27 ديسمبر، 2024 6:16 ص

رواية رأفة بالنساء.. أنانية ماجنة تعتمد على تحقير النساء

رواية رأفة بالنساء.. أنانية ماجنة تعتمد على تحقير النساء

 

خاص: قراءة- سماح عادل

رواية “رأفة بالنساء” للكاتب الفرنسي “هنري دي مونترلان” هي جزء ثان من رباعية بعنوان “الفتيات” أو الصبايا بحسب الترجمة العربية، وهي تحكي بشكل عدائي عن النساء من قبل كاتب شهير أناني.

الشخصيات..

كوستال: البطل، كاتب شهير، يتمتع بأنانية شديدة، يخذ موقفا عدائيا من النساء، ويصورهن بشكل دوني محتقرا إياهن.

سولانج: فتاة في العشرين من عمرها، تستجيب لإغواء هذا الكاتب وتحبه وتستسلم له تماما.

الراوي..

هناك راو عليم يحكي عن “سولانج”، وراو ثان هو البطل “كوستال” يحكي بصوته عن النساء، وعن “سولانج” أيضا وعلاقته بها. كما أن هناك خطابات بين “كوستال” وشخصيات نسائية، تستكمل هذه الرسائل الحكي.

السرد..

يعتمد بشكل أساسي على وجهة نظر “كوستال” المعادية للنساء، وهي نفسها وجهة نظر الكاتب والراو العليم وكلهم واحد تقريبا بحسب ما يشعر القارئ. الرواية تقع في حوالي 280 صفحة من القطع المتوسط،  الحكي  يبدأ “بسولانج” ثم الحكي عن العلاقة بين “كوستال” و”سولانج” ورأيه فيها، والحكي عن فتاة أخرى ظلت تحبه لسنوات.

أنانية ماجنة تعتمد على تحقير النساء..

الكاتب في هذه الرواية يقوم بتحقير النساء جميعا، له صديقة يعترف أنها ذكية وأنها كاتبة مميزة لكنه يحتقرها لأنها دميمة، ويتركها تحبه طوال خمسة أعوام دون أن يصارحها بموقفه منها، بل ويمعن في تعذيبها وإهانتها، ويصورها داخل الرواية بأنها ضعيفة ومستسلمة وتحبه لأقصى درجات الحب، رغم الجفاء الذي يعاملها به، وحتى حين يهينها تظل ترسل له رسائل مؤكدة أنها ستظل تحبه وتشتهيه وتتمناه، كما أنها كاذبة من وجهة نظره وتخترع الحيل للانتقاص منه.

و”سولانج” يصورها بشكل سيء، فهي سلبية باردة لا تظهر أيه انفعالات أو ردود فعل، وليس لها ملامح واضحة لشخصيتها، يصورها على أنها شخصية سلبية تماما خالية من الإحساس والشعور، ورغم ذلك يعمل على إغواءها ويكره استسلامها له بسهولة ويصفه بشكل سيء، وفي نفس الوقت يقول لها أنه يكره تصنع النساء وتمنعهن عنه أو رفضهن لإغوائه، يكره النساء المهتمات بزينتهن وملابسهن ويكره النساء غير المهتمات.

يؤكد مرارا أنه لا يسعى إلا إلى المتعة والاستمتاع بعلاقة جنسية مع النساء، اللاتي يختارهن وفق قواعده وأنانيته كرجل من الأغنياء ممن يعرفون بالنبلاء، وهم آفة المجتمع هؤلاء العالة الذين يعيشون دون عمل ودون فائدة ترجى بدعوى أنهم ينتمون لعائلات عريقة.

هو نفسه يعترف بذلك على لسان أبو “سولانج” الذي يحكي عن نفسه ل”كوستال” وقد أوشك على الموت، ويصور الأب نفسه عاله لا يقوم بأي عمل مهم لأن لديه ثروة ينفق منها، وأن كونه بلا عمل حقيقي في الحياة أثر ذلك على شخصيته وجعله مملا حتى في عيون زوجته.

الرواية طافحة بالكره تجاه النساء حتى أن “كوستال” يتطرف ويصور العلاقة بين الأم وابنها بأنها علاقة سيطرة من قبل الأم، ويفتخر أنه
أبعد ابنه عن أمه تعمدا حتى لا تسيطر عليه، كما يفتخر باحتقاره للعلاقات الإنسانية، كما لم يعامل أبو “سولانج” بشكل جيد رغم معرفته أنه يحتضر وفي أيامه الأخيرة.

الكاتب..

“هنري دي مونترلان” هو روائي، كاتب، كاتب مسرحي وأكاديمي فرنسي، ولد في 20 أبريل 1895 في الدائرة السابعة في باريس وفيها توفي في 21 سبتمبر1972.

كانت عائلة ميلون، التي أصبحت الآن ميلون دي مونترلان في عام 1864، وفقًا لعالم الأنساب لويس دي سان بيير عائلة صغيرة من النبلاء القدماء، يشير بعض علماء الأنساب أن عائلة مونترلان هي فرع غير نبيل من عائلتها الكبرى، إلا أن غالبهم يرى انتساب مونترلان لطبقة نبيلة جرمانية قديمة.

“هنري دي مونترلان” بدأ الكتابة مبكرا في سن السابعة أو الثامنة، بدأ بكتابة قصص صغيرة وغالبًا ما استندت قصصه إلى العصور القديمة. ثم بدأ بكتابة يومياته. أنهى دراسته في مؤسسة سانت كروا، والمعروفة بخياراتها الكاثوليكية التقدمية، كان طالبا جيدا في اللغة اللاتينية والرسم. تم طرده منها وهو في السابعة عشرة، وقد ظهر أثر المدرسة واضحاً في أعماله الأدبية الأولى، مثل رواية «مناوبة الصباح»  1920 ومسرحية «مدينة أميرها طفل» التي لم ينشرها حتى عام 1951.

التحق مونترلان بالخدمة الإلزامية بعيد اندلاع الحرب العالمية الأولى وجرح في إحدى المعارك. ثم سجل تجربته العسكرية هذه في روايتين ظهرتا بعد الهدنة وهما: رواية «حلم» بأسلوب السيرة الذاتية، وكتاب «لحن جنائزي لموتى موقعة ڤيردان» تغنى فيه ببطولات المقاتلين في الحرب.

وكانت رباعيته الروائية «الفتيات» (1936ـ 1939) المشبعة بمشاعر بغض النساء، أكثر الروايات مبيعاً في فرنسا في ذاك الوقت.

اتخذ “مونترلان” موقفاً حيادياً قبيل الحرب العالمية الثانية، فكتب في صحف الأحزاب المتخاصمة، لكنه التحق بالجيش مراسلاً حربياً لصحيفة «ماريان» الأسبوعية، وسجل وقائع هزيمة فرنسا في رواية «حلم المحاربين», كما سجل يومياته في «اعتدال أيلول» 1938 و«انقلاب حزيران» 1941 و«نصوص تحت احتلال» 1953. تم اتهامه بعد انتهاء الحرب بالتعاون مع النازية إبان احتلال الألمان لفرنسا وظهر اسمه كمؤيد لحكومة فيشي وتم التحقيق معه من أكثر من جهة إلا أن تلك التحقيقات لم تصل لشيء مؤكد.

بعد الحرب، انسحب بعيدا عن المجتمع المعاصر وسعى لتجاوز الصراعات الحزبية، كرس نفسه لكتابة مسرحيات مثل: مزقتهم عواطفهم، وكثيراً ما تعرضوا للخيانة والخسارة، غدا سيكون يومًا، الموت الذي يصنع الرصيف، والحرب الأهلية، إلخ. أنتج أيضًا العديد من الرسومات الغرافيتية، اسكتشات تمثل بدورها  مشاهد مصارعة الثيران، إلا أنه تخلى عن الرسم بعد ذلك قائلا أن “كل ما هو ليس أدبًا أو متعة يضيع الوقت”.

تسبب حادث وقع له في عام 1968 بفقدانه للبصر في عينه اليسرى ثم أصبح شبه أعمى بعد هذا الحادث، انتحر يوم الخميس21 سبتمبر1972، ابتلع كبسولة السيانيد وأطلق النار على نفسه في الفم في وقت واحد. ترك مونترلان ملاحظة لجان كلود بارات يقول فيها: “أنا أعمى أقتل نفسي”.

مونترلان مؤلف ذو إنتاج أدبي وفير للغاية وقد كتب الروايات والقصص والمسرحيات والمقالات ، وله أيضا دفاتر ملاحظات وشعر ومراسلات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة