خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد طلب من الحكومة العراقية، تعتزم “وزارة الخزانة” الأميركية، تمديد الإعفاء الممنوح لـ”العراق” من العقوبات المفروضة على استيراد “الغاز” و”الكهرباء” من “إيران”، بحسب تقارير صحافية.
ونقل موقع صحيفة (اقتصاد) الإلكترونية الإيرانية، عن صحيفة (وول ستريت جورنال) الأميركية؛ أن: “الإدارة الأميركية تُخطط لتمديد إعفاء العراق من الحظر على استيراد الغاز والكهرباء من إيران”.
وأشارت مصادر مطلعة إلى أن “الخطوة الأميركية تأتي في الوقت الذي تحاول فيه واشنطن وبغداد تخفيف التوترات؛ بعد بضعة أسابيع من التصعيد بين إيران والولايات المتحدة”.
وكانت “الولايات المتحدة”، قد أعلنت في تشرين أول/أكتوبر الماضي، السماح لـ”العراق” باستيراد “الغاز” و”الكهرباء” من “إيران” لمدة 120 يومًا؛ تنتهي الأسبوع المقبل.
خلافات داخل إدارة “ترامب”..
وقالت (وول ستريت جورنال)؛ إن هناك بعض الخلافات داخل إدارة الرئيس، “دونالد ترامب”، بشأن هذه التصاريح.
وأوضحت أن: “بعض المسؤولين الأميركيين أقترحوا أنه، وفي ضوء التوتر الأخير بين البلدين، فمن الأفضل تمديد إعفاء العراق من الحظر على الغاز الإيراني”.
ونقلت الصحيفة الأميركية، عن مسؤول أميركي مطلع على الملف الإيراني في هذا المجال؛ قوله: “نريد مواصلة الضغط على إيران، ولكن هذا لا ينبغي أن يكون على حساب زعزعة الاستقرار الاقتصادي لجيرانها”.
تهديد بإعادة النظر في تمديد الإعفاء..
من جانبه؛ قال مسؤول عراقي لصحيفة (وول ستريت جورنال)، إن: “المسؤولين الأميركيين هددوا، بغداد، بأن الولايات المتحدة قد تُعيد النظر في قرارها بتمديد إعفاء الحظر إذا تعرضت القوات الأميركية للأذى جراء هجمات محتملة في العراق”.
ويستورد “العراق” نحو 28 مليون متر مكعب من “الغاز الطبيعي” من “طهران” لمصانعه، كما أنه يشتري 1300 ميغاواط من “الكهرباء” الإيرانية لسد العجز في الطاقة الكهربائية.
طلب عراقي بضرورة استمرار تدفق الغاز والكهرباء من إيران..
وكان “العراق” قد طلب من “الولايات المتحدة الأميركية”، تجديد الإستثناء من العقوبات جراء استيراد “الغاز” الإيراني.
ومنحت إدارة الرئيس، “دونالد ترامب”، في السابق، إستثناءات تحمي “بغداد” من أي عقوبة لتجنب إغراق البلاد في أزمة؛ بشرط تحرك الحكومة للتخلي عن الطاقة الإيرانية، حيث يعتمد “العراق” إعتمادًا كبيرًا على “الغاز الطبيعي” الإيراني لتوليد الطاقة.
وقال المتحدث باسم الوزارة، “أحمد العبادي”، لصحيفة (الصباح) الرسمية، أمس الأول، إنه: “بالتنسيق مع وزارة الخارجية أشعرت الوزارة الجانـب الأميركي بمذكرة رسمية بضرورة استمرار تدفق الغاز والكهرباء من إيران؛ وأن التعامل المالي مع الجانب الإيراني لم يكن بالعُملة الصعبة، الدولار، إنما بالعُملة العراقية إذ تودع الأموال في المصارف الإيرانية التي لا تتعامل بالدولار الأميركي”.
وأضاف، أن: “العراق مُلتزم بالمدد المحددة من الولايات المتحدة الأميركية؛ بشأن الإستثناء من العقوبات على إيران، وفي حال إنتهاء المدة يمكن أن تشعر وزارة الكهرباء، الجانب الأميركي، لغرض تمديد فترة الإعفاء لكي لا تتأثر المنظومة الوطنية وساعات تجهيز الكهرباء”.
وتابع أن: “العقوبـات الأميركية، التي فُرضت على إيران؛ تنص على عدم توريد الغاز والمشتقات النفطية إلى جميع دول العالم، ومن ضمنها العراق، وأوضحت وزارة الكهرباء الجوانب الفنية والخدمية في حال إيقاف استيراد الغاز والطاقة من إيران، وهو ما سيشكل تأثيرًا سلبيًا على منظومة الكهرباء وساعات تجهيز الطاقة، حيث إن العراق يُنتج ما يقارب 4500 إلى 5000 ميغاواط إعتمادًا على الغاز الإيراني، إضافة إلى استيراد طاقة كهربائية تقارب الـ 1100 إلى 1200 ميغاواط من الطاقة الإيرانية”.
يُضاعف التحديات أمام الحكومة الجديدة..
وقد يؤدي إنهاء الإعفاء إلى تعريض “العراق” للعقوبات وتعطيل توليد “الكهرباء”، ما يضاعف التحديات أمام الحكومة الجديدة التي تواجه انتفاضة مستمرة منذ 4 أشهر.
وفرضت إدارة “ترامب” عقوبات قاسية على “إيران”، بما في ذلك مبيعاتها من الطاقة، في محاولة لإجبارها على إعادة التفاوض على برنامجها النووي وكبح نفوذها العسكري في المنطقة.
وفي هذا السياق؛ قال الكاتب، “سايمون واتكينز”، في تقرير نشره موقع (أويل برايس) الأميركي، إن: “تحديد المواقف بدأ بشكل جدي، الأسبوع الماضي، من خلال تأكيد رئيس المصرف العراقي للتجارة، فيصل الهيمص، أن البنك سوف يتوقف عن معالجة المدفوعات إذا لم تجدد الولايات المتحدة الإعفاء في نهاية هذا الشهر”.
وأضاف “واتكينز”، أن: “هذا الأمر سيؤثر على دفعات الكهرباء البالغة 1400 ميغاواط؛ وعلى 28 مليون متر مكعب من الغاز المتأتي من إيران، الذي يحتاجه العراق للحفاظ على عمل بنيته التحتية الرئيسة”.
وفي هذا السياق؛ يتجاوز الطلب على الطاقة في “العراق”، خلال فصل الصيف؛ قدرات التوليد المحلية، والأسوأ من ذلك أن هذا الأمر قادر على التسبب في اضطرابات شعبية كبرى بالبلاد، ويبدو أن إنقطاع الكهرباء المتواصل كان أحد دوافع الاحتجاجات واسعة النطاق التي اندلعت مؤخرًا في جميع أنحاء “العراق”.
يتلاعب بعلاقته مع واشنطن وطهران..
ووفقًا لـ”الوكالة الدولية للطاقة”، فإن الأوضاع ستسوء أكثر بسبب نمو عدد سكان “العراق” بمعدل يزيد على مليون شخص سنويًا، حيث من المتوقع أن يتضاعف الطلب على “الكهرباء” بحلول عام 2030.
وتابع الكاتب أن: “العراق كان يتلاعب بكل من الولايات المتحدة وإيران كجزء من العملية المحفوفة بالمخاطر التي إنخرط فيها، منذ سقوط نظام صدام حسين، في عام 2003”.
من ناحية أخرى، أفاد مصدر مقرب من “وزارة النفط” الإيرانية، لموقع (ويل برايس)، الأسبوع الماضي، أن “العراق” أكد مرارًا وتكرارًا، لـ”الولايات المتحدة”؛ أنه لا يمكن أن يحافظ على فعاليته دون إمدادات الغاز والكهرباء الإيرانية حتى يجد بديلاً واقعيًا”.
وأكد المصدر ذاته، أن: “هذا يهدف إلى ربح المزيد من الاستثمارات من الولايات المتحدة بشكل مباشر وغير مباشر، بما في ذلك تسريع الصفقات التي اتفق عليها مبدئيًا مع الولايات المتحدة قبل وقوع الهجمات على القواعد الأميركية في العراق”.
ولا تزال الصفقة الرئيسة جزءًا لا يتجزأ من خطاب “العراق” بشأن تقليل التبذير لموارده الطبيعية الهائلة من “الغاز” من خلال الإحتراق، ومن شأن هذه الصفقة أن تقُلل المستوى الحالي لحرق “الغاز” في “العراق” بنحو 20%.
وأشار الكاتب إلى أن: “شركة هانيويل – وبالشراكة مع شركة بكتل وشركة غاز الجنوب المملوكة للدولة العراقية – ستبني محطة أرطاوي للغاز التي ستعالج في مرحلة أولى ما يصل إلى 300 مليون قدم مكعب قياسي يوميًا من الغاز المصاحب في خمسة حقول نفطية جنوب العراق”.
إتخاذ إجراءات احتياطية..
وإتخذ “العراق” إجراءات احتياطية إزاء عدم تمديد “الولايات المتحدة” الإعفاء المقبل؛ وتركه دون “الكهرباء” و”الغاز” الإيراني على المدى القصير، قبل أن تتمكن الاستثمارات والصفقات الأميركية من فرض السلطة في هذا البلد، ومن أبرز تلك الاحتياطات الإحتفاظ بالمال الذي يدين به لـ”إيران” مقابل الإمدادات السابقة.
ونقل الكاتب؛ عن المتحدث باسم “جمعية مصدري النفط والغاز والمنتجات البتروكيميائية” الإيرانية، “حميد حسيني”، أن: “الحكومة العراقية أودعت حوالي خمسة مليارات دولار في حساب الضمان المجمد في البنك المركزي العراقي مقابل إمدادات الغاز والكهرباء، لكن إيران لا تستطيع الاستفادة منها بسبب العقوبات الأميركية المفروضة عليها”.
الاستمرار في عملية الاستيراد..
وبيّن مصدر إيراني لموقع (أويل برايس)، أن: “المبلغ يبلغ 6.1 مليارات دولار، وفي حال عدم تجديد الولايات المتحدة إعفاء العراق، في وقت لاحق من هذا الشهر؛ ستظل هذه المبالغ المتراكمة في الحسابات المصرفية في البلاد”.
وأشار إلى أن: “الخطوة التالية التي سيتخذها العراق هي الاستمرار في عملية الاستيراد على أي حال، ولا سيما أن حدوده الممتدة مع إيران يسهل اختراقها، ناهيك عن تاريخ طويل مشترك بين البلدين يجعلهما قادرين على التحايل على العقوبات المفروضة على صادرات النفط والغاز، وليس هناك ما يشير إلى إمكانية توقف ذلك بشكل مفاجيء”.
أسباب استمرار إيران في تزويد العراق بالغاز..
وبطبيعة الحال؛ يبقى السؤال المطروح هنا: لماذا توافق “إيران” على الاستمرار في تزويد “العراق” بـ”الغاز” والسلع الأخرى؛ إذا لم تتمكن من سحب الأموال المتراكمة من حساب الضمان المجمد في المصارف العراقية ؟.. الإجابة عن هذا السؤال تحمل بُعدين: أولًا؛ تعمل “إيران” في عدد من المجالات باستخدام منهجية تجارية قائمة على نظام المقايضة بشكل أساس.
وحيال هذا الشأن، قال المصدر الإيراني إن: “إيران تزود الصين وروسيا وغيرها من البلدان؛ بموارد النفط والغاز، في المقابل، تقدم هذه البلدان لإيران المواد التي تحتاجها، مثل المواد التكنولوجية والكيميائية والسلع المخصصة للقطاع الزراعي ومرافق التمويل، وبالتالي توجد طرق عدة يمكن أن يستخدمها العراق لدفع مستحقاته لإيران”.
أما بالنسبة للخيار الثاني؛ فيخصص “العراق” عقود إيجار وملكية لـ”إيران”؛ من خلال مجموعة واسعة من الهيئات المرتبطة بـ”الحرس الثوري” الإيراني، وذلك لاستخدامها في العقارات التجارية والشركات في المناطق وسط وجنوب “العراق”، وقد جرى نقل الملكية على نطاق محدود طوال سنوات بصفة غير منتظمة، ولا سيما في “كربلاء والنجف والناصرية”، وذلك وفقًا للمصدر ذاته.
نظام يتناسب مع إيران والعراق..
وبشأن هذا الموضوع؛ قال المصدر ذاته إن طريقة التعامل هذه تناسب “إيران”، لأنها تساهم في تعزيز هيمنتها، كما أنها تناسب “العراق” أيضًا، حيث إنه ليس من الضروري أن يتنازل عن الأموال التي تُمثل ضغطًا متواصلًا على الميزانية المنهكة بالفعل.
وخلص الكاتب إلى أن “الولايات المتحدة” لن تسمح بأن تكون خاسرة في كلتا الحالتين، وفي حال تجدد هذا الإعفاء سيبقى المجال مفتوحًا أمام “إيران” للعودة إلى طاولة المفاوضات، بشأن “الاتفاق النووي”، في حين تُحافظ على ولاء “العراق” فيما يتعلق بمشاريع الطاقة الأميركية المستقبلية، وبذلك تبُعد “العراق” عن مدار التأثير الإيراني والروسي والصيني.
وفي حال لم يتم تجديد الإعفاء سيبقى جانبًا كبيرًا من المناطق غير الشيعية ينظر إلى الحكومة، في حالة من الشك وعدم اليقين، التي تعيشها البلاد منذ عام 2003، وهو ما سيكون في صالح “الولايات المتحدة” أيضًا.