القسم الرابع
لقــد وضــعت لجنــة تطــویر الجهــاز الإداري المؤلفــة فــي وزارة التربیــة عــام 1975 ، عنــد دراســتها لهــذا الموضــوع میــدانیا ، مــا یعتبــر أول تطبیــق عملــي للمـادة (٣٣) المـذكورة ، حینمـا أوصـت بضـرورة تحدیـد نسـبة ثابتـة ، تحكـم عـدد الإداریین بالنسبة للفنیین ، حیث تم إعداد ( الوحدة القیاسـیة للأعمـال الإداریـة ) عـام ١٩٧٦ ، التـي حـدد بموجبهـا مقیـاس العمـل لجمیـع الأعمـال الإداریـة ، فـي ضـوء الوقـت المسـتغرق لإنجـاز كـل معاملـة ، قیاسـا بالجهـد المبـذول فیهـا ، أي أن المقــاییس الزمنیــة التــي تبنتهــا الوحــدة القیاســیة عملیــا ، قــد ربطــت بعضــه بأعــداد العــاملین ، وبعضــها بعــدد المعــاملات ، كلمــا كــان ذلــك أكثــر تحدیــدا وفاعلیة بالنسبة لقیاس جهد وأعداد الموظفین . ولغرض الإفادة مما تضـمنته الوحـدة القیاسـیة للأعمـال الإداریـة ، نـورد كیفیـة تحدیــد عــدد العــاملین فــي بعــض الأعمــال ، علــى أن تــتم مراعــاة المتغیــرات الحاصــلة فــي المقــاییس المعتمــدة آنــذاك ، مــن حیــث ســاعات العمــل الرســمي وعدد أیامه ، وأسالیب العمل المعتمدة ودرجة كفـاءة المـوظفین ، وأثر إستخدام الأجهزة الحديثة في إنجاز الأعمال ، وصـولا إلـى مـا یمكـن الإعتمـاد علیـه حالیـا ، حیـث أحتسـبت سـنة العمـل بمقـدار (٢٧٠ ) یومـا ، بعـد طـرح أیـام العطـل ومعـدل أیـام الإجـازات التـي یسـتحقها الموظـف وكمـا یـأتي في مثال الحالتين الآتيتين :-
التعیین :- التعیـین وإعـادة التعیـین مـن إختصـاص مجلـس الخدمـة العامـة ، وبـذلك فإن دور موظف الذاتیة فیه ، ینحصر في إعداد الأمـر الـلازم بالتنسـیب ، وهـذا لا یتطلــب كمعــدل زمنــي ، أكثــر مــن (١٥ ) دقیقــة بالنســبة للشــخص الواحــد ، وبعد الرجوع إلى ما تم تعیینه سنویا ، فقد وجد أن أعلى نسـبة للتعیـین قـد بلغـت (٢٤٠٠ ) شـخص ، وهـي تمثـل (٩ ) معـاملات فـي الیـوم الواحـد ، أي ســاعتین وربــع الســاعة مــن عمــل الموظــف الواحــد ، وقــد إتضــح للجنــة بإمكــان نفــس الموظـــف أن یقـــوم ، بمعـــاملات النقـــل والتنســـیب وإنهـــاء التنســـیب والمباشـــرة والإنفكاك للحالات المذكورة ، لدائرة ملاكها (٢٤٠٠) موظفا .
الترفیع :- قــدر الموظفــون المســؤولون عــن معــاملات الترفیــع مــن ذوي الخبــرة ، أن أكبـر وقـت تسـتغرقه معاملـة الترفیـع هـو ( سـاعة واحـدة ) ، وعلـى هـذا الأسـاس فإن بإستطاعة الموظف أن ینجز (٦ ) ست معاملات في الیوم الواحـد ، أي أنـه یســتطیع أن ینجــز (١٦٢٠) معاملــة فــي الســنة ، ولمــا كــان هــذا العــدد یمثــل (٢٥%) من عدد المنتسبین ، بإعتبـار أن معـدل الترفیـع هـو كـل أربـع سـنوات ، فإن موظفا واحدا في الـدائرة التـي عـدد منتسـبیها (٦٤٨٠) موظفـا ، یسـتطیع أن ینجز معاملاتهم وفق التحلیل المذكور .
*- إن مــن شــأن وحــدة القیــاس هــذه ، أن تضــع الحــل المناســب ، وتبعــث علــى التفكیــر العلمــي الســلیم لتطویرهــا ، كلمــا حــدث تطــور فــي آلیــات الأعمــال مــن حــذف أو تقلــیص أو إختــزال ، مــن خــلال تبســیط الإجــراءات وتحســین طرائــق العمـل المتبعـة ، و تقنـین الأعمـال الإداریـة وفـق نمـاذج محـددة ، بمـا یـؤدي إلـى تغییـر نسـبة هـذه الوحـدة ، كمـا سـیؤدي تغییرهـا إلى إدخـال الأجهـزة العلمیـة الحدیثـة في العملیات الإداریة والمالیة المستخدمة حالیا . ولأن كـل وزارة أو جهـة غیـر مرتبطـة بـوزارة ، أكثـر درایـة بشـؤونها وحاجتهـا إلى الموظفین ، فن إناطة مهمة تحدید عدد العـاملین بـالوزیر المخـتص ، كونـه المســؤول الأول والمباشــر ( عــن إدارة وزارتــه بصــورة إقتصــادیة ، فیمــا یتعلــق بعــدد المـــوظفین ودرجــاتهم ، وضـــرورة تــوفر الكفـــاءة العالیــة فـــیهم ، بالنســـبة للواجبــات المناطــة بهــم ) ، سیســاعد علــى تطبیــق قواعـــد تحدیـــد الفــائض والعجز من الموظفین بفاعلیة وحزم مطلوبین ، لما تتسم به الوحدة القیاسیة لإنجاز الأعمال من فوائد كثیرة أهمها :-
أ- وضـع الموظـف أمـام مسـؤولیاته التـي أصـبحت محكومـة بنصـاب معيـن ، مما ییسر محاسبته عند تقصیره في الأداء وإنجاز الأعمال .
ب- بیان كفاءة الموظف ، ومدى ملائمته للعمل الإداري ، إذ أن كثیرا ممن لا یصلحـون لهذا العمـل ، یختفـون وراء أعمال ثانویة أو صوریة ، مما یمكن الجهات المختصة من تأهیلهم إلى أعمال أخرى أكثر فاعلیة ، عن طریق إشراكهم في دورات التدریب المهني .
ج- تحدید الأعمال التي تزید عن القـدرة الإنتاجیـة للموظف ، والتي تتطلب الإشتغال بعد أوقات الدوام الرسمي ، ومنح أجور الأعمـال الإضافیة عنها .
د- تحدید أعداد وأسماء الموظفین الفائضین عن الحاجة ، على أسـس عدم الحاجة الفعلیة ، المستندة إلى معاییر علمیة ومهنیة .
*- إن التعقیــدات الإداریة من الظــواهر الأساسـیة التي رافقــت العمـل الإداري منذ ظهوره ، وإن إختلفـت في مقادیرهـا الكمیة والنوعیة من زمن إلى آخـر ، أو إختلفت بإختلاف البلدان أو بإختلاف الأسس الفكریة والفلسـفیة للـدول ، كمـا إن خضــوع تحدیــد درجــات العــاملین فــي الجهــاز الإداري إلــى التقــدیرات الكیفیــة القائمـة على الحـدس والتخمــین ، وعـدم خضـوعها لقواعـد ثابتـة ومحـددة ، تعتمد الجهد المبذول في كل إجراء على أسـاس الزمـن المسـتغرق لإنجـازه ، كمـا حددتـه الوحـدة القیاسـیة للأعمال الإداریة آنفـة البیان ، جعـل مـن المقارنـة بـین أعـداد العـاملین فـي جهـات مماثلة ، أو متقاربـة فـي الطبیعـة ونـوع العمـل أكثـر تعقیدا ، لإختلاف وجهات النظر في التقویم غیـر المسـتند علـى أرضـیة مشـتركة ، على الرغم من أن نسبة الإنجاز وسرعة العمل ودقة التنظـیم ، قـد تكـون أكثـر درجة وفاعلیة منتجة ، في الدائرة التـي لا یزیـد عـدد العـاملین فیهـا علـى الحاجـة الفعلیة .