ان المظاهرات الاخيرة التي شهدتها الناصرية وبقية محافظات الجنوب ما هي الا بداية الخروج من سطوة العمامة ومن سطوة الاحزاب الدينية منذ 2003 .
وهي تختلف عن مظاهرات 2011 من ناحية كونها منتج عراقي في حين كانت مظاهرات 2011 استنساخ واقتباس اعمى لمظاهرات الربيع العربي لذا رأينا المتظاهرين يعتلون سيارات قوات الطوارىء تقليدا ً لما جرى في مصر . في حين كان البعض الاخر وبلا أي مبرر يقومون برمي الحجارة على رجال الشرطة حتى ان حادثة رويت في ناحية الفهود ان عقيد شرطة خرج للمتظاهرين ليحدثهم بكل ادب لكنه تلقى حجرا ً أدماه والسبب الاقتباس الاعمى ايضا ً .
اما بخصوص تعليق رئيس الوزراء على فضيحة الهروب فأن كلمة ” تبين ” التي استخدمها مشابهة لكلمة فهمتكم لأبن علي كلاهما اعلان نهاية يُجبر عليه من في السلطة لن ينفعه بتدارك الوضع ولا بإخلاء مسؤوليته ولا تجدي سوى كونها اعلان نهاية .
ان اسلوب دفاع المالكي عن نفسه لم يعمل سوى انه زاد من ترسيخ الفكرة التي خلقها عن نفسه فهو اسلوب يذكرنا بأسلوب مواجهته مع الارهابي ناصر الجنابي في البرلمان وقوله انه لديه ملفات عنه ستوصله للمشنقة لأنه مسؤول عن قتل ما لا يقل عن 100 شيعي لكن ذلك لم يحصل بل فر الجنابي كما فر محمد الدايني الذي دفن الشيعة احياء .
فاكتشفنا من حينها ان رئيس الوزراء يساوم على الدم العراقي وانه لم يكن ليواجه الجنابي بملفاته الا بعد ان استفزه الاخير ولو لم يقم باستفزازه لما كلف نفسه ان يكشف جرائمه ويهدده بالقضاء . اذن من يساوم على دم الضحايا – رعاياه بالمصطلح الشرعي – مستعد للمساومة على المال العراقي .
واستخدم فايلاته مجددا ً ضد صباح الساعدي بأن كلف المجلس المستقل للقضاء بتحريك قضايا اغتصاب وقتل وفساد مالي ضده اكتشفت فجأة ونسيت فجأة .
ثم القى أوراقه بوجه شركائه السياسيين وايضا ً هو لم يكن ليشخص خطأهم ولو بعد 30 سنة قادمة لو لم يجد نفسه مجبرا ً بالبحث عن شماعة أخطاء على المستوى الأمني والخدماتي فأين كنت من مدير مدينة الطب الذي اشترط حصته ليوافق على الاستثمار !!.
ان رئيس وزرائنا (أبو الفايلات) يثبت انه انسان انتهازي يظهر فايلاته الحقيقية ويستخدم المفبركة طبقا ً لمصلحة حزبه ولمصلحة بقاءه هو بالسلطة .
ثم ظهر بالأعلام ليقول ان الهدف هو اسقاط التجربة واسقاط العملية السياسية أي معنى كلامه حرب وجود فهل من يقبل بان يكون تعيين القادة الامنين لديه – مفاتيح حرب الوجود للشعب ضد الارهاب – يكون تعيينهم على اساس شراء بدفاتر الدولارات ومن يدفع زايد مبروك عليه فهل هذا تصرف حزب وشخص يقود -نيابة عن شعبه- حرب وجود .وهل من ابقى على نفس منظومة الفساد الصدامي في واحدة من أشهر وجوهها – سرقات الأرزاق ورواتب المنتسبين – يخوض حرب وجود .
وقد يتصورون انهم عند وصولهم للمشهد الاخير ونزولهم عن سدة السلطة سيلتفتون ورائهم ليحدثوا انفسهم ان التاريخ سجل لهم اسمائهم انهم قادوا العراق وسوف يتمتعون بما اخذوا ليذوقوا بلهنية العيش حتى مماتهم لكن هيهات فالله لن يتركهم لان برقبتهم دماء الشيعة تقصيرا ً وملأ السحت جيوبهم عمدا ً فسيسحتهم ربي بعذابه فقد خاب من افترى .
ان مجيء التيار المدني سوف لن يأتي بالملائكة فهم ايضا ً من نتاج هذه الارض لكن سرقاتهم ستكون اهون ويسهل مواجهتها من قبل طبقة وسطى للتو ناتئة مطلة ً برأسها بعد آخر غياب لها منذ السبعينات فهي ستكون سرقات فردية تعتمد محدودية العلاقات الشخصية عكس سرقات الاحزاب الدينية فهي سرقات مؤسساتية سرقات مجاميع رأسها ببغداد او النجف واذرعها بالمحافظات لأنها تعتمد التحزب الديني .
ان هذه المظاهرات اضافة لظهور برامج تلفزيونية مؤثرة على الشارع كبرنامج أستوديو التاسعة وسحور سياسي ونشرة اخبار الثامنة العتيدة من قبل قناة الحرة وفضاء الحرية للفيحاء وبعض برامج السومرية والحرية تؤكد ظهور النواة لتشكيل مؤسسات مدنية تكون البديل الشعبي عن الدور السياسي للتيار الديني لذا من الظالم ومن القفز ان نقارن اعلامنا مع الأعلام المصري وكونه ذو تأثير على الشارع لان الأعلام المؤثر يعني المؤسسة المدنية ويعني الطبقة الوسطى وهي تقريبا ً لم تمس في مصر منذ انقلاب 52 في حين ان الطبقة الوسطى والمجتمع المدني لدينا اختفى كلية ً منذ الثمانينات وحل محله بالتسعينات التيار الديني والقيم العشائرية وهو الآن يتلمس اولى خطواته ليعود لنهوضه .