خاص: حاورتها- سماح عادل
“كلثوم عيّاشيّة” كاتبة تونسية، ولدت في العاصمة تونس، حيث درست ابتدائي وثانوي وجامعي. متحصلة على الأستاذية في اللغة والآداب العربية، عملت مدرسة ثانوي. تكتب الشعر والقصة، ورواية “مدن ولا سراويل” هي أول أعمالها، إذ فازت بجائزة توفيق بكار للرواية وقد رعت الجائزة وزارة الشؤون الثقافية التونسية مع جمعية الق، وأطراف أخرى.
إلى الحوار..
(كتابات) متى بدأ شغفك بالكتابة وكيف تطور؟
– شغفي بالكتابة كان قديما، طفلة متكتمة عن مشاعري كنت ألوذ بها، أكتب ما يزعجني ثم أمزق أوراقي، ثم شرعت في كتابة يوميات احتفظ بكثير منها من فترات مختلفة. بعدها جربت كتابة نصوص شعرية عبرت عن مشاغل ورؤية للعالم من زاويتي. كنت طوال الوقت أقول أني سأتفرغ ذات يوم للكتابة بعدها قررت فجأة أن أكتب رواية هكذا. وكانت “المدن”.
(كتابات) في رواية (مدن ولا سراويل) كانت قسوة الأهل والأم خاصة مأساة حياة البطلة.. حدثينا عن ذلك؟
– القسوة كانت ردّة فعل الأم، رأت نفسها في ابنتها لكنها لم تحسن التعبير عن ذلك. أرادت أن تحصنها من عالم الرّجال وأن تدفعها إلى مصير أفضل، لكن الأسلوب كان فاشلا. انتصارها للولد كان إرثا لأنها هي أيضا تعاني من فراغ عاطفي. ارتباط مولد الذكر بالتفوق استمدته من محيطها ومن تجربتها مع حبيب خذلها.
(كتابات) في رواية (مدن ولا سراويل) يزي أيضا كانت لها مأساتها. هل قصدت القول أن القسوة تتوارثها النساء؟
– يزي كانت لها مأساتها أيضا، ولكني أردت أن أقول أن القسوة لا تأتي دائما من الرجال على النساء، بل من النساء على النساء. والمدن التي يعول عليها نساء استطعن أن يوازنّ بين الرجل والمرأة في المحبّة وحتى في تحمل المسؤولية. مازالت بعض المجتمعات تعاني من رواسب التقليل من دور المرأة مهما كان موقعها، ولا ترى لها دورا سوى وظيفتها كأنثى تتزوج وتلد.
(كتابات) في رواية (مدن ولا سراويل) استخدمت العامية التونسية بكثرة.. هل هذا احتفاء بها أم ماذا؟
– استعملت العاميّة بالمقدار المطلوب لأنها ملح الحكاية، ما كان بالمستطاع أن أنقل بعض اختلاجات اللحظة بالفصحى، لأن تصور القارئ لما يحدث تماما سيشوش. ثمّ أن اللهجة التونسية في سياقات معينة كانت أوفى بالنسبة إلى لجوهر الحكاية. بعض الألفاظ أكثر دلالة من غيرها.
(كتابات) في رواية (مدن ولا سراويل) هل دار الشاذلية دار حقيقية كانت موجودة في الواقع؟
– في الرواية دار الشاذلية هي أنموذج لدار تونسية عريقة، هي روح المدينة التي تنتهك فيها حياة النساء دون أن يعي العابرون ذلك. الدار دلالة.
(كتابات) فازت الرواية بجائزة توفيق بكار.. ماذا كان شعورك بذلك؟
– فوز الرواية بتلك الجائزة كان اعترافا بحرف ظل ينسج طويلا في الخفاء، أن تقوى أول رواية أكتبها على الصمود بين روايات عديدة أخرى دعمني كثيرا. لا معنى لكتابات لا تقرأ ولخيال لا يمسك باللحظات الإنسانية الهاربة ويحيلها إلى لوحات وصور نابضة حيّة بالدلالة. قفزت كطفلة مدّت إليها لعبة مشتهاة، كامرأة ترى مولودها الأول بعد طول انتظار. الجائزة كانت تعويضا عن سنوات من الحرف الذي أخط ولا يقرأه سوى قلة ممن حولي.
(كتابات) ما تقييمك لحال الثقافة في تونس وهل تأثرت بالثورة؟
– حال الثقافة في تونس كغيره في العالم العربي اختلط باللبس في المفاهيم والإعلام هو القائد الحقيقي لهذه اللعبة .الإبداع لفظ أصبحنا نستهين به كثيرا وننسبه دون وعي حقيقي لهذا وذاك. والمسألة رهينة اعتبارات عدّة، صراع مكانة لنوع دون آخر من الإبداع. والثورة أكيد قد ألقت بظلالها على المشهد العام. ما يتمتع به التونسيون اليوم من حريّة التعبير أوجد حراكا لافتا في الجمعيات والمحاضرات والنشاطات الأدبية فيها الغث والسمين أكيد لكنها حركة لافتة.
(كتابات) ما رأيك في حال النشر وهل يدعم الكتاب الجدد؟
– النشر مسألة أخرى، الرواج هو المعضلة، قد ينشر كتاب ويجد الدعم لكننا كغيرنا سنروج لعرض مسرحي تافه بين معقوفين، وندفع من أجله أموالا لكن لن ندعم كتابا، ثم أن العزوف عن القراءة مسألة أخرى.
(كتابات) في رأيك هل تختلف كتابات النساء عن كتابات الرجال؟
– عن كتابات الرجال والنساء أنا أجيز الاختلاف، وأراه مشروعا، الرجال قد تمرسوا منذ عهود بالكتابة وحتى على الجرأة في ولوج عالم النساء الخاص والحديث عنه. تكتب النساء في العالم العربي بتهيب أكبر. في مواضيع معينة، أما من حيث القدرة على الكتابة والتحكم في لعبة القول فلا فرق.
(كتابات) هل واجهتك صعوبات ككاتبة وما هو جديدك؟
– الصعوبات التي تواجهني دائما هو وضع المرأة التي تلتزم بالعائلة وتصبح الكتابة ترفا لا تجده دائما، أنا كتبت ما كتبت بتقطع، كان بالإمكان حسمه لو كانت لي مساحات أكبر من الحرية، والخلو إلى الذات. الالتزام بالعمل والأسرة مرهق أضاع سنوات من الكتابة التي نامت في النسيان. أما عن جديدي أكتب رواية بطلتها امرأة أخرى، نساء سكبن بوحهن سابقا في قلبي أريد أن تبلغ أصواتهن أرواحا أخرى حتى يخفّ الألم.