خاص : كتبت – نشوى الحفني :
وسط أنباء عن استغناء “العراق” عن دعم “التحالف الدولي” ضد الإرهاب، أعلنت قيادة العمليات المشتركة عن إنطلاق عملية “أبطال العراق” لتطهير “الأنبار” والمناطق المحيطة بها في الحدود “العراقية-السورية-الأردنية” من عناصر تنظيم (داعش) الإرهابي.
وقال نائب قائد العمليات، الفريق الركن “عبدالأمير رشيد يارالله”، في بيان: “بعد أن حققت عمليات (إرادة النصر) أهدافها خلال مراحلها الثمانية، في عام 2019، تنطلق عمليات (أبطال العراق) المرحلة الأولى، فجر اليوم الأربعاء، وباشتراك قيادة القوات البرية وقيادة عمليات بغداد وقيادة حرس الحدود والقطاعات الملحقة بها”.
وأضاف أن هذه العملية تهدف لتفتيش وتطهير محافظة “الأنبار” والمناطق المحيطة بها في الحدود “العراقية-السورية-الأردنية”، والحدود الفاصلة مع قيادة عمليات “الفرات الأوسط” وعمليات “بغداد” للقضاء على بقايا الإرهاب وفرض الأمن وتعزيز الاستقرار من خلال 5 محاور.
5 محاور لعملية “أبطال العراق”..
وأكد على أن: “المحور الأول يتضمن قيادة حرس الحدود عمليات الأنبار، في المحور الثاني: قيادة عمليات الأنبار، بينما ضم المحور الثالث: قيادة عمليات الجزيرة، والمحور الرابع: قيادة عمليات الفرات الأوسط. وضم المحور الخامس: قيادة عمليات بغداد، وبإسناد كامل من القوة الجوية العراقية وطيران الجيش ولأول مرة تشترك قيادة الدفاع الجوي بفتح بطاريات الصواريخ المتطورة في منطقة العمليات لحماية الأجواء العراقية”.
وأوضح أن عمليات “أبطال العراق – المرحلة الأولى”؛ تستهدف مساحة تبلغ أكثر من 26 ألف كم2، وبمشاركة الوكالات الأمنية والاستخبارية كافة.
ونوه الفريق الركن “عبدالأمير رشيد يارالله”؛ بأن: “طائرات القوة الجوية، (F-16)، وأنواع أخرى ستحلق بارتفاعات منخفضة وفقًا لمتطلبات العمليات”.
الإستغناء عن دعم التحالف الدولي..
وكان مصدر أمني عراقي بارز قد أكد، لـ (سبوتنيك)، إستغناء “العراق” عن دعم “التحالف الدولي” ضد الإرهاب، في عملية “أبطال العراق”، التي إنطلقت فجر أمس الأربعاء، للقضاء على فلول (داعش) الإرهابي في “الأنبار”، غربي البلاد، وصولًا إلى الحدود مع “الأردن” و”سوريا”.
وأضاف المصدر، أن عملية “أبطال العراق”، إستغنت أيضًا عن الخبراء الفنين من “التحالف الدولي”، لتزويد طائرات (إف-16) بالصوايخ واستبدالها، والإعتماد على الفنيين العراقيين فقط.
وأكد على أن المرحلة الأولى من العملية أعتمدت على منظومة دفاع جوية عراقية خالصة، والعملية تقدمت بها القوات العراقية فقط، دون مشاركة للقوات الأجنبية، لا سيما الأميركية من “التحالف الدولي” ضد الإرهاب.
وأوضح المصدر أن طيران الجيش العراقي، والقوة الجوية، حلق بطائرات (سوخوي) الروسية المنشأ، وكذلك (إف-16)، على مستوى منخفض في أجواء “الأنبار”.
تحقيق نتائج نوعية خلال ساعات قليلة..
وبعد ساعات قليلة من إنطلاق العملية، أعلنت القوات العراقية عن تحقيقها نتائج نوعية في تدمير باقي فلول (داعش) الإرهابي، وصولًا إلى الحدود مع “الأردن” و”سوريا”.
وأفادت خلية الإعلام الأمني العراقي، في بيانين متتاليين بأن الفوج الأول في (اللواء 54) ضمن الفرقة السادسة في عمليات “بغداد”، وخلال عمليات “أبطال العراق” بمرحلتها الأولى، تعثر على عبوتين ناسفتين على شكل صفيحة معدنية، وصاروخ (SBG9)، وصاروخ قاذفة ضد الدبابات، و25 صاروخ قاذفة ضد الأشخاص.
وأضافت الخلية، كما عثرت قوات الفوج المذكور، على 82 قنبلة (هاون)، و27 قنبلة (رمانة) يدوية دفاعية صاروخ ما يسمى “الخلافة”، وهو محلي الصنع في منطقة “الزيدان” بمحافظة “الأنبار”، غربي البلاد.
وأعلنت الخلية، تمكن قطعات قيادة عمليات الجزيرة، خلال العملية، من تفجير ثلاثة عبوات ناسفة، وتدمير وكر قديم، في صحراء “الأنبار”، مؤكدة، أن القوات تواصل التقدم وفقًا للخطة المعدة لها ضمن المحور الثالث في هذه العملية.
ولفتت خلية الإعلام الأمني العراقي، في ختام بيانها، إلى أن المواد التي ضبطتها القوات أثناء تقدمها في التطهير، تم التعامل معها أصولًا.
وبعد مرور أكثر من عامين على إعلان هزيمة التنظيم الإرهابي في “العراق”؛ ما زالت عناصره تُشكل تهديدًا على المحافظات الشمالية.
عملية إرادة النصر..
وكان الجيش العراقي قد أعلن القضاء على (داعش) بعد معركته الأخيرة لتحرير مدينة “الموصل”، آخر معاقل التنظيم الإرهابي بالبلاد، تموز/يوليو 2017.
يُذكر أن الجيش العراقي أطلق، في تموز/يوليو 2019، عملية “إرادة النصر” للقضاء على فلول تنظيم (داعش) الإرهابي في البلاد.
وشملت “إرادة النصر” عمليات واسعة لتطهير المناطق المحصورة بين محافظات “صلاح الدين ونينوى والأنبار” إلى الحدود الدولية “العراقية-السورية”.
وكان مكتب القائد العام للقوات المسلحة العراقية قد قرر، في 30 كانون ثان/يناير الماضي، القيام بأعمال مشتركة مع “التحالف الدولي”، الذي تقوده “الولايات المتحدة الأميركية” في محاربة (داعش).
وتوقفت هذه العمليات في أعقاب مقتل قائد الحرس الثوري الإيراني، “قاسم سليماني”، وما تبعه من هجمات إيرانية على قاعدتين في “العراق” تستضيفان قوات أميركية.
عملية إستباقية تُدلل على وجود نشاط محتمل لـ”داعش”..
تعليقًا على إنطلاق عملية “أبطال العراق”، صنّفها خبير في الشؤون الأمنية بـ”الإستباقية”، معتبرًا أنها تهدف إلى إيقاف النشاطات المحتملة لتنظيم (داعش) الإجرامي.
وقال الدكتور “أحمد الشريفي”؛ أن العملية من حيث التصنيف هي عملية إستباقية، تُدلل على وجود نشاط محتمل أو متوقع لتنظيم (داعش) الإرهابي في المنطقة.
“الشريفي”؛ قال أيضًا: إن القوات الأمنية لا تزال في إطار المعالجة البرية، والتي بدورها تؤثر على رد الفعل، وعلى معاناة المقاتلين، فضلًا عن أن نسبة الإنجاح فيها تكون محدودة، مشددًا على ضرورة استخدام القوات الأمنية أسلوب المعالجة الجوية بدلًا من الأسلوب البري.
مشيرًا “الشريفي” إلى، أن استخدام أسلوب المعالجة الجوية أجدى وأفضل، معللًا السبب إلى عدم إمكانية القوات الأمنية في الرد الفعل الجوي، كون الحكومة الاتحادية مُصرّة على عدم التعامل مع قوات “التحالف الدولي”.
وتابع؛ إن طيران الطائرات (السيخوي) بارتفاعات منخفضة تأتي لمحدودية قتالها، مبينًا إنها طائرات إسناد جوي قريب، على اعتبار أن القدرة القتالية عالية وتدريعها العالي يجيز لها الطيران بارتفاع منخفض، وأنها لا تتأثر بالدفاعات الأرضية للنيران المعادية.
يُعرض الجيش للخطر..
ونوه الخبير في الشؤون الأمنية إلى أن الانفتاح للقوات الأمنية برًا، مُكلف من حيث الخطورة كون فلسفة عمليات (داعش) الإرهابي قائمة على الإغارة والكمائن وانفتاح القطعات في الصحراء مع قلة الدعم الجوي؛ سيعرض الجيش إلى الإغارة والكمائن عن طريق العبوات الناسفة المزروعة على سبيل المثال، مما يلحق خسائر بصفوف القوات الأمنية، مؤكدًا على ضرورة فرض السيادة الجوية وإجراء عمليات إنزال في المنطقة المراد مسحها وتحييد العناصر الإرهابية لـ (داعش) بشكل أفضل، من العمليات البرية، كما وأن الاستخدام الجوي يوفر مسارًا آمنًا للقطعات.
ورجح “الشريفي”، استمرار العمليات الإستباقية، مشيرًا إلى أن عملية “أبطال العراق” ستكون لها صفحات أخرى، داعيًا في الوقت نفسه إلى تطوير القدرات العسكرية للجيش والقدرات التقنية للطائرات والآليات العسكرية الاتحادية.
تحذير من إتباع “داعش” نظام “الغزوات”..
بالتزامن مع ذلك، حذر الخبير الأمني، “هشام الهاشمي”، من إزدياد تحركات تنظيم (داعش) الإرهابي، مؤكدًا على أن التنظيم الإرهابي بدأ بإعادة تنظيم صفوفه مرة أخرى.
وقال “الهاشمي”؛ إن تنظيم (داعش) الإرهابي استطاع، في العام 2020، من تجميع قواته وإعادة تنظيمه العسكري من حيث التجديد والتعبئة والتدريب وأصبح جاهزًا لتنفيذ عمليات نوعية؛ وليست بطريقة الفلول.
وأضاف: إن تنظيم (داعش) الإرهابي بات قادرًا على تنفيذ ما يسمى بـ”الغزوات”، وهي عمليات إرهابية متعددة تنفذ في زمن واحد.
وحول الخطوات الواجب إتخاذها من قِبل القوات الأمنية لمواجهة أية هجمات إرهابية، قال “الهاشمي”: إن تحركات تنظيم (داعش) الإرهابي باتت معلومة لدى القوات الأمنية، واليوم تم إطلاق عمليات “أبطال العراق” لتمشيط المناطق الصحراية والحدودية في محافظة “الأنبار”.
وبيّن: إن هذه العملية تهدف إلى تفتيش تلك المناطق وتدمير الأنفاق والمعسكرات التي يستعملها التنظيم الإرهابي كمقرات للتحكم والسيطرة وتدريب الإرهابيين.
التأثيرات الخارجية ساهمت في إنطلاقها..
من جهته؛ قال “إكرام بدرالدين”، أستاذ العلوم السياسية، إن عملية “أبطال العراق” مهمة جدًا، حيث إنها تستهدف القضاء على الإرهاب في “العراق”، وخصوصًا بعد عمليات “إرادة النصر”، ونجاحها في 2019، بعد ما عانت منه “العراق” من إرهاب ترك آثارًا وتداعيات سلبية على الدولة العراقية استغلتها أطراف إقليمية وخارجية أدت إلى تعقد الأمور في ظل التركيبة العراقية المعقدة من سُنة وشيعة والعديد من الطوائف.
وأشار “بدرالدين” إلى أن هناك العديد من التأثيرات الخارجية في “العراق” جعلت إنطلاق عملية وطنية للقضاء على الإرهاب مهم وضروري وسط العديد من الصراعات الدولية على أرض “العراق”، مشيرًا إلى أن هناك العديد من التأثيرات الخارجية في “العراق” إلى جانب التدخلات الإيرانية الواضحة؛ فهناك تدخلات تمثلت في (حزب الله)، وخصوصًا بعد اغتيال “قاسم سليماني”.
تتوازي مع عمليات عسكرية أخرى..
أما عن توقيت إطلاق المهمة، لفت أستاذ العلوم السياسية؛ أن إلى جانب تدخل (حزب الله)، الذي زاد بعد اغتيال “سليماني”، فالأحداث تدور بالتوازي مع العديد من العمليات العسكرية للقضاء على الإرهاب في المنطقة ودخول “أدلب” والسيطرة عليها من جانب الجيش السوري، إضافة إلى الحراك الشعبي الذي شهده “العراق” في الآونة الأخيرة.
وأكد “بدرالدين” على أهمية العملية من أجل أن يتخلص “العراق” من مختلف التحديات؛ أهمها تحدي الإرهاب وتفتيته، واستعادة الدولة الوطنية ومؤسساتها.