خاص : كتبت – نشوى الحفني :
على مدار الشهرين السابقين، تلقي “واشنطن” بإشارات حول نية انسحابها من معاهدة “السماوات المفتوحة”، وهو الأمر الذي يُزيد من تعميق الخلافات “الروسية-الأميركية”، ففي آخر تصريحات من الجانب الروسي، ردًا على ذلك؛ أكد مدير قسم عدم الانتشار والرقابة على التسلح بوزارة الخارجية الروسية، “فلاديمير يرماكوف”، أن بلاده ستكون مضطرة للرد في حال قررت “الولايات المتحدة الأميركية” الانسحاب من معاهدة “السموات المفتوحة”.
وقال “يرماكوف”، في تصريح صحافي، أمس: “لم تكن هناك تصريحات رسمية من الجانب الأميركي حول خطط الانسحاب من هذه المعاهدة، ومع ذلك نأسف للمعلومات المتعلقة بوجود نية محتملة للقيام بذلك”.
وأضاف: “إن الأميركيين يتحججون بشكل مزعوم؛ بأن روسيا تنتهك هذه المعاهدة لتمهيد الطريق للخروج منها”، موضحًا أن بلاده سُترد بشكل مناسب في حال قررت “واشنطن” الانسحاب من المعاهدة.
وأكد “يرماكوف” أن “موسكو” تعول على عقلانية شركائها، وتدعو إلى الإلتزام بمعاهدة “السماء المفتوحة” والمحافظة عليها كأحد الركائز القليلة المتبقية في البنية الأمنية في “أوروبا”.
يُذكر أنه تم توقيع معاهدة “السموات المفتوحة”، في عام 1992، من قِبل 27 دولة في العاصمة الفنلندية، “هلسنكي”، لتعزيز الثقة بين الدول الموقعة عليها، بحيث تتمكن أي دولة من الدول الأعضاء من جمع المعلومات عن القوات المسلحة للدولة الأخرى.
القرار ليس نهائي..
وكان رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي، “إليوت إنغل”، قد ذكر أن “البيت الأبيض” يبحث إمكانيات الانسحاب من المعاهدة، وبدوره عارض “إنغل” هذه الفكرة.
وبعد فترة وجيزة ذكرت صحيفة (وول ستريت جورنال)، نقلًا عن مصادر، أن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، قد وقع بالفعل على وثيقة يزعم أنها تؤكد نية الإدارة الأميركية في الانسحاب من المعاهدة، في الوقت نفسه، وفقًا للنشر، فإن القرار ليس نهائيًا، والمشاورات جارية.
يضر ببنية الأمن الأوروبي..
وقالت “وزارة الخارجية” الروسية، للصحافيين: “إن انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة سيضر بشكل خطير ببنية الأمن الأوروبي بأكمله ويدفعنا إلى إتخاذ خطوات مناسبة”.
كما أعرب عضو لجنة مجلس الاتحاد الروسي، (المجلس الأعلى للبرلمان)، لشؤون الدفاع والأمن، “فرانتس كلينتسيفيتش”، عن رفض بلاده لإحتمال انسحاب “الولايات المتحدة” من معاهدة الأجواء المفتوحة.
وأوضح السيناتور، بأن المعاهدة تسمح بمنع الإصطدامات المحتملة في الجو، والنزاعات والمواقف الخطرة، التي قد “تنشأ ببساطة عن طريق سوء الفهم”.
وأضاف: “ليس من الواضح تمامًا لماذا تحتاج الولايات المتحدة إلى تصعيد الموقف والتحدث عن الانسحاب من المعاهدة، إنها لعبة خطرة”.
معارضة ديمقراطية لانسحاب “ترامب”..
وبهذا الصدد، قال 4 مشرعين ديمقراطيين بارزين إنهم يعتقدون أن إدارة الرئيس الأميركي قد تنسحب من المعاهدة، التي تسمح بتحليق طائرات استطلاع غير مسلحة فوق “الولايات المتحدة” و”روسيا” وأراضٍ أخرى.
وكتب الديمقراطيون الأربعة، وهم أعضاء في لجنتي “العلاقات الخارجية” و”القوات المسلحة”، بمجلسي “النواب” و”الشيوخ”، في خطاب أرسل إلى وزيري “الخارجية” و”الدفاع”: “سيكون الانسحاب من معاهدة السماء المفتوحة، تلك الاتفاقية المتعددة الأطراف المهمة للحد من التسلح، هدية أخرى من إدارة ترامب إلى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين”.
وقال السيناتور، “روبرت منينديز”، زعيم الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بـ”مجلس الشيوخ”، والسيناتور “جاك ريد”، زعيم الديمقراطيين في لجنة القوات المسلحة، والنائب “إليوت إنجل”، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، و”آدم سميث”، رئيس لجنة القوات المسلحة بالمجلس: “معاهدة السماء المفتوحة عنصر رئيس في الأمن الأميركي والأوروبي، وسيكون أي قرار بالانسحاب منها ضربة أخرى للاستقرار الإقليمي ولأمن أوكرانيا”.
واشنطن الدولة الوحيدة التي تنفذ مهمات خارج حدود الوطن..
تعليقًا على تلك الخطوة، قال الخبير العسكري الروسي، “ألكسندر جيلين”: “هبط الأميركيون بأفعالهم إلى أدنى المستويات … الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي يمكن لجيشها أن يُنفذ مهمات خارج حدود الوطن … وهي تتهم أي دولة بأنها تُشكل تهديدًا للسلام، ولو نظرنا إلى المئة عام الماضية، نجد دول عديدة تعرضت للقصف والحرق والتدمير من قِبل الولايات المتحدة”.
روسيا وضعت قيود أمام أميركا منذ كانون ثان..
وكانت “روسيا” قد أعلنت مسبقًا وضع قيود أمام “أميركا”؛ فيما يخص اتفاق “السماء المفتوحة”، اعتبارًا من 1 كانون ثان/يناير الماضي.
وتستطيع طائرات أميركية أو روسية، غير مسلحة، أن تُحلق في أجواء الدولة الأخرى، بموجب “اتفاقية الأجواء المفتوحة”، التي تم إقرارها عام 1992، في العاصمة الفنلندية، “هلسنكي”، من قِبل 27 دولة.
وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز الثقة المتبادلة بين الدول الموقعة على الاتفاقية لتتمكن أي دولة، من الدول الأعضاء، من جمع المعلومات عن القوات المسلحة للدولة الأخرى، وفقًا لموقع (أرمز كنترول) الأميركي.
وارتفع عدد الدول الموقعة على الاتفاقية إلى 34 دولة، وبدأ العمل بها فعليًا في الأول من كانون ثان/يناير عام 2002.
وقامت “روسيا” بأول رحلة طيران استطلاعية، في آب/أغسطس عام 2002، بينما كانت أول رحلة إستكشافية للطائرات الأميركية، في كانون أول/ديسمبر من ذات العام.
وفي عام 2008، احتلفت الدول الأعضاء في الاتفاقية بتنفيذ 500 رحلة طيران في الأجواء المفتوحة، ووصل عدد الرحلات عام 2012 إلى أكثر من 800 رحلة.
نص الاتفاقية..
وتُنص الاتفاقية على أن الدول الأعضاء يمكنها استخدام طائرات استطلاع مزودة بأجهزة رؤية تمكنها من رصد جميع أنواع الأسلحة المتواجدة على الأرض في الدول الأخرى أثناء تنفيذ مهمتها.
وتستطيع تلك الطائرات رصد الطائرات والمركبات والمدرعات والمدافع.
ورغم أن تلك الصور يمكن الحصول عليها بواسطة صور الأقمار الصناعية بتفاصيل أكثر، إلا أن الهدف من القيام بتلك المهام ضمن حدود الاتفاقية؛ هو بناء ثقة متبادلة بين الدول الموقعة عليها.
وبموجب الاتفاقية؛ فإن الدولة التي تستضيف طائرات الدولة الأخرى تحصل على نسخة كاملة من المعلومات التي يتم جمعها خلال مهمتها الإستطلاعية، ويمكن لأي دولة من الدول الأعضاء الحصول على نسخة من تلك البيانات الاتفاق مع الدولة التي تملكها.
وفي عام 2010، جرت مراجعة الاتفاقية مرة ثانية، في “فيينا”، وسمحت باستخدام طائرات الإستطلاع لكاميرات رقمية في مهامها، ودعت إلى توسيع الاتفاقية لتضم دولًا جديدة.