22 نوفمبر، 2024 7:39 م
Search
Close this search box.

مشكلتنا مشكلة معرفية

مشكلتنا مشكلة معرفية

جُل ما نعانيه من مشاكل وماتواجهنا من مطبات سواء في حياتنا وعلاقاتنا الاجتماعية، وما نعتقد به من افكار غير صحيحة، وما نتبناه من مذاهب واهية، إنما هي نتيجة قلة المعرفة، مما يعني استحكام الجهل في مقابل المعادلة، خطورة الأمر لا يقف عند الاعتقاد الخاطئ، او تصديق الخبر الكاذب، بل بالترتيب على هذا الخطأ، واتخاذ المواقف والبناء عليها والعمل على اساسها٠

المعرفة سلاح فتاح بيد من يمتلكها، وهي حصانة وحماية له والتطور والتقدم العلمي الذي يشهده العالم اليوم خير دليل، لكنها بالمقابل تعني مسؤولية اخلاقية إنسانية، وإلا ستصبح تهديد دائم لمن لايملك مفاتيحها!

وقد بحث العديد من الفلاسفة في العالم الغربي، والمتكلمين في العالم الإسلامي الشرقي، في مبحث المعرفة وقد اشبعوا هذا الموضوع نتاج فلسفي ومعرفي وأسموه (نظرية المعرفة) Epistemology *

وانقسموا في بحثهم عنها وفيها إلى مدارس أهمها، العقلية التي تؤمن بالعقل كونه الأداة الوحيدة للوصول للمعرفة، أما المدرسة الحسية عابت على الاولى ايمانها المطلق بالعقل، وجاءت بدلائل توثق انخداع العقل، وعدم إمكانية الاطمئنان له وحده، أما المدرسة الثالثة نسفت ما سبقها من مدارس، لتؤكد لا بقاء الا للتجربة للحصول على المعرفة، وتمسكت بها اشد التمسك من اجل الوصول إلى المعرفة بالطبع ظهر علماء وفلاسفة كثر في كل اتجاه ومدرسة٠

بطبيعة الحال فان المعرفة لا يسعها إناء لنسكبها فيه، فهي جدول جار لا يتوقف ولا ينضب، ولا يمكن حصر أدوات الحصول عليها بما ذكر آنفاً، وعليه فلا غنى لنا عنها وان اختلفنا في مصادر معرفتنا، ففي ظل ما يعيشه اليوم الإنسان المعاصر من تيه معلوماتي، بسبب ما يتعرض له من سيل جارف من الصور والأخبار قد تصل في اليوم الواحد إلى الألف، والتي يشوبها الكثير من الزيف والخداع والتضليل والتشويه والفبركة، اصبح غربلة تلك المعارف أمراً واجب ٠

عند انطلاق التظاهرات في تشرين العام الماضي، في توقيت محدد انطلق عبر منصات التواصل الاجتماعي، لم يستطيع احد من المتظاهرين والناشطين ان يعرفوا لماذا أختير هذا اليوم؟، ومن اختاره؟ كلها أسئلة بقت معلقة تحت نصب الحرية، واشتعلت شرارة التظاهرات مابين جريح من المتظاهرين وما بين قتيل من القوات الأمنية، او العكس لا فرق فكلاهما عراقي، كان للجهل يد طولى في تشويه المشهد عجز البعض عن معرفته فأسموهم الطرف الثالث !

العلم والمعرفة يعني ان تعرف من أنت، واين انت وسط العاصفة، والى أي ميدان تصطف وتُحسب قال الإمام علي عليه السلام “اعرف الحق تعرف أهله، واعرف الباطل تعرف من أتاه” فالمعرفة حماية للذات وبالنتيجة صيانة للمجتمع، فكما كفل الدستور العراقي حق التظاهر، كفل كذلك حق الدولة بالحفاظ على الأمن وبسطه، المعرفة الحقة بحقوق الفرد يجنبه الاعتداء على حقوق غيره ومصادرتها٠

ان البحث الدائم عن المعرفة والتحقق في مصادرها، اشبه بطوق نجاة، أما الجهل فهو أفة العقول يجعل منها قطيع تسير بدون دراية ولا ادراك، اذ يشل كل مجسات المعرفة ويجعلها صماء عن التفاعل مع العالم الخارجي (نفذ ولا تناقش)
والصورة اوضح ما تكون بمجاميع انتشرت في بعض المحافظات (فرق مكافحة الدوام)٠

هنا تتمركز الخطورة فلا يمكن لعقل بشري واحد اختزال المعرفة، لان اختلاف العقول واختلاف مصادر المعرفة، ما هي الا من اجل التلاقح والتبادل المعرفي، اذ لا تقوم المعرفة على درجة واحة، بل هي سلم تصاعدي تراتبي تراكمي، وهذا لا يمكن لعقل بشري حمله لوحده٠

ونحن نشهد هذه الأيام انتشار “وباء كورونا “في العالم فان المعرفة هي العلاج الحقيقي، في كيفية الوقاية منه وأسلوب التعامل معه، وهكذا فلا غنى لنا عن المعرفة وحلول كل مشاكلنا يكمن في البحث فيها واتباعها٠

——————————————————————————————
*نظرية المعرفة: مجد خضر

أحدث المقالات