18 ديسمبر، 2024 10:53 م

كيفية استرجاع الاموال العراقية المسروقة والمنهوبة وأشكاليات استحصالها ولايفلت أحد ومهما كان وتجذر !!!

كيفية استرجاع الاموال العراقية المسروقة والمنهوبة وأشكاليات استحصالها ولايفلت أحد ومهما كان وتجذر !!!

حيث ان السياسات الإقتصادية الفاشلة للحكومات العراقية المتعاقبة منذ 17 عاماً أدت إلى إفقار العراق, حيث ان الطبقة السياسية من زعماء وحاشيتهم من سياسيين ومقاولين مارسوا النهب الممنهج من الخزينة العامة وحيث ان القوانين العراقية لا زالت لا ترتقي إلى المعايير المطلوبة وأبرزها قانون الإثراء غير المشروع الهجين والمهين والذي يحمي الفاسد وحيث ان القضاء قد وقع بفخ التقصير الممنهج لناحية ملاحقة الفاسدين وناهبي المال العام ولم يقم بواجبه لناحية المراقبة والمحاسبة حيث ان الإعلام الإستقصائي قد حقق قفزة نوعية من خلال الإضاءة على حالات فساد وسرقة موصوفة للمال العام دون ان تتحرك أي جهات رقابية اكانت قضائية او تنظيمية وحيث ان معظم الفاسدين من السياسيين وأزلامهم قد عمدوا إلى تحويل الأموال التي قاموا بنهبها إلى خارج لبنان دون حسيب ولا رقيب بالرغم من كونهم “أشخاص معرضين سياسياً

مما يفرض على المصارف التجارية التي جرى التحويل عبرها إبلاغ هيئات التحقيق الخاصة لتعمد الى إيقاف التحويل واجزاء التحقيق والتقصي لشبهة إنطباق صفة أموال منهوبة على هذه المبالغ ,وحيث انه هناك تجارب دولية ناجحة في أوكرانيا وتونس والجزائر لتجميد وإستعادة الأموال المنهوبة وحيث ان المجتمع الدولي المانح والمؤسسات المانحة هي مسؤولة بشكل مباشر لمعرفة مصير الأموال التي تقوم بمنحها او اقراضها للعراق وحيث ان البرلمان الأوروبي قد عقد مؤخراً جلسة خاصة بالعراق لإسترداد الأموال المنهوبة وقد أثمرت حركة دولية تجّلت بحضور احد ابرز القضاة الدوليين المختصين باستعادة الأموال المنهوبة وحيث ان المال العام هو مال الشعب والذي هو مصدر السلطات والذي يعاني الأمرين من جراء السرقة والنهب والفساد من قبل من يدعّون رعاية البلد…

وتعد جرائم الفساد الإداري والمالي من المعضلات المعقدة التي واجهت العراق في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الثانية، وقد ذاق الشعب العراقي الأمرين من النظام الدكتاتوري السابق والحكومات العراقية التي تلت التغيير عام 2003 بسبب تفشي ظواهر استغلال المنصب الوظيفي للنفع الخاص وتكلل ذلك بنهب مليارات الدولارات من ثروة الشعب وهربت الى الخارج كأرصدة وعقارات لهؤلاء وذويهم، وقد تفنن البعض في أساليب إخفاء جرائمهم بتسجيل الأموال في أرصدة بنكية بأسماء ذويهم أو أسماء مستعارة مستغلين تعدد جنسياتهم وعلاقاتهم مع بعض الجهات الخارجية، كما ان البعض منهم ضليع في جرائم غسيل الأموال في العراق تحت مسميات كشركة أو مؤسسة أو متاجر وحتى مؤسسات خيرية وغيرها وقد ساعد هؤلاء السراق العديد من العوامل التي تضافرت لتعينهم على ارتكاب جرائمهم والخلاص من الملاحقة القانونية ولعل من ابرز هذه العوامل الآتي:-

اولاً// الظروف السياسية المعقدة في البلد:- المتمثلة بالتنافس الذي اخذ طابع الصراع غير الأخلاقي بين الأحزاب والكتل السياسية سواء منها الممثلة في العملية السياسية أو غير الممثلة عبر التشكيك بكل الخطوات الإصلاحية وتثبيط الجهود الرامية لمحاسبة الوزراء الفاسدين ولم تألو هذه الجهات جهداً في سبيل ذلك مستغلة امتداداتها الإقليمية أو الدولية وتحريك الشارع العراقي بتصوير الأمر زوراً وبهتاناً بأنه استهداف على خلفية قومية أو مذهبية.

ثانياً// الواقع الأمني:- وما مثله من تحدي للجميع حكومة وبرلمان وافرد الشعب ولاسيما الجهات الحكومية المعنية بمتابعة هذا الملف والمنظمات غير الحكومية وغيرها.

ثالثاً// النقص في الجانب القانوني والتنظيمي:- اذ لم يضع الدستور العراقي لعام 2005 والقوانين التي صدرت بناءً عليه باستثناء قانون هيأة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 آليات قانونية فاعلة وملزمة للجميع بتعقب مرتكبي هذه الجرائم، كما ان الجهات المعنية يعوزها التنسيق والعمل الجماعي المنظم.

رابعاً// العقبات القضائية:- المتمثلة بنقص الأدلة المؤدية إلى اكتشاف هذه الجرائم ومتابعتها واستصدار الأحكام القضائية اللازمة.

خامساً// تخلف النظام المصرفي في العراق والعقبات الكؤود التي تحيط بعمل البنك المركزي ما حال دون الرقابة الحقيقية على عمل المصارف الأهلية التي تستعمل في تهريب العملة الصعبة من العراق تحت مسميات وأنشطة عديدة مشبوهة.

وان تتبع هذه الأموال المسروقة المودعة في المصارف والتي استغلت لشراء العقارات في دول الجوار أو الدول الأوربية ليس بالعملية المستحيلة إلا أنها تشوبها بعض المصاعب التي تذلل بتضافر الجهود ولعل في مقدم هذه المصاعب طمس معالم اغلب جرائم سرقة المال العام وإتلاف الأدلة المادية كما إن ضعف الدبلوماسية العراقية أخذ زمام المبادرة لمتابعة استرجاع المجرمين وأموالهم المهربة بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة فاقم من خطورة الأمر ولم يستثمر العراق علاقاته مع الدول لاسيما الأوربية للحد من تسريب الأموال وحالت سرية الحسابات المصرفية ورغبة الدول بعدم زعزعة الثقة بمن يودعون أموال في مصارفها بقصد الاستثمار دون إعلام العراق بحجم الأموال المهربة إلى الدول الأخرى. وفي الوقت الذي تنشط هيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية والبرلمان بلجانه المختلفة لكشف ملفات الفساد والحكم على الفاسدين نجد إن ملف الاسترداد تركه أصحاب الشأن جانباً وكأنه أمر ثانوي في الوقت الذي يمثل هذا الأمر أولوية قصوى لاسيما مع أزمة هبوط أسعار النفط وترنح موازنة العراق لعام 2016 ومخاطر الاقتراض الخارجي على الاقتصاد الوطني ولو استرجعت تلك الأموال لكانت كفيلة بسد عجز موازنة البلد وتمويل أكثر من (عشرة ألاف) مشروع متلكئ.

لهذا نستعرض بعض الآليات التي نجد إنها ممكنة للعمل على استرداد أموال البلد وكالاتي:-

اولاً// الطريق القضائي، وهو يكون على مستويين هما:

الأول المستوى الوطني:- إذ ورد في قانون الادعاء العام رقم (159) لسنة 1960 المعدل ما نصه ((المادة 2// للادعاء العام إضافة إلى الجهات التي يعينها القانون إقامة الدعوى بالحق العام )) وورد في المادة (8) على الجهات القائمة بالتحقيق إخبار الادعاء العام بالجنايات والجنح فور العلم بها وعلى الدوائر والمؤسسات كافة إخباره في الحال بحدوث اية جناية أو جنحة تتعلق بالحق العام، وجرائم الفساد كلها من سنخ الجنايات كالرشوة والاختلاس والاستيلاء وغيرها وتنص المادة (11) من قانون هيأة النزاهة رقم (30) لسنة 2011 على ان للهيأة صلاحية التحقيق في أي قضية فساد تحت إشراف قاضي التحقيق المختص وما ورد بالمادة (10/سابعا:- ان من تشكيلا هيأة النزاهة دائرة الاسترداد تتولى مهمة جمع المعلومات ومتابعة المتهمين المطلوبين للهيأة خارج العراق واسترداد أموال الفساد المهربة للخارج بالتعاون والتنسيق مع الجهات المعنية).

الثاني على المستوى الدولي:- اذ تسمح العديد من الدول للأجانب كهيئات أو أفراد بمقاضاة أفراد آخرين سواء ممن يحملون جنسيتها أو من المقيمين على أراضيها كهولندا وبلجيكا والمملكة المتحدة وغيرها ومن الممكن ان يتم تشكيل فريق من المختصين وتكليفه بهذه المهمة.

ثانياً// الطريق غير القضائي:

1- التعاقد مع شركات عالمية استشارية في مجال المحاسبة والتعقب تتولى مراجعة قيود الصرف من دوائر الدولة العراقية منذ العام 1968-ولغاية الان اذ تملك تعقب عقود الشراء والتجهيز والمقاولات وغيرها لاسيما المبرمة مع شركات التسليح وغيرها التي رافقتها شبهات فساد وعمولات ضخمة ذهبت لجيوب بعض الانتهازيين، حيث تقوم هذه الشركات بالرجوع إلى الشركات الام لمعرفة قيمة الصفقة الحقيقية وكيفية ابرامها ومن هم الوسطاء في ذلك

2- التعاقد مع شركات متخصصة عالمية للاستخلاص المالي (STOLEN ASSET RECOVERY INITIATIVE) من اجل استرجاع الأملاك والأموال المنهوبة والمخفية في بلدان متعددة إذ تقوم هذه الشركات بكافة الإجراءات مقابل حصولها على نسبة معينة من الأموال المسترجعة.

3- تفعيل إجراءات هيئة النزاهة باستعادة الأموال من خلال اللجوء إلى مكتب محاماة مستقل كما فعلت نيجيريا إذ تعد الأخيرة رائدة في هذا المجال فبعد انتهاء حكم الدكتاتور “ساني اباتشا” قامت الحكومة بتحقيق موسع وحملة لاستعادة الأموال التي استولى عليها اباتشا وأعوانه بالخارج والمخفية في شبكة معقدة من الحسابات البنكية في دول أوربية عدة في عام 1998 فتحت الشرطة تحقيقاً وعام 1999 استعانت الحكومة بمكتب محاماة سويسري يدعى ((مونفريني)) من اجل تعقب الأموال وبحلول ديسمبر من العام ذاته قبلت السلطات السويسرية أول طلب مساعدة قانونية متبادلة ما مهد الطريق لإصدار قرار بالتجميد ورغم إن الحكومة السويسرية اشترطت صدور حكم نهائي من المحاكم النيجيرية بالمصادرة، إلا إن مكتب “مونفريني” استطاع الحصول على حكم وصف بالتأريخي بعدم الحاجة إلى حكم محلي لوجود ما يكفي من أدلة تثبت فساد اباتشا ومعاونيه استردت نيجيريا جزء كبير من أموالها المودعة في البنوك السويسرية.

4- مراجعة جميع المشاريع المتلكئة في العراق باستدعاء ممثلي الشركات والمقاولين لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء توقف العمل والعقد الذي تثور حوله شبهات معينة يتم مراجعة جميع إجراءات إبرامه وتنفيذه والتأكد من الأسباب الحقيقية التي حدت بالجهة الوزارية أو المحلية اختيار المتعاقد دون غيره وبذلك يمكن كشف السر وراء إحالة اغلب مشاريع الوزارات والمحافظات إلى شركة بعينها وبأسعار خيالية في أجواء تشوبها الشبهة وعدم الشفافية لارتباطها بأحد الأحزاب أو الشخصيات المتنفذة.

5- تفعيل دور البنك المركزي العراقي لمكافحة جرائم غسيل الأموال وضبط الأموال التي يراد تهريبها إلى الخارج من خلال مكتب مكافحة غسيل الأموال المؤسس تنفيذا لقانون مكافحة غسيل الأموال رقم (93) لسنة 2004 على المصارف العراقية لاسيما الخاصة منها وتفعيل إجراءات سحب الترخيص والغرامات وغيرها من الجزاءات الإدارية على المصارف الأهلية التي تضطلع بتهريب كميات من الأموال لصالح أشخاص طبيعيين أو معنويين.

6- تفعيل دور الدبلوماسية العراقية والتعاون بين وزارة الخارجية والعدل ومجلس القضاء الأعلى لاسترداد الأموال والاستفادة من التجربة الفلبينية في هذا الميدان التي استمرت جهودها قرابة (18) عام بعد حكم ماركوس حتى تمكنت من الوصول إلى نتائج ايجابية في هذا المضمار إذ بدأت إجراءاتها بتشكيل لجنة رئاسية عام 1986 وتواصلت دبلوماسياً مع السلطات السويسرية والشرطة الدولية وتمكنت من رفع دعاوى أمام المحكمة العليا السويسرية انتهت لصالحها بعد أعوام من الإجراءات القضائية.

7- كما نقترح على الحكومة العراقية تشكيل لجنة موسعة تضم ممثلين عن مجلس القضاء الأعلى وهيأة النزاهة (دائرة الاسترداد) وديوان الرقابة المالية والبنك المركزي وأعضاء من وزارات الخارجية والعدل والداخلية ومختصين بالشؤون القانونية من أساتذة ومحامين ومهتمين بالشؤون المالية لحصر الأموال المنهوبة والمستولى عليها بشكل غير قانوني وتشكيل فرق من المحامين للذهاب إلى الدول الأوربية والعربية للتفاوض معها حول سبل الاسترداد أو متابعة جهود الاسترداد بالتعاون مع مكاتب محاماة متخصصة هنالك واقتراح انسب السبل للوصول إلى الأموال المهربة.

ثالثاً// تفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة ومنها –

1- اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لعام 2003 التي دخلت النفاذ العام 2005 وصادق عليها العراق بالقانون رقم (35) لسنة 2007، إذ بالرجوع إلى الفصل الخامس المعنون “استرداد الموجودات” المواد (54و55) نجد إنها وضعت إجراءات لابد من استيفائها ليتمكن العراق من استعادة الأموال المنهوبة والمسروقة من قبل الموظفين وكبار المسئولين الحاليين والماضين ومن أهم هذه الإجراءات الآتي :‌أ- وجود أمر قضائي صادر من المحاكم العراقية بمصادرة الأموال ويقدم نسخة منه إلى الدولة الموجودة هذه الأموال على أراضيها بصورة ودائع أو عقارات أو غيرها **‌ب- إن يكون قرار المصادرة قائم على أسباب معقولة ومقنعة للدول الأخرى**‌ج- على الدولة التي تتلقى الطلب أن تحيله إلى سلطاتها القضائية المختصة للنظر به وفق قوانينها وأنظمتها الوطنية لغرض تنفيذه على الموجودات الإجرامية على أراضيها، وعلى هذه الدولة اتخاذ التدابير اللازمة لحصر هذه الأموال وتحديدها بغية الحجز عليها**‌د- تقوم كل الدول الأطراف بتزويد الأمين العام للأمم المتحدة بنسخة من قوانينها وأنظمتها الداخلية التي تكفل مصادرة الأموال محل جرائم الفساد.

إلا إن الملاحظ أن الاتفاقية قيدت المصادرة والإرجاع بصدور القرار من محكمة مختصة عادية وفق إجراءات أصولية تتيح للمتهم حق الدفاع وبالتالي يستفيد بعض المجرمين من هذه الفقرة بادعاء إن العراق قد لا يستفيد من هذه الاتفاقية لاستعادة ممتلكاته التي نهبها النظام السابق لأنها صدرت من المحكمة الجنائية العليا بموجب قانونها رقم (10) لسنة 2005، والجرائم الإرهابية المنسوبة لبعض السياسيين والتي ارتبطت بها جرائم فساد فقد صدرت عليهم الأحكام من المحكمة الجنائية المركزية المؤسسة بالأمر رقم (13) لسنة 2004 المعدل وتعد كلا المحكمتين بنظر بعض الدول محاكم خاصة وليست محاكم عادية ما قد يعرقل إجراءات المصادرة التي تصدرانهما لأموال الفاسدين لذا هي دعوة لمجلس القضاء الأعلى لإصدار البيانات اللازمة التي توضح للعالم اجمع أن هاتين المحكمتين متخصصتين بنوع من الجرائم وليستا محاكم خاصة أو استثنائية وإنهما يوفران للمتهم كل الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه وفق الدستور والقوانين النافذة.

2- الاستفادة من مبادرة STAR الموقعة بين البنك الدولي ((World Bank ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة: التي أطلقت في سبتمبر 2007 وهي شراكة ترمي إلى دعم الجهود الدولية لمنع الأموال الفاسدة من الحصول على ملاذ آمن، وتعمل المبادرة مع البلدان النامية والمراكز المالية لمنع غسل حصيلة أموال الفساد ولتسهيل رد واستعادة هذه الأموال والأصول المنهوبة على نحو أسرع وأكثر منهجية
والطريقة الانجح والاكفأ هي الطريقة السعودية ؟؟؟

أحتجاز الخمس نجوم يُعيد أموال الدولة.. هل انتصر بن سلمان؟ نجحت التسوية المالية في إعادة 100 مليار دولار إلى خزائن الدولة السعودية. فهل كتب محمد بن سلمان فصلاً جديداً أكثر إيجابية في حياة المملكة؟ أم أن هذه التسوية التي تمت دون العودة إلى قضاء مستقل بعيدة عن الإصلاح المنشود؟انتهت فصول قضية “ريتز كارلتون”، وهو اسم الفندق الذي آوى العشرات من كبار الشخصيات السعودية، بإخراج جميع من فيه، في مشهد كثير الضبابية لم تعلن فيه السلطات السعودية بشكل رسمي أسماء الموقوفين ونوعية التهم الموجهة إليهم. وزاد من تعقيد القضية، اشتراط السلطات السعودية لتسويات مالية مع غالبية الموقوفين قبل إطلاق سراحهم، بدل التوجه نحو الإجراءات القضائية الكفيلة بالبت في اتهامات جسيمة تخصّ الفساد.القضية التي بدأت قبل ثلاثة أشهر في إطار حملة على الفساد دخلت في منعطف جديد اليوم الثلاثاء (30 يناير/كانون الثاني 2018) ، عندما نقلت رويترز عن مسؤول سعودي إطلاق سراح سجناء فندق الخمس نجوم. وقد أكد النائب السعودي في بيان رسمي أنه من أصل 361 شخصاً تم استدعاؤهم للتحقيق، لا يزال 56 منهم رهن الاحتجاز -نُقلوا إلى مكان آخر- لرفض السلطات التسوية معهم بسبب وجود قضايا جنائية أخرى، مشيراً إلى استخلاص 400 مليار ريال (106.7 مليار دولار) من عمليات التسوية، أي تقريباً المبلغ ذاته الذي حدده كهدف للحملة على الفساد، مؤكداً كذلك الإفراج عن الذين.”لم تثبت عليهم تهم وليد آل إبراهيم. ورغم التأكيدات الصادرة عنهما ببراءتهما من أيّ ملفات فساد، إلّا أن تصريحات مسؤولين سعوديين تشير إلى أن الاثنين وافقا بدورهما على تسويات مالية . وقد دافعت وسائل إعلام سعودية عن اتباع مبدأ التصالح المالي في القضية، معتبرة أن عدداً من دول العالم تلجأ إلى هذا النهج في قضايا إهدار المال العام حتى تتم إعادة ما تم اختلاسه. لكن في الجانب الآخرـ قد تسود تخوّفات بين المستثمرين الأجانب، الذين تخطّط السعودية لجلبهم إلى البلاد في إطار رؤيتها الاقتصادية الجديدةـ من حقيقة الإجراءات ضد الفساد، ومن إمكانية أن تكون هناك تصفية حسابات في الاعتقالات بما يعبّد طريق ولي العهد لتقليم أظافر من قد يزاحمونه في حكم قوي للمملكة، خاصة مع السرية التي تحيط بمجمل القضية .أن كل المتهمين كانوا جزءاً من النظام، بل إن “عدداً منهم متهمين بالفساد في أنظمة دول أخرى، وطبيعة الأسماء الموقوفة: “هناك أمراء ووزراء ورجال أعمال كبار، غالبيتهم كانوا شركاء في إشاعة الفساد بالمملكة عبر الاستيلاء على الأموال بطريقة غير مشروعة، أو استغلال النفوذ للإثراء غير المشروع، لذلك وضعتهم الدولة أمام خيارين: الاعتراف وإعادة الأموال، أو المرور إلى القضاء إن رفضوا التسوية لكن لمَ التوقف عند التسوية المالية لوحدها بدل السجن؟ يُجيب آل زلفة: “هناك ظروف خاصة للموقوفين وللدولة هي من حتمت اللجوء إلى خيار التسوية بدل السجن. الدولة حالياً في حاجة إلى المال أكثر من حاجتها إلى سجن المتورطين. كما لا يجب أن ننسى أن الأذى الكبير الذي لحق بسمعة المتورطين هو كذلك نوع من العقاب لهم”. ويُردف المتحدث أن هذه الحملة ستعزز من قوة الاقتصاد السعودي عبر معاقبة الفاسدين الذين كانوا يضرّون بمصالح المستثمرين السعوديين والأجانب

تداولت العديد من الصحف العربية والأجنبية، قيام المملكة بإجراءات تسوية مالية مع المتهمين بالفساد، واتخذت اللجنة العليا لمكافحة الفساد، إجراءات التصالح الجزائي مع المتهمين بعد حصولها على موافقة ملكية، شريطة أن تكون التسويات تصب في المصلحة العامة ونتيجة إجراءات التسوية مع المتهمين بالفساد، تمَّ إخلاء سبيل عدد منهم مقابل إرجاع مبالغ أخذوها بطرق غير مشروعة إلى خزينة الدولة، متضمنة التسوية عملية استرجاع أموال وأصول، بلغ حجمها مئات المليارات في صورة حسابات بنكية وأموال سائلة وأصول متراكمة داخل السعودية وخارجها ما بين الابتداع والتاريخ، بشأن رد أموال الدولة مقابل التصالح، تطرح هذه الورقة التساؤل حول خلفيات هذا الإجراء، ومدى حقيقة وجوده داخل البيئة السياسية في مختلف البلدان والأنظمة الحاكمة باختلاف أيديولوجيتها؟

أنتج الفكر السياسي مجموعة نظريات ومذاهب سياسية كثيرة، وأصبحت السياسة اصطلاحًا، هي اسم للأحكام التي تدار بها شؤون الأمة في حكومتها وتشريعها وقضائها، وفي جميع سلطاتها التنفيذية والإدارية، وفي علاقتها الخارجية التي ترتبط بغيرها من الأمم. فلكل أمة في هذه النواحي سياسة وأحكام وإجراءات خاصة، وكل واحدة من هذه السياسات تتمثل في مجموعة من الأحكام تدبر بها شؤون الأمة في الجانب المتعلق بها، وبالتالي فالسياسة النقدية تتعلق بالجانب النقدي لهذه الأمة، وبالتالي فإنه يمكن القول بأن السياسة هي اتباع منهج أو طريقة لإدارة جوانب المجتمع المختلفة، سواء تعلق بالجانب الاقتصادي أو المالي أو النقدي أو الزراعي أو الصناعي أو التجاري ولمَّا كانت السياسة النقدية والمالية، هي جزء من الفلسفة السياسية لنظام الحكم داخل أي بلدة، فإن التصريح السياسي لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، في حديثه التلفزيوني لـ”تلفزيون الإخبارية” “لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد.. سواء كان أميرًا أو وزيرًا، وأيًا من كان”، مؤكدًا على أن “أي شخص تثبت عليه الأدلة (بالإدانة) سوف يحاسب” ، يعني أن السياسية الداخلية تقتضي ملاحقة أي شخص، بغض النظر عن منصبه، تثبت إدانته في قضية فساد وهدف الإضرار بالمصلحة العامة.

وإذا كانت فلسفة السياسة النقدية، عبارة عن جميع الوسائل المختلفة التي تطبقها السلطات المختصة في شؤون النقد والائتمان لتحقيق هدف اقتصادي محدد، حيث تمثل موقف السلطة السياسية اتجاه النظام النقدي الدولي للمجتمع الذي يحكمه، فإن السلطة السياسية -بناء على ذلك- تقوم بتحديد بعض الأهداف القومية التي تسعى إلى تحقيقها على الصعيد الاقتصادي، ومن ثم تستخدم الوسائل المختلفة لتحقيق هذا الهدف أو الأهداف عن طريق اتباع للسياسة النقدية المناسبة التي تساعد على خلق الظروف الملائمة لتحقيق هذه الأهداف .وعقب أيام قليلة من تصريح ولي العهد، بشأن ملاحقة المتهمين بالفساد، فقد أوضح من خلال حوار آخر، تبني الدولة لفلسفة مرنة مع المتهمين الذين ثبتت إدانتهم بالفعل؛ حيث قال في حوار لصحيفة “نيويورك تايمز”: “إن المتهمين بالفساد وافقوا على إعادة الأموال، وإن ما نسبته 95 % منهم وافق على التسويات، الأمر الذي يعني أن عليهم دفع مبالغ مادية أو وضع أسهم من شركاتهم في وزارة المالية السعودية وعبر هذا التصاعد في وتيرة الحدث، فإن السؤال المنطقي هو: ما سبب لجوء القيادة السياسية لمنطق استرداد أموال الدولة مقابل التصالح مع من ثبت تورطهم؟ ثم هل كان في الأمر ابتداع، أم أن فلسفة الفكرة لها جذورها داخل المجتمع الدولي؟