قد يبدو ان معالجة التدهور في الخدمات الصحية في مدينة الناصرية اصبح امرا عسيرا فليس من المعقول ان يكون اداء هذه المؤسسة بهذا المستوى الذي لا تحسد عليه وسأتكلم عن مستشفى الحسين التعليمي كنموذج يعكس سوء الإدارة العامة في إدارة المؤسسات الصحية في المحافظة مما يتطلب إيقاف هذا التدهور المريع في أداء مؤسساتنا الصحية .
الإدارات المتعاقبة
لابد من القول ان ثبات الادارة مهم كثيرا في تقدم المؤسسة ولكن وللاسف الشديد وبسبب تعنت الادارة العامة واستبدادها بالرأي وتفردها بالإدارة دون الاخذ بنظر الاعتبار الاراء المختلفة للادارة الخاصة بالمستشفى ادى الى ان يتم تغيير ادارة المستشفى اربعة مرات في فترة قصيرة لاتتجاوز الستة اشهر وهو امر مضحك جدا ان نرى بين ليلة وضحاها ان الادارة قد تغيرت مما يعكس الفشل الذريع للادارة العامة وعدم قدرتها التكيف مع المدراء حتى الذين يختارهم هو ويالها من محنة انه يقود المؤسسة كوحدة عسكرية لايمتثل لاي من الاراء التي تختلف معه في الراي والذي اصبح اسلوبا معروفا للجميع وبات التخبط سمة ملازمة لاداء هذه الادارة مما يعكس التأثير السلبي الواضح على اداء المؤسسات الصحية في المحافظة . وهنا سأوضح بعض السلبيات التي تطفو على السطح في اداء اهم مؤسسة صحية في المحافظة
1/ شعبة الطوارئ
العمل في قسم الطوارئ في اغلب مستشفيات العالم يكاد يكون الواجهة التي يقاس بها مستوى اداء المستشفى فهوالواجهة التي تستقبل الحالات الطارئة غير الحالات الباردة والتي يلزم الن يكون الكادر فيها ممن له خبرة طويلة تتعدى الخمس سنوات في اقل تقدير لكونه يواجه مختلف الحالات التي تتطلب سرعة في انقاذ حياة الناس في الحالات الطارئة والتي قد لايمتلكها المتعين حديثا فما بالك ان اغلب العاملين في قسم الطوارئ من الجدد ناهيك عن التغيير المستمر في ادارة قسم الطوارئ حسب امزجة الادارة العامة ففي كل يوم يكون هناك مديرا لشعبة الطوارئ .
اغلب العاملين في ردهات الطوارئ من العناصر حديثة التعيين والتي تجهل ابسط معايير التعامل في عمل الكانيولا وفق الطرق العلمية او اعطاء المغذيات او التعامل مع حالات اكثر صعوبة وهذه لايتحملها الكادر قليل التدريب ولكن ماعملته الادارة العامة والتي لاتتقيد بالتعليمات الوزارية التي تلزم باشغال اقسام الطوارئ من العناصر الكفوءة ولهم خبرة طويلة اما الجدد والمشمولين وفق نظام التدرج الصحي فيتم تدريبهم في اقسام المستفى باشراف كادر كفوء ولمدة سنة واحدة ثم ينتقل الى المراكز الصحية بعد ذلك يعود الى المستشفيات لاستكمال الخبرة والذي للاسف الشديد ان هذه الدورة من التدرج الصحي المبنية وفق معايير دقيقة من قبل الوزارة لايعمل بها فالتنقلات على الامزجة ولاتخضع لاي معايير .
اما غرفة الترياج ( وهي الغرفة التي يتم فيها تحديد الاسبقيات والحالات المرضية الاكثر خطورة ) فلا تعدو كونها غرفة وضعت عليها لافتة ” غرفة الترياج ” والمريض الذي يأتي الى شعبة الطوارئ بلا مرافق يكون اشبه بالداخل في متاهة لا يجد من يقدم له ابسط الخدمات ويرمى على السرير ليحتار به المرافق في جلب الكرسي والتنقل مابين الاشعة والمختبر وغيرها فلا يوجد من يتابع حالات المرضى الذين ضاقت بهم السبل بلا مرافق … ناهيك عن عملية الغسل المستمر اثناء الدوام والنظافة شبه المنعدمة ولكادر على حد تعبير المثل الدارج ” حاج مايدري بحاج ” وزيارة مفاجئة لشعبة الطوارئ مساءا تغنيك عن كل الكلام .
فالمريض عليه ان يأخذ نفسه الى السونا رويذهب ليجلب الادوية من الصيدلية وعليه ان يتوسل ليعطى المغذي او يزرق الابرة . بأنتظار ان يطل عليه الاختصاص نهاية المطاف ليقرر مصيره . أي لاتوجد خارطة طريق للعمل داخل شعبة الطوارئ وفق اليات يعرفها الصغير والكبير في الطوارئ وبرنامج ثابت من الخدمات يفترض ان جميع المرضى بلا مرافقين وعلينا ان نقدم لهم الخدمات على اتم وجه . فأذا اصابك أي مكروه ليلا فعليك ان تجهد نفسك كثيرا في البحث عن الطبيب المقيم واذا وجدته فستراه في حال لايحسد عليها ولايوجد اختصاصي الا في الحالات القصوى .
2/ الاستنشارية
قبل ان اتكلم عن الاستشاريات وعملها لابد من التطرق الى موضوع مايسمى ( نظام الاحالة ) وهو كلمة حق يراد بها باطل فالنظام وجد اساسا لان تكون هناك مراكز صحية متكاملة يوجد فيها في ابسط الاحوال طبيب ممارس يقوم باحالة الحالات التي تستوجب الى المستشفى ليتم متابعتها من قبل الطبيب الاختصاص لكن الحال لايشبه ذلك كثيرا فأغلب المراكز الصحية يقوم فيها ( م طبي ) بالعمل مكان الطبيب مما يضطر المريض الى الذهاب الى المستشفى الذي يمتنع بدوره عن علاجه وفق الية النظام المذكور لانه بدون احالة وان استطاع الحصول على بطاقة مراجعة بشق الانفس سيجد ان الحال لايختلف كثيرا عن المركز الصحي فالاطباء ان تواجدوا سيعالجون المرضى المحالين من العيادات الخاصة وان الاوراق الخاصة بالاشعة والسونار قد انتهت لانه قد تم تحديد ثلاثة وريقات للسونار ومثلها للاشعة لكل طبيب في اليوم وبالتالي لايحصل على مامطلوب وعليه ان يذهب الى العيادات الخاصة عصرا .. فلقد تم ابتداع نظام الثلاث وريقات كنظام عمل يومي ولا ادري من أي نظام صحي في العالم جاءت هذه البدعة ومن ثم لماذا نظام الاحالة اذن ؟
3/ الرنين والمفراس
هو الاخر دخل في نظام المحاصصة وليس الاستحقاق فلكل طبيب حصة اسبوعية من الرنين والمفراس وهي لاتحتاج الى تعليق فهي بالتأكيد ستذهب الى مراجعي العيادات الخاصة اما من لم يراجع في العيادات الخاصة فعليه اما ان يذهب الى الجحيم او يدفع مبلغ خمسون الف دينار ضمن البرنامج المسائي ..
4/ الردهات
ليس حالها بأحسن من اخواتها الاقسام الاخرى فالطوابق تعج بالفئران والاوساخ والمريض اذا لم يجلب الافرشة من البيت فهو بحال لايحسد عليه ناهيك عن ان المتابعة المتعلقة بالمريض في خبر كان والمريض يجلب الافرشة من البيت وبعض الادوية من الصيدليات الاهلية ولابأس ببعض الاغذية اذن ماذا يتبقى للمستشفى كي يقدمه للمرضى سؤال نطرحه امام الادارة العامة لصحة ذي قار المنشغله بقذف الزجاجات الفارغة على الموظفين
المختبر
ربما يكون المختبر كقسم ساند اقل الأقسام تأثيرا واضحا الا انه يشكل مساحة كبيرة من التأثير على الاداء الفعلي للعملية الصحية كونها وحدة متكاملة يكمل بعضها البعض الاخر فهذا المختبر بعد الادارة الجديدة العديمة الخبرة والتي آثرت بشكل عملي على أداءه وبالتالي النتائج البائسة لمختبر كان يفترض به ان يكون مختبرا مرجعيا الا انه اصبح يعج بالكوادر حديثة العهد بالتحليلات المرضية ممن جلبوا بالعلاقات الخاصة مع المدير الجديد وبعد ان حاول اقناع المدير العام بأن هؤلاء سيصنعون المعجزات ويطوروا المختبر قام المدير بنقل اغلب الكوادر القديمة ذات الخبرة بحجج واهية لعدم قدرة المدير على العمل معهم لقلة خبرته العملية حيث منذ تعيينه قبل اكثر من سنتين لم يقم بأجراء فحص واحد يخدم به المرضى رغم تقاضيه راتبا مجزيا وكذلك الدكتور الثاني الذي شكل معه ثنائيا لايحسد المختبر عليهم وكل الذي يقوموا به هو القاء المحاضرات والكلام غير المجدي وهنا اتسائل هل الدولة تصرف هذه الرواتب الباهضة عليهم من اجل الكلام والقاء المحاضرات في الكليات الاهلية ام تقديم خدمة للمرضى سؤال نطرحه اما م السيد المدير العام . علما ان هذه الكوادر التي جلبت للمختبرخلافا لقرار مجلس الوزراء المرقم 144 لسنة 2011 (وهي مخالفة صريحة من قبل المدير العام وعدم التزامه بالقرارات الصادرة من مجلس الوزراء )
واصبح اغلب المرضى يرسلون لاجراء الفحوصات المهمة في المختبرات الاهلية وهي ظاهرة غريبة تضاف الى الظواهر الاخرى المتفشية في المستشفى الان .
الصيانه
ربما يكون هذا القسم من اكثر الاقسام خرابا فأغلب الاجهزة عاطلة والعاملين في هذا القسم تراهم بركضون وراء المشاريع التي تدر ربحا اكثر واغلب الاقسام في المستشفى تعاني من قلة المتابعة ولانرى سوى عمليات الصبغ المستمرة عند كل تغيير في الادارة وكأن المؤسسة لاتعمل الا عند تغيير الاصباغ فكل مدير يعجبه اللون الخاص به والذي يريد ان يصبغ المستشفى به .
المرافق الصحية
لانرى مكان اكثر قذارة من المرافق الصحية وهي التي تنطبق عليها المقولة اسم على غير مسمى فانت ان سلمت من المياه القذرة التي تسقط على رأسك فستجد ان القاذورات طافية وان عليك ان تمشي الهوينا حتى تسلم بعد ان تخرج بسلام وبأمكان الزائر ان يرى بأم عينيه ماقلته .
وعمال التنظيف المساكين بين رياح الشركة والعقود يتقاضون راتبا بائسا قدره 120 الف دينار لايكاد يسد رمقهم .
كل ماورد اعلاه هو قليل من كثير جعل المستشفى في حالة بائسة لايختلف عليها اثنان وهو امر نطرحه امام مجلس المحافظة الجديد ووزارة الصحة لغرض معالجة هذا الواقع المرير من جراء اداء الادارة العامة الغريبة الاطوار وربما اطرح طرفة في نهاية المطاف فأحد المدراء الاربعة في المستشفى اشترى بملايين الدنانير احذية طبية لكل المنتسبين وقاموا بتوزيعها على عجل وعند تغيير الادارة بعد اقل من ثلاثة ايام قامت الادارة الجديدة بمنع لبس هذا الحذاء ومعاقبة الذي يلبسه أي طرفة مضحكة مبكيه اكثر من هذه ومن مسؤول عن هدر المال العام هذا اليس الاجدر ان تصرف هذه الملايين بما يخدم المريض سؤال لايبدو بريئا اليس كذلك ؟