تقول الأسطورة التأريخية أنه في الرابع عشر من شهر شباط من عام 269م تم تنفيذ حكم الإعدام بحق القديس (الراهب) المسيحي فالنتاين في عهد الإمبراطور الروماني الوثني كلوديس حاكم مدينة روما الإيطالية اّنذاك والذي كان يحارب الكنيسة بشدة ويقف بوجه مشروعها الديني في نشر تعاليم الديانة المسيحية ، لقد وهب المبشر فالنتاين حياته في سبيل المسيحية والحث على عبادة الإله الواحد ونشر المحبة والسلام في عهد كانت تسوده الوثنية والظلم والقمع الديني في ظل حاكم كان يأمر شعبه أن يعبدوا إثنا عشر إلهاً ، إله للحب و إله للجمال و اّخر للمال والثروة وغير ذلك ، وكان من ظلم هذا الحاكم واستبداده أنه منع الزواج بين أفراد جيشه من الجنود والمراتب ظناً منه أن الزواج وما يتبعه من مسؤوليات والتزامات تجاه العائلة قد يعيق الجنود من أداء واجباتهم تجاه الوطن و الخوض في الحروب تجنباً للموت ، فكان من القديس فالنتاين أن وقف الى جانب كل من يروم الزواج من العشاق والمحبين و يبرم لهم عقود الزواج سراً في الكنيسة حتى أفتُضح أمره وإستدعاه الحاكم و زجه في السجن و عذبه ثم أعدم على أثرها و دُفن في روما في إحدى الكنائس المسيحية القديمة هناك .
هذا هو الموجز في أصل القصة ، قصة ما يسمى بعيد الحب أو Valentine Day إذ كان القديس فلنتاين داعياً و مبشراً لدينه و ناصراً للحب والسلام و داعماً للمحبين و قد ضحى بنفسه و حياته في سبيل قضية مركزية و مبدأ سامي اّمن بهما رغم جور السطان و قلة حيلته ، وهذا ما نحن بصدده بالضبط الا و هو الجانب الروحي والمبدئي والعقائدي في محتوى القصة و مضمونها وليس الجانب الديني أو التبشيري فنحن جميعاً نؤمن بتنوع الأديان و المعتقدات ونحترمها ، حيث لابد لكل إنسان أن تكون له قضية أو مبدأ في حياته يحيا من أجلهما و يتفانى في الدفاع عنهما و تحقيقهما مهما كلف الأمر والوقوف بوجه الظلم والطغيان وقول كلمة الحق عند سلطان جائر و ذلك أعظم الجهاد وأن يتعلم الإنسان كيف يرسم خارطة طريق تقوده الى التغييرالأيجابي وبناء وطن متكامل على أساس الحرية والحق والعدالة وتوفير الخدمات و رفض كافة ضروب الفساد ومحاربة الجهل والتخلف و الحث على نشر المحبة و السلام بين الناس ، و قد فعلها العراقيون الثوار الأبطال المرابطون في ساحات التظاهر والإحتجاج في أغلب محافظات العراق الأبية العزيزة منذ خمسة شهور رافعين راية حب الوطن والحياة ويكافحون من أجل أسترداد وطنهم المستباح فقالوا ولا زالوا يقولون لا و كلا لأحزاب الشيطان و أوكار الجريمة في البلاد التي تريد قتل الحب و نشر الكراهية و تسعى للتفريق بين المحبين والعشاق بل و حتى طمس الدين و تشويه العقيدة و صهر الثورة العراقية المباركة في تنور الحقد الفارسي الأسود البغيض الذي توقد ناره قوى الشر والظلام و الكراهية الموالية لإيران من الطغمة الحاكمة في البلاد والتي عجزت أجهزتها الإجرامية الجبانة أن تطفىء نار الحب في قلوب المجاهدين الثوار و لن تتمكن من ذلك مادامت رياح التغيير ولو بعد حين سوف تجري بما تشتهي سفينة العراق المحملة باّلاف الرهبان والقديسين أمثال فالنتاين من عشاق الحياة والأمل و أصحاب الكلمة الوطنية الصادقة رغم أمواج الموت التي تبتلع العشرات منهم يومياً في بحر الظلمات .
يستحق يوم الأول من شهر أكتوبر من عام 2019 أن يكون عيداً عالمياً للحب وبلا منازع ، فهل هنالك حباً يضاهي حب المواطن العراقي للعراق أرضاً و سماءً و ماءً و هواءً؟ هل هناك أشجع من المواطن العراقي الثائر و هو يطالب بحقه و يدافع عن قضيته غير اّبه بالموت ومحباً للحياة في الوقت ذاته بسلمية فاقت التصور والخيال؟
إن كانت روما تفتخر بالقديس فالنتاين والعشاق والمحبون في كل أرجاء العالم يتبادلون الهدايا والزهور الحمراء في هذا اليوم من كل عام ، فلا أحد يزايد على فخر العراق الذي قدم للإنسانية والعالم 600 شهيد على شاكلة فالنتاين من غير الجرحى والمفقودين والمغيبين ، أولئك الشهداء الذين أهدوا للعراق أنهاراً من دمائهم الحمراء الطاهرة الزكية دفاعاً عن وطنهم المسروق و حقوقهم المسلوبة لعلهم بذلك يستفزون الضمير الإنساني العالمي ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لكي يقفوا الى جانب الشعب العراقي في قضيته العادلة ولكن للأسف الشديد فقد فضل الرأي العام العالمي أن يتعامى ويغض الطرف عما يجري في العراق من مجازر دموية يذهب ضحيتها يومياً العشرات من المواطنين الأبرياء الذين يدفعون ثمن حبهم للحياة الكريمة في وطن اّمن مستقر يتمتع بالسيادة الكاملة والحضور الدولي المشرف والمتميز أسوة ببقية الدول المستقرة والشعوب الكريمة . لكم في كل يوم في جنات الخلد عيداً مميزاً للحب يا شهداء العراق الأبطال لأنكم خير من أوجد الحب و صنعه وصوره و خير من دافع عن المبادىء والقيم وأستُشهد في سبيلها ، كل عام وأنتم بخير نقولها لكل ثائر و ثائرة في العراق حتى تحقيق النصر و تحرير الوطن ومحاسبة الفاسدين.