل جهدا ً في سبيل الحصول عليه فإنه سيتراخى في حياته، و هذه هي طبيعة النفس البشرية. هذا النموذج الغبي في الإدارة هو واحد من آلاف النماذج الغبية التي إستخدمتها الأنظمة الحاكمة لإدارة شؤون العراق، إبتداءا ً من تأسيس العراق في العهد الملكي و لغاية النظام الحالي مرورا ً بالأنظمة العسكرية الدكتاتورية التي كانت أكثر سوءا ً في الإدارة لأن البلد في حينها كان عبارة عن ثكنة عسكرية و ليس دولة للبناء و الإعمار.
الطريقة الغبية لإدارة الدولة العراقية شملت جميع قطاعات الدولة كالقضاء و التعليم و الصحة و الزراعة و الصناعة و إدارة الموارد الأولية، كالنفط و المياه. و كان من نتائج ذلك و كما نراه واضحا ً على أرض الواقع إنحطاط المجتمع إلى هذا المستوى الحالي من الفقر و البطالة و الأمية و الجهل و شيوع الأعراف العشائرية لتسوية النزاعات الشخصية و حتى البرلمانية و ضعف الخدمات الصحية و المديونية العالية إلى الدول الخارجية على الرغم من الإيرادات الهائلة المتأتية من بيع النفط. و كل ذلك ناتج عن أن الدولة العراقية تأسست على إستنساخ الحضارة الغربية بإسلوب وصاية الحكومة على الشعب و ليس أن الحكومة هي من صنع الشعب كما في الدول المتقدمة التي نريد أن نعيش مثلها.

أحدث المقالات